جرحى الجنوب في الهند معاناة مستمرة منذ 5 أعوام

> تقرير/ سليم المعمري

> تحول ملف ضحايا الحروب (الجرحى) إلى استثمار مربح، فمن صراخهم وأوجاعهم تنتعش تجارة ومقاولات، ويتحول أنينهم إلى عمولات وأرصدة في حسابات ديدان الفساد التي التهمت الأخضر واليابس.
من الحراك السلمي إلى الانتفاضة الشعبية إلى المقاومة والتحرير وحتى معارك أغسطس الماضي، سقط آلاف الضحايا وتعفنت أجسادهم وانضم الكثير منهم إلى ذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين، وثمة عشرات منهم منسيون ومهددون بالطرد من مشافي الهند.

ومنذ خمسة أعوام وجرحى حرب "تحرير عدن" يعانون، إذ أعطت الجهات المعنية أولوية لجرحى أحداث لاحقة، وتارة أخرى تولي الحكومة اهتماما بجرحى منطقة وتغيب العدالة في التعامل مع ملف ينخره الفساد.
الجريح حسين أمين، أحد جرحى معركة "تحرير عدن"، تعرض لإصابة بليغة بشظية صاروخ كاتيوشا أصابت فكه العلوي وجزءا كبيرا من الفك السفلي منتصف يوليو 2015م، في جبهة العريش.

يقول حسين إنه خضع لإسعافات عقب الإصابة في أحد المستشفيات في مدينة عدن، وبما أن إصابته تحتاج إلى علاج في مركز متقدم: "انتظرت دوري في السفر للخارج، وفي شهر سبتمبر 2015م انتقلت إلى الأردن للعلاج على حساب مركز الملك سلمان، وأجريت فيها عمليتين، وبعدها تم إقفال جميع الحسابات وذلك بسبب الفساد الدائر في إدارة الملف".

يضيف الجريح حسين: "عدت إلى عدن وبدأت بالمتابعة واستطعت السفر مجددا إلى دولة الهند وتحولت رحلة العلاج إلى كابوس بسبب الأخطاء الطبية نتيجة (شغل المقاولات) تعاقد إدارة الملف بالهند مع مستشفيات بسيطة، وبعدها توقفت الحسابات مجددا لنفس السبب السابق وهو الفساد الإداري، وكان علاجنا في الهند على حساب الإمارات".

بعد عودة الجريح حسين إلى عدن في العام 2018م كانت حالته الصحية مستقرة، وبقيت له بعض العمليات انتقل إلى الهند لاستكمالها لكن عقب أحداث أغسطس الماضي هربت الحكومة إلى الرياض، "ومنذ ذلك اليوم لم أحصل على إبرة واحدة، والسبب أحداث عدن الأخيرة وهروب مسؤولي الحكومة وتوقف المخصصات وجميع الاعتمادات المالية من قبل الحكومة، وهذا حالي وحال خمسة وثلاثين جريحاً في الهند".


ويتواجد اليوم عشرات الجرحى في مصر والأردن والهند والسعودية وغيرها، وجرى تقسيم جرحى عدن إلى فئات وكل فئة توجد لها إدارة مستقلة عن الأخرى، جرحى يتلقون علاجهم على حساب التحالف العربي، وجرحى يتلقون علاجهم على حساب الحكومة الشرعية، والبعض منهم على نفقات خاصة...
معاناة تحكي نفسها، وحلم العلاج لم يدم طويلاً، فاليوم أكثر من خمسة وثلاثين جريحاً في الهند وتحديداً في ولاية بنجلور توقف عليهم العلاج ولا يجدون قيمة مسكن للألم.

الجريح محمد مهدي يقول: "تابعنا عن تصريحات لمسؤولين حكوميين حول توقف حسابات الجرحى في الخارج ومرتباتهم في الداخل، وتحصلنا على تصريح لوكيل شؤون الجرحى والشهداء في إقليم عدن المهندس علوي النوبة، الذي ناشد في وقت سابق الحكومة بفتح الاعتمادات المالية لاستكمال علاج الجرح الذين في الخارج".
إهمال وعبث
الجريح أمجد محمود محمد، من أبناء مديرية صيرة حي التلال وحدة الوحش، أصيب في 21/4/2015 بحي القطيع بطلقتين في الرجلين، يتحدث بمرارة عن معاناته: "الجريح يتخلى عنه الجميع ويتحول إلى متسول، بحثا عن العلاج ومن ينقذه".

ويتابع قائلا: "تزداد معاناتنا ونحن نتنقل بين جهة وأخرى ومن مسئول لآخر، وتمر الأعوام ولا يلتفت إليك أحد، بل يشعرونك أنك رخيص وأنت ترى حالات أخرى تنتقل للعلاج بالخارج بالمحاباة والمحسوبية.. تحول علاج الجرحى إلى محاباة وعنصرية، وهذا تبع فلان وهذا تبع القائد فلان، ووصل بنا الحال إلى أن بعض المسئولين يقولون لنا أنتم أصحاب 2015 خلاص انتهى دوركم، نحن مشغولون بعلاج جرحى الساحل الغربي أو جرحى المجلس الانتقالي، ونحن خلاص انتهى أمرنا"، يضيف أمجد: "منذ العام 2015 وأنا معاق لا أستطيع الحركة، والألم يزداد يوما بعد آخر بمفصل كاحل قدمي".

يطالب الجريح أمجد الحكومة بصرف رواتبه المتوقفة منذ 3 أشهر لسداد التزامات أسرته وأطفاله: "اليوم نحن ندفع ضريبة المماحكات السياسية".
محمد فيصل تحدث عن معاناته وتسعة وعشرين جريحاً بسبب توقف علاجهم منذ أكثر من شهرين بعد اندلاع الاشتباكات بين الحكومة المجلس والانتقالي بعدن، داعيا الحكومة إلى النظر لمعاناتهم هناك.

الحكومة لا ترد
من جهته تحدث علوي ناصر النوبة، وكيل محافظة عدن لشئون الشهداء والجرحى، لـ "الأيام " بالقول: "للأسف الشديد إننا قد رفعنا عدة مذكرات إلى رئيس الوزراء عبر مدير مكتبه الأخ أنيس باحارثة، ولكنهم لا يكترثون لمعاناة الجرحى ولم نلقَ أي رد منهم".

جرحى الجنوب في الهند معاناة مستمرة منذ خمسة أعوام
جرحى الجنوب في الهند معاناة مستمرة منذ خمسة أعوام

وقال النوبة: "الحكومة خذلت الجرحى ومارست التمييز بينهم.. صرفوا منحة مالية لعلاج جرحى تعز للمرة الثالثة بينما جرحى عدن ولحج وأبين والضالع لم تصرف لهم أي منحة مالية سوى مرة واحدة فقط، كانت في أكتوبر 2018، أي قبل عام".

وحمل مسئولين في مكتب رئيس الوزراء مسئولية عرقلة وحجب مطالب الجرحى وقال: "ما يحصل الآن حكومة تمارس المناطقية بحق جرحى الجنوب".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى