«أديب الشعيبي».. تميز رغم الإعاقة

> تقرير/ نعيم الشعيبي

> يواجه الجميع صعوباتٍ كثيرة في هذه الحياة، ممّا يجعل الكثيرين يتساءلون عن جدوى الاستمرار بالمحاولة والكفاح، غير أن للنجاح لدى البعض بعد الكفاح والتعب لذةً لم يجربها غيرهم ممّن استسلموا في بداية المشوار.
والطريق إلى تحقيق الأهداف صعبٌ ومحفوفٌ بالصعاب والمشقات، وأكثر صعوبة لدى ذوي الاحتياجات الخاصة، كما هو الحال مع أديب علي الشعيبي (26 عاماً) والذي خاض الحياة بكل عزم محققا إنجازات لم يستطع تحقيقها الكثيرون وعلى عدة أصعدة بالرغم من الإعاقة التي يعاني منها منذ طفولته، وهو ما جعله محط إعجاب الكثيرين ومثالاً يحتذى به في الإصرار والعزيمة والتغلب على معوقات الحياة وظروفها القاسية.

مشكلة في العمود الفقري
في قرية "حجر" الجعافر مديرية الشعيب بمحافظة الضالع وُلِد أديب الشعيبي وهو يعاني من انحناء حاد في العمود الفقري إلى الجانب الأيمن، ليرافقه طوال حياته وتتضاعف مع تقدمه في العمر.
اختبار الشعيبي اتّباع حلمه فمنذ أن كان طالباً في المدرسة استثمر كلّ وقته للاجتهاد في الدراسة وتحقيق تحصيل علمي مرتفع، حتى يتمكن من الالتحاق بكلية الطيب في جامعة عدن "كلية الصيدلة".

استمرّ بالمثابرة، إلّا أنّه عندما أنهى الثانوية وتقدم للالتحاق بكلية الصيدلة جامعة عدن لم يتوفق بذلك؛ نظرا لعدد الطلاب المتقدمين، ولكنه لم يستسلم.

معاناة مستمرة
حصل أديب على منحة داخلية من (الجمعية الخيرية تعز) إلى جامعة السعيد في محافظة تعز "كلية العلوم الطبية"، والتحق بتخصص الصيدلة في العام الجامعي 2014/ 2013م، وفيها واجه الكثير من المعاناة، أبرزها الحرب التي ألقت بظلالها على البلاد ومنها تعطل الدراسة في الجامعة التي يدرسها فيها لسنة كاملة، ليعود على إثرها الشعيبي حاملاً أوجاعه إلى المنزل.

وبعد انتهاء الحرب في المناطق المحررة واستئناف الدارسة في حاول الشعيبي نقل ملفاته إلى جامعة عدن ليواصل مشواره إلا أنه باء بالفشل؛ لرفض طلبه، في الوقت الذي احتوت فيه الجامعة لعدد كبير من الطلاب القادمين من الجامعات الأخرى.
وفي المقابل باتت الطرقات التي يسلكها أديب الشعيبي إلى تعز وما تترتب عليها من مخاطر ومصاعب مضلة أخرى لا تقل عن تلك التي يعيشها وهو متنقلا بين مسكنه وكليته والأوجاع التي يعايشها جراء الانحناء الذي أصاب عموده الفقري.

وعلى الرغم من ذلك فقد استمرّ بالمثابرة والإصرار على تحقيق حلمه والمضي بثبات نحو المستقبل الذي رسمه دون أي تردد.
وعاد الأمل إلى نفس الشعيبي فور أن دشنت كلية العلوم الطبية دراستها، حيث سرعان ما توجه إلى تعز لمواصلة تعليمه وكفاحه، نافضاً ركام الحرب والبعد؛ لأجل حلم يراوده وتردد في مخيلته منذ إن كان طفلاً في مرحلته الابتدائية.

تمكن الشعيبي الوصول إلى المستوى الثاني ثم الثالث فالرابع وما بين مستوى وآخر واجه صعوبات ومشقات جسام، منها وصوله لمرحلة أضحى عليه يعاني كثيرا من حمل نفسه بسبب مشكلة يقاسيها في عموده الفقري، ومع ذلك ظل نجما يشع إبداعاً، يقتدى بالإصرار والتفوق والأخلاق.

تحقيق الحلم
في العام الجاري أكمل الشعيبي مستواه الجامعي الخامس بتفوق وامتياز، متطلعاً نحو مستقبل حافل بالعطاء، غير آبه لإعاقته الجسدية، وراسماً مثالاً عظيماً للكثير من أمثاله عنوانه "لا شيء مستحيل أمام الطموح".
حصد نظير تفوقه واجتهاده إعجاب وثناء مدرسيه وزملائه في الكلية، إذ قال عنه د. حمد الشعبي وهو أستاذ في علم الدواء في جامعتي تعز والسعيد ورئيس قسم الصيدلة في جامعة السعيد: "أديب طالب مجتهد جداً استطاع أن يتغلب على كل المعوقات لكي يكمل دراسته، والأهم من هذا كله أخلاقه النبيلة التي يتميز بها".

فيما قال عنه رئيس قسم الصيدلة في الجامعة الإماراتية والدكتور في جامعة السعيد تعز مختار الغرافي: "الإعاقة الجسدية لم تمنع الطالب أديب من التميز بل جعلته أكثر طموحاً للوصول إلى العلى".
وأكدت د. شيماء محمد العطاش وهي معيدة وأكاديمية في جامعة السعيد بقسم الصيدلة، أن أديب كان من خيرة الطلاب المجتهدين والمثابرين ويتطلع دائماً ليتعلم ويزداد معرفة وتطويرا لنفسه، وهو هادئ جداً وأخلاقه عالية، يحب المشاركة والتعاون مع زملائه".

ووصف مروان قاسم الجولحي، وهو أحد زملائه الشعيبي في حديثه لـ "الأيام" بأنه طالب مثابر ومجتهد، ومن الطلاب المميزين والرائعين بالدفعة ومن كان لهم بصمة في دفعة "وصفة سلام"، متمنياً له التوفيق والتفوق في حياته المهنية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى