بُترت قدماه بقذيفة حوثية بعدن.. «عماد» الطفل الذي تجاوز إعاقته

> تقرير/ وئام نجيب

> لعبته المفضلة كرة القدم وحلمه أن يكون طبيباً
"صحيح لا يوجد لدي قدمان ولكنني أملك يدين" بهذه العبارة أجاب "الطفل عماد" عن تساؤل أقرانه عن كيف باستطاعته أن يلعب كرة قدم وهو بتلك الحالة، حينما كان يمارس معهم هذا النشاط الرياضي في مدرسة الشروق المنتسب إليها والتابعة لجمعية رعاية وتأهيل المعاقين حركياً في مديرية المنصورة بالعاصمة عدن.
عماد يحيى (8 أعوام)، واحد من ضحايا حرب قوات الحوثي والهالك صالح على عدن والمحافظات الجنوبية في أواخر مارس عام 2015م، حيث أحرمته قذيفة من كلا قدميه في الوقت الذي كان لا يتجاوز فيه عمره الـ 3 أعوام.

من يشاهده وهو يلعب مع زملائه في حديقة الجمعية التي يدرس فيها بالمستوى الرابع ستعتريه الدهشة والاستغراب منذ الوهلة الأولى لاسيما، وهو يؤدي نشاط لعبة كرة القدم بكل مهارة وسرعة وإتقان.

واقعة أليمة
تقول والدته وهي تسرد لـ "الأيام" تفاصيل قصتها الأليمة: "في أحد أيام شهر رمضان الفضيل من عام 2015م، اشتدت حدة الاشتباكات في مديرية دارسعد وتحديداً حيث نسكن في حي الدُمينة، وفي فترة العصر كثفت جماعة الحوثي وصالح قصفها العشوائي غير محترمة لحرمة شهر الصيام، وكان نصيب منزلنا واحدة منها، حينها كان كلاً من وطفليّ عماد وعادل في صالة المنزل، فيما كنت أنا في طريقي إلى الحمام، وبعد الضربة مباشرة عدتُ إلى أولادي لأشاهد عماد والذي وهو مرمي على الأرض يتلوى من شدة الألم وقدماه بالقرب منه مع بتر إحدى أصابع يده اليسرى، وقتها جمعت كل قواي وحملته للغرفة لأتفاجأ بأن ابني الآخر عادل قد رمته القذيفة إلى نفس الغرفة، ورجله مغطاة كاملةً بالدماء وكان يشير ليّ بيده، لأكتشف فيما بعد بأن القذيفة قد تسببت في قصر رجله كونها قطعت العضلة والوتر.. مشهد لم ولن أنساه ما حييت، خصوصاً بأنه في ذلك الوقت كنت وحيدة في المنزل، فيما كان زوجي بمعية بناتي في الشارع؛ لهدوء الوضع قبل ذلك منذ الصباح".
عماد في حديقة الجمعية
عماد في حديقة الجمعية

وبمرارة تضيف: "في ذلك الوقت أتى طقم عسكري كان متواجداً في الحي وقام بإسعاف طفليّ الجريحين إلى مستشفى أطباء بلا حدود، ولم أتمكن من الذهاب معهما لدخولي في حالة إغماء، وحينما أفقت تم إخباري بأن فلذة كبدي عماد قد تُوفي، لم أتمالك نفسي وتوجهت مسرعة إلى المستشفى، وهناك أخبروني بأنه في قسم العناية المركزة وظل في المستشفى فترة، وبعد أن تم إخراجه من العناية المركزة كان غير قادر على الجلوس، وعندما شاهد بأنه فقد قدميه تعرض لحالة نفسية قوية، لاسيما أنه كان قبل ذلك يصر على الدخول للحمام بمفرده دون مساعدة أحد وهو الأمر الذي لم يتقبله وما يزال عصبياً حتى الآن، ويشعر بالألم عندما يسمع أحد يسأل عن إصابته وسببها وكيفية تعايشه معها، أما ولدي عادل فأصبحت رجله المصابة قصيرة، وبحسب تشخيص الطبيب في مستشفى عدن الألماني الدولي الواقع بمديرية المنصورة فإنه بحاجة إلى إجراء عملية لتطويل الوتر والتي ستكلف 475 ألف ريال، وأتت منظمة إلينا بالخصوص لتتكفل بقيمة العلاج ولكنها بعد ذلك أفادتني بأنها تمنح 100 ألف ريال فقط، فيما أضحى عماد بحاجة إلى أطراف صناعية، حيث لم تتناسب معه الأطراف التي تم تركيبها له في مركز الأطراف الصناعية بعدن، وهناك وعود من مركز الأطراف بمنحنا أطرافاً حال وصلت إليه أطراف صناعية من الخارج خفيفة وتتناسب مع حالته وما زلنا في انتظارها".

تعويض رباني
وبشيء من التفاؤل تقول: "ربنا يأخذ من الإنسان شيئاً ويعوضه شيئاً آخر، وعماد شاء الله أن يفقد قدميه ولكنه عز وجل أعطاه القوة والشجاعة ولا يخاف من أحد، كما أنه يصعد وينزل للدور الخامس دون طلب المساعدة، ويلعب مع أقرانه في الحي كل الألعاب، ولا شيء مستحيل في نظره، ولكن في الفترة الأخيرة عندما يزعلوه رفاقه في الحي يعود إليّ ويسألني "متى ستركبي لي أرجلاً؟ وهل سأتمكن من المشي؟".

وبحسب أم عماد، فقد نزحت قبل هذه الحادثة الأليمة بمعية أسرتها المكونة من زوجها وأطفالها الأربعة (بينهما طفلتين) إلى منزل إخوانها في منطقة البساتين بدار سعد، ولكن بسبب اشتداد المعارك أجبرت على العودة إلى المنزل الذي تعرض للقصف.
وتشير الأم في حديثها لـ"الأيام" إلى أن عماد كان يبلغ من العمر (ثلاث أعوام) حينما تعرض للإصابة فيما كان عادل في (8 أعوام)، متمنية من فاعلي الخير والجمعيات مساعدة طفليها وعلاجهم بقدر المستطاع.

طموح
وفي رده عن الطريقة التي يفضل بها المشي، قال عماد وهو مبتسما: "بعض الأحيان أتخذ الكرسي المتحرك كوسيلة للمشي أكان في المدرسة أو أثناء اللعب في الحي، مع أنني أستطيع الاستغناء عنه بشكل نهائي كوني أستخدم يديّ ولكنهما تتسخان، وبإمكاني اللعب أي لعبة غير أن اللعبة المفضلة لدي هي كرة القدم أو الجري، وعندما أكبر أود أن أصبح طبيباً؛ لأتمكن من معالجة الناس وأخفف من آلامهم".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى