جهود محلية تنهي نزاعا مستمرا منذ 25 عاما في مديرية الحد بيافع

> يافع «الأيام» صالح لجوري

> نجحت جهود محلية في إنهاء قضية نزاع في منطقة المحلة في بني بكر مديرية الحد بيافع بعد تطور النزاع بين أبناء المنطقة البالغ عدد سكانها نحو 600 نسمة، وخلف مآسي وأوجاعاً وصراعا مستمراً منذ 25 عاما.
شاءت الأقدار أن يتربص الشيطان وينزغ بين الإخوة والأقارب وأبناء البلدة الواحدة في أعرق المدن اليافعية، وهي مدينة بني بكر التي يُطلق عليها أيضاً "مدينة قريش".

بدأ النزاع في حارة أو منطقة المحلة  بين مجموعات من الأسر المتجاورة "آل محمد"، و "آل حمران"، و "آل خلف"، و "آل الفاضل"..وغيرهم من الأسر والفخائذ المشاركة معهم عن طريق القرابة الأسرية أو القبلية.

استمر النزاع بين أقارب وأهل وأرحام يجمعهم العيش المشترك والقرابة والمجورة في منطقة المحلة المشهورة في يافع بموقعها الجغرافي المتميز في المدينة وكرم وشهامة ساكنيها منذ نشأتها قبل مئات السنين.
في المنطقة المعروفة بطيبة ناسها وحسن معاملة أهلها، حيث أنجبت العديد من الكوادر والشخصيات الهامة في الكثير من المجالات المدنية والعسكرية على مستوى الوطن، وتحتضن المهرجانات الثقافية والاحتفالات العيديّة والعديد من المناسبات الرسمية، أخذ النزاع يفرق أبناءها.

جهود محلية تنهي نزاعا مستمرا منذ 25 عاما في مديرية الحد بيافع
جهود محلية تنهي نزاعا مستمرا منذ 25 عاما في مديرية الحد بيافع

وفي يوم الخميس 21 فبراير 2019م دعا وكيل محافظة لحج، صلاح الداودي، إلى لقاء تشاوري في مدرسة الشهيد اللواء عوض السنيدي بمديرية الحد، حيث كُرس اللقاء بدرجة رئيسية للتشاور والنطق بالحكم في القضية. 

وشارك في اللقاء الذي عقد وسط حضور جماهيري حاشد جمع الكثير من مشايخ وأعيان المديرية والقيادات العسكرية والأمنية والشخصيات الاجتماعية في مديرية لبعوس، ومديريات يافع الأخرى، ومدير عام مديرية الحد أحمد علي محمد، والقيادة المحلية للمجلس الانتقالي، وأعضاء السلطة المحلية في الحد، وعضو الجمعية العمومية والأمانة العامة بالمجلس الانتقالي أ. علي محمد صالح البكري.

وألقى الوكيل الداودي كلمة رحّب في مستهلها بالحضور وشكرهم على تلبية الدعوة وشرح سير مجريات القضية، معلناً قراءة الحكم بعد تناول وجبة الغداء عند المتنازعين بحسب رغبتهم.
كما أُلقيت عدد من الكلمات أكدت جميعها على أهمية حفظ الأمن الاستقرار وإصلاح ذات البين، كما تم تشكيل لجنة لإصلاح طريق (المحاجي - الحصن - قطنان - الشيوخي).
مأدبة لكل الحاضرين بكرم معهود للمدينة
وفي الظهر توجّه نحو ألف شخص من المشاركين في اللقاء وغيرهم ممن توافدوا من المناطق المجاورة للمشاركة والمباركة بلقاء التصالح وذلك للصلاة في جامع روضة الرحمن بمدينة بني بكر من ثم تناول وجبة الغداء عند المتصالحين المتسامحين الكرماء  آل المحلة؛ حيث انقسم المشاركون إلى قسمين في مأدبتين أعدت عند طرفي التصالح والتسامح نقولها بهذه العبارة الراقية والنبيلة  في معناها ومضمونها بدلا من كلمة المتنازعين.
النطق بالحكم
بحضور جميع الأطراف والوفود المشاركة من كل مكان الذين توجهوا إلى ساحة إدارة أمن مديرية الحد، قرأ الوكيل الداودي منطوق الحكم المكون من نحو 15 صفحة؛ حيث تضمن الحكم إنهاء جذري لكافة مراحل ومسببات النزاع بين جميع الأطراف بما في ذلك القضايا الجنائية من إصابات وغيرها.


وجاء في فقرات الحكم: التغريم المالي في الجنائيات التي حدثت أثناء النزاع، حيث بلغ التغريم في بعض القضايا الجنائية إلى خمسة عشر مليون ريال يمني.
وفند الحكم فقرات عديدة منها التعويض عن الخسائر، وأخرى رد الاعتبار لشخصيات تم تسميتها في الحكم، وكذا مصاريف علاج كل الأطراف بمبالغ متفاوتة ما بين مليون ريال، وخمسة ملايين، وعشرة ملايين ريال.
بالإضافة إلى الحكم على طرفي النزاع بدفع عشرة ملايين ريال تورد إلى لجنة المحكمين تكون للصالح العام لإصلاح الطرقات العامة.

بعد قراءة الحكم تم التوقيع عليه من جميع الأطراف بكل سرور بروح طيبة، وساد اللقاء الود والإخاء والتسامح وتعانق الجميع بعد فراق وقطيعة 25 عاما.
خلفية القضية
بعد حرب صيف 1994 المشؤومة نشب الخلاف بين الأسر في قضية عرفت بقضية المحلة بدأت كمشاجرات وعراك بالأيدي تطورت إلى استخدام العصي والأدوات الحادة وإطلاق النار نتج عنها الإصابات والأضرار الجسدية.. دون معرفة الأسباب والحجج بالنسبة للعامة، وفي النيابات والأجهزة الأمنية كانت تبت في واقعة أو وقائع الأحداث من الناحية الجنائية دون البحث عن المسببات ووضع حلول جذرية أو تقديم القضية بصفتها الحقيقية الواقعية للقضاء.

وبحسب شهود عيان مطلعين على القضية، فإنها بدأت باتهامات الأطراف لبعضهم البعض حول وثائق قديمة تسببت في نزاع مستمر أنتج مشكلات جانبية وتوتر وصل إلى عراك بين الأطفال لينتهي بعراك بين الأهالي ليقودهم إلى المستشفيات وأقسام الشرطة.

وبحسب المطلعين على القضية، فإنها من أعقد وأهم القضايا العالقة في يافع، حيث كلّفت المتنازعين خسائر مادية ومعنوية كبيرة وتسببت بالقطيعة فيما بينهم، وأدت إلى عراك وإطلاق النار، وأوقعت إصابات، وعرضت العديد منهم للاعتقال وآخرين عطلت مصالحهم وأعمالهم، وتسببت في أزمة إنسانية بين الأهل والأقارب.
أسباب النزاع
يرى البعض أن أسباب القضية بدأت بتساهل ولا مبالاة من قِبل الجميع (قبائل وسلطات وأطراف النزاع)، حيث كانت الأسباب واضحة في البداية وبالإمكان احتوائها والفصل فيها بحسب العُرف والقانون، ولكن النيات لم تكن صادقة في إنهاء الخلاف حتى تطور وتشعب وتسبب في مأساة إنسانية وقطيعة غير مبررة.


والبعض الآخر يرى أن أسباب سياسية متعمدة عمدت إلى إذكاء نار الفتنة والصراع في الحي النابض بالنشاط والحيوية السياسية والاجتماعية والأهمية التي يتمتع بها في المدينة التي تشهد نشاطاً سياسياً وثقافياً دائماً بشخصياتها وكوادرها في يافع خاصة والجنوب عامة، بهدف شل وعرقلة حركة النشطاء، وإشغالهم بالصراعات الداخلية على طريقة "فرق تسد"، وذلك بأيادٍ وأدوات مختلفة، والحال شاهد، حيث تجاوز عدد قتلى الفتن والصراعات الداخلية والاقتتال القبلي في مديرية الحد نحو 300 قتيل وأكثر من 400 جريح بين الفترة 1990/ 2006م.
التقاضي والصلح
مرت القضية في عدة مراحل من المحاكمات والعديد من الوساطات القبلية، ودخلت دهاليز الشرطة والنيابة أثناء فترة النزاع، كما تدخلت وساطات من مناطق مختلفة من يافع؛ لكن القضية توسعت واشتد الخلاف بين المتنازعين على أبسط الأمور وتحمل أعباءها وخسائرها المتنازعون.
مساعي الصلح
تدخل الشيخ محمد علي صالح الماجوحي، وأ. صلاح علي الداودي وكيل محافظة لحج، وآخرين للصلح وحل النزاع، ووجدوا كل التفاعل والترحاب من قِبل آل المحلة في العام 2016م.


وتم اطلاع المحافظ حينها د. ناصر الخبجي الذي أصدر قراراً بتشكيل لجنة رسمية لحل النزاع بعد أن توسعت القضية وتداخلت  وكثرت الأحكام والوساطات مما أدى إلى تشعب النزاع.
وقد شكلت اللجنة برئاسة صلاح الداودي، وعضوية الشيخ محمد علي الماجوحي، والعميد محمد عبدالله الشيوحي.

مضت اللجنة المشكلة لإنهاء النزاع في أعمالها وتعطلت أحيانا كثيرة أثناء بعض حوادث العراك وإطلاق النار بين الطرفين أو الأطراف إلى حد أن اللجنة أصابها الإحباط في أوقات كثيرة، بحسب ما تحدثوا به عن مراحل الصعوبات التي واجهتهم. بالإضافة إلى الأعمال والوظائف التي يشغلها أعضاء اللجنة وارتباطهم بأعمال أخرى، وكذلك مساعيهم في حل قضايا أخرى في المديرية ومديريات أخرى بسبب تعطل المحاكم لفترات طويلة وفقدان الثقة لدى المواطنين في القضاء والنيابة وأجهزة الضبط

ولأن المساعي كانت صادقة ومخلصة تهدف إلى الحل النهائي فقد تجلدوا وصبروا وتحملوا عناء السفر من منطقة إلى أخرى وعقدوا اللقاءات المتعددة حتى فبراير 2019م حيث تكللت الجهود بالتصالح والتسامح وإنهاء القضية.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى