عام التمكين للجنوبيين على أرضهم

> جمال مسعود علي

> يؤكد الكثير من المتابعين على أن عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عندما أعلن عن العام 2019م عام التمكين للجنوبيين على أرضهم بأنه يعلم علم اليقين بحقيقة ما يقول، وأن لديه تطمينات وضمانات كثيرة لم ولن يكشف عنها وهي جادة في تحريك وزحزحة العقبات الضخمة أمام مشروع التمكين الذي أعلن عنه مطلع العام الحالي، وبالفعل بدأت تتجلى أمام الجنوبيين إضاءات تدلهم على طريق التمكين التدريجي، وبعمل متكامل في كل الاتجاهات على الأرض عسكريا وأمنيا واستخباريا وسياسيا ودبلوماسيا وكذا إداريا وماليا..

كل المؤشرات تدل على وجود توافق ودعم خارجي معلن وغير معلن ظاهر وخفي، ملامحه تبينت للخصوم مباشرة فور انطلاق حملة البسط والسيطرة على الأرض وتمدد الانتقالي في الجنوب على حساب الشرعية وتراجع منسوب القوة الضاغطة في الاتجاه العكسي من خلال التغيير في ميازين القوى بين الانتقالي الجنوبي والشرعية في عدن والمحافظات الجنوبية والمحررة معها، والتي رجحت كفة الانتقالي على حساب الشرعية، وبالأخص عندما وصل الانتقالي إلى باب الشرعية في المعاشيق يقرعه للاستئذان الأخير قبل الاقتحام..

وهذا يؤكد صدق خبر إعلان عيدروس بأن عام 2019م سيكون عام التمكين على الأرض للجنوبيين وتمكن القوات الجنوبية وبمؤشر إيجابي من التحالف العربي بشقيه الظاهر والخفي والدعم الخلفي من طرفي الرباعية الدوليين بريطانيا وأمريكا تسنى للانتقالي استفزاز أوكار الدبابير ونكشها في أماكن اختبائها والاقتراب المفاجئ من مواقعها لتخرج بشكل مرتبك وبغباء إستراتيجي مكشوفة المشروع والهدف، لترصدها أعين الرقابة الاستخباراتية وهي تصطف في المكان الخطأ وتتورط في المشاركة في حرب خائبة في الاتجاه الخاطئ بعيدا ومعاديا لأهداف التحالف العربي ضد الانقلابيين الحوثيين في صنعاء ليحتشد أنصار التحالف المزيفين في جبهات غير حربية ومن غير علم غرفة العمليات المشتركة للتحالف العربي ضد الانقلاب، وبهذا كسب الانتقالي نقاطا إضافية إلى رصيده الكبير في اصطفافه إلى جانب الشرعية الحقيقية والتحالف العربي الذين ازدادت ثقتهما بالانتقالي وبتحالفه الصادق، وهذا ارتقى بالتمكين الذي أعلن عنه عيدروس إلى مستوى فوق التوقعات، فتمكن بشكل كامل وبقوة مدنيا وعسكريا ومنفردا على عدن ولحج وأبين والضالع ولينفذ عملية الاجتثاث وهو قادر، لكن النهج التوافقي الذي قطعه على نفسه وفتح به الباب أمام الجنوبيين دون استثناء في المشاركة وخدمة الجنوب.

إن ذكاء المناور السياسي الجنوبي قد أرشده إلى توزيع الأولويات في طريقة الحصول على التمكين ما بين القوة العسكرية وقوة التفاوض السياسي، فما لم يتمكن من انتزاعه عسكريا، تفاديا لوقوع الضرر على النفس والأرض الجنوبية وليس عجزا، حققه بذكاء التفاوض السياسي.

إن اقتحام المدعين للشرعية عتق ووصولهم إلى شقرة وزنجبار لم يحتسب لهم انتصارا قدر ما سجل عليهم غزوا وتحركا غير مشروع ولا مقبول من قبل التحالف، لذلك ضربت طائرات التحالف جزءا من أذرعه وقطعتها، تعبيرا عن الرفض وللي الذراع والتهديد بتغيير مسار الحرب، وصار لزاما وتحت التلويح بالعصا التراجع من قبل المقتحمين والانسحاب مع الإنذار القوي والتعهد بعدم التكرار للفعل المشين المخالف لنهج التحالف العربي ولفت النظر بالتوجه في الاتجاه الصحيح لدحر الانقلاب الحوثي في صنعاء وليس في عدن..

وهذا أيضا مظهر من مظاهر التمكين في المواقف السياسية الثابتة في الجنوب والتي لاقت ارتياحا كبيرا من قبل الرعاة الدوليين للحل السياسي وتفهما للمواقف الناضجة من قبل الانتقالي الجنوبي.. وأخيرا وليس آخرا ما سجله موقف الانتقالي الجنوبي شديد الذكاء في حوار جدة وإعلانه المبكر دون قيد أو شرط قبوله جملة وتفصيلا بالحوار مع الشرعية رغم ارتفاع سقف مطالبه.

إن الثقة الكبيرة التي أبداها الانتقالي في حوار جدة لتؤكد بما لا يدع مجالا للشك علم المفاوض الجنوبي بما سيحصل عليه ورضاه واقتناعه المسبق بالمخرجات، لهذا عبر المفاوض عن ارتياحه من خلال المشاركة والبقاء داخل المملكة وانتظار تداعيات المماطلة والتلكؤ لمفاوض الشرعية، بيد أن بقاءه ثابت وحاضر في كل المراحل، أحرج مفاوض الشرعية وحشره في ركن الزاوية ووضعه في طائلة الاتهام المباشر لعرقلة جهود المملكة في تسوية الحل السياسي للأزمة.. وبالتالي أجبره على الحضور إلى طاولة الحوار راضحا دون ماء الوجه ليسبقه الانتقالي في الحضور والتوقيع راغبا ومقتنعا، مجبرا مفاوض الشرعية على الاعتراف بالمجلس الانتقالي الجنوبي والتمكين للجنوبيين على أرضهم والموافقة الجبرية مع التلويح بالعصا الغليظة على ضرورة المشاركة في المشروع العربي الذي ترعاه المملكة العربية السعودية، والتي اعتبرت الانتقالي شريكا حقيقيا وفاعلا في التحالف العربي ضد المشروع الإيراني الذي طالما ظلت الشرعية مختبئة منه في تباب نهم وصرواح.

إن نجاح المجلس الانتقالي الجنوبي الدائم في مسيرته نحو تحقيق أهدافه ليبين خبرة وكفاءة ووعي عناصره ومستشاريه، وما تلك النجاحات التي حققها سياسيا وعسكريا ودبلوماسيا وتوسع دائرته اجتماعيا إلا عنوان التمكين على الأرض والذي يزداد قوة وتماسكا واتساعا يوما بعد يوم، ومن هنا وجب على الجنوبيين كافة، متفقين أو مختلفين، الاصطفاف حول الجانب الأقوى في الجنوب ودعم مشروعه ومؤازرته وسد باب الذرائع والثغرات التي قد ينسل من خلالها أي مشروع تخريبي يمس أمن وسلامة واستقرار الجنوب ويزعزع طريق التمكين بزرع الألغام والمطبات لإعاقة تقدم مشروعه في استعادة الدولة كاملة السيادة على تراب الوطن الجنوبي ما قبل عام 1990م بمنهج جديد حديث وعصري يرتقي بتطلعات شعب الجنوب بمستقبل زاهر ينعم فيه الجنوبيون بالأمن والأمان فيما بينهم ومع أشقائهم من دول الجوار وشريكهم اليمني السابق في التجربة المريرة بالوحدة اليمنية المنتهية الصلاحية والفاعلية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى