اختلاف الأزمة اليمنية

> لقد بدت الأزمة اليمنية منذ وقت مبكر بظروف وحيثيات متشعبة تشعب عواملها المحلية والخارجية المتدخلة، والمتداخلة فيها مع بعض، مختلفة على كل الأزمات التي عصفت بالمنطقة العربية، أولاً باختلاف حساسية جوارها مع المملكة العربية السعودية الحساسية التي اثيرت بانطلاق الثورة الشبابية ضد نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح، واستنفرت المملكة لتتدخل سياسيا في الشأن اليمني لتقدم صيغة اتفاق المبادرة الخليجية بأليتها التنفيذية القاضية بتنحي الرئيس صالح عن الحكم لنائبه عبدربه منصور هادي عامل الاستنفار السعودي المتدخل أكسب الأزمة اليمنية اختلافها المبكر كنقطة ضعف سعودية، فكان لتزامن أزمات المنطقة العربية مع بعضها (التونسية والمصرية واليمنية والسورية والليبية)، وتضارب المواقف والتدخلات العربية والإقليمية والدولية ومن ضمنها السعودية بالتحدي، شأن في جعل حساسية الأزمة اليمنية واختلافها بالنسبة للسعودية مدخلاً للضغط على السعودية عبر تصعيدها وجعلها كما هي عليه الآن: ميدان صراع إقليمي ودولي، وبلا شك إن العامل الإقليمي تسرب من بين عدة عوامل محلية أهمها سوء العلاقة بين المملكة والرئيس السابق صالح، الذي كان يمسك بكثير من خيوط اللعبة المحلية وينسج تحالفاتها المائلة إلى إدخال العدو الإقليمي للسعودية في اليمن عبر ذراعه الطائفي المليشاوي جماعة الحوثيين، لقد أخذ اختلاف الأزمة اليمنية وحساسيتها بالنسبة للسعودية في التصاعد شيئاً فشيئاً إلى أن بلغ ذروته في عملية إسقاط العاصمة صنعاء في يد الجماعة الحوثية في 21 سبتمبر 2014م، ووضع الرئيس هادي تحت الإقامة الجبرية وقدم استقالته إلى مجلس النواب الذي لم يبت فيها حينها، ثم هرب الرئيس هادي إلى عدن و في 21 فبراير 2015 م أعلن عدوله عن الاستقالة بالعودة لممارسة مهامه الرئاسية، في أواخر مارس 2015م اجتاحت القوات الحوثية الجنوب واسقطت عدن وهرب الرئيس هادي مرة أخرى إلى سلطنة عمان.

كل هذه الأحداث لم تجعل الأزمة اليمنية مختلفة فقط بالنسبة للسعودية بل صعدتها إلى الخطيرة والمهددة للأمن القومي السعودي والعربي وهي تعلن عن انطلاق عملية عاصفة الحزم وتشكل التحالف العربي العسكري بموجب طلب من الرئيس الشرعي لليمن عبدربه منصور هادي، وبموجب استصدار قرار أممي يتيح للتحالف العربي التدخل العسكري لإنهاء الانقلاب الحوثي على الدولة اليمنية، دفعت الأزمة اليمنية المختلفة والخطيرة قيادة التحالف العربي إلى التقاط كل ما من شأنه محاربة وهزيمة المليشيات الحوثية جنوباً، فوجدت القوى الثورية الجنوبية وقواعدها الشعبية حليفاً فعلياً من الممكن الاعتماد عليه، تشكلت المقاومة الجنوبية وتمكنت بدعم وإسناد التحالف العربي من هزيمة الحوثيين ودحرهم من عدن لتتوالى الانتصارات الجنوبية تباعاً وتندحر المليشيات الحوثية من الجنوب تماماً.

حدث النصر الجنوبي ومازالت الأزمة اليمنية تطل باختلافها مرة أخرى وهذه المرة انعكس اختلافها المستجد على أدبيات الثورة الجنوبية العتيقة ليتحول النهج الجنوبي الثوري إلى نهج سياسي فرضه الواقع بمقتضياته السياسية الراهنة التي أجبرت الجنوبيين، ممثلين بالمجلس الانتقالي الجنوبي، على السير في ركب الحليف الإقليمي والدولي، رافعاً منطقاً سياسياً يختلف اختلافاً كلياً عن إرثه الثوري النضالي!.

حتى هذه اللحظة مازال الحليف الإقليمي والدولي، بتفهم جنوبي مشترك، يمارس مهمة العصف بالذهنية الجنوبية الثورية ويحملها على الجرأة على السير في نسق سياسي وفق ما هو متاح وممكن للوصول إلى تحقيق الهدف الجنوبي الأسمى، يبدو هذا ممكناًُ وهو يتراءى في توقيع الانتقالي الجنوبي على اتفاق الرياض مع الحكومة اليمنية، كاتفاق مرحلي يمهد لحل شامل للأزمة اليمنية، وتتراءى فكرة ترويض الذهنية الثورية الجنوبية من قبل الحليف الإقليمي والدولي في تصريح السفير الأمريكي منذ أيام، وهو يقول:

التقى السفير الأمريكي كريستوفر هنزل مع رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي في ‎أبوظبي، وأكد على أهمية التنفيذ الكامل والمحدد والسلمي لاتفاقية الرياض، والتي تعد خطوة مهمة نحو الاستقرار والوحدة في ‎اليمن.

ليبقى السؤال الماثل أمامنا الآن هو:

كيف يمكننا الملائمة بين أدبيات الثورة الجنوبية وهذا النسق السياسي الحاد والخطير؟!.

الجواب: طالما وإن هذا النسق السياسي مرحلي، فجزائية التزمين فيه مهمة جداً، وينبغي أن نضع لتزمين مراحل الاتفاق تزميناً جنوبياً آخر يضمن عدم تخلينا عن أدبياتنا الثورية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى