هل يسير اليمن على خطى لبنان والعراق؟

>
قد لا يصدق المرء أن هذا التناغم الثوري حقيقه واقعة وعابرة للحدود من لبنان إلى العراق، ولا يتخيل أن تلك المجتمعات ستنهض وتنتفض يوماً معبرة وبأسلوب صريح تهدف من خلاله أن تطيح بكل تحصينات دكتاتوريات التسلط والفساد لذلك البلدين العزيزين ولتجاوزها بثوراتها المباركة، وبذلك تتعدى رتابة الصراع والاختلاف الممل؛ لتؤلف مشهداً ثورياً رائعاً، مشهداً ينعتق من أسر ديمقراطية الطائفية المذهبية، والتي أفرزتها الأحداث وأجدتها الوقائع وبأيادٍ خفية عملت على صناعتها وبكل حرفية وإتقان لردح من الزمن جعلت منها سيفاً مسلطاً على رقاب تلك الشعوب حتى أصبحت بسببها لا تستطيع من عمل شيء حيال مشاكلها المستفحلة، مما جعلها أمام العالم مثلاً يضرب به في الفشل والتخبط.

إلى أن استجمعت قواها أخيراً، واستنفرت مكائنها لتحاول كي تضع حداً لهذه المهزلة، ولهذا العبث السياسي والذي هدم الأوطان وشرد الإنسان وقضى على كل جميل؛ ولكنها أمام ما تملكه تلك الديكتاتورية الطائفية من قوة هي لا تملك بالمقابل بأيديها من شيء تواجه به أولئك، فكل ما بوسعها عمله إلا أن تحمل أرواحها على أكفها وتتنادى في ما بينها للخروج والتجمهر على الشوارع والطرقات محاولة بذلك الوصول إلى القصور المحصنة للطغاة كي تصرخ في وجوههم بصوت مجلل ومزلزل لعروشهم "ارحلوا"، وبهذا تكون وضعت أصابعها على ألم الجرح الحقيقي، وخطت خطواتها الأولى نحو التحرر من قيد أسرها الدامي. وتاليها يمكنها الخروج من قيد ديمقراطية تسير بخطى السلحفاة في طريق الألف ميل طريق أبقى على لبنان والعراق يدوران في حلقة مفرغة، وإلى يومنا لم يلمس الشعبان أي خير يطالهم من تلك الديمقراطية سوى مواسم تطل عليهم عند كل موعد انتخابات لا تحسب إلا من باب مهرجانات للتسلية بمتنافسين وميزانيات وشعارات كثيرة تعبر عن حقيقة واحدة مفادها أن لبنان والعراق  بلد أبو ماضي والجواهري على طريق الضياع يسيران، وتحت قيد حكم الطائفية يرزحان..

فلبنان بلد ظل يبحث عن موطئ قدم ليضع عليها أقدامه، فلم يجد سوى مكاناً واحداً متذبذباً وغير مستقر؛ ليقف عليه إذا ما قدر له السقوط إلى أسفل، فما من شيء بعدها يتلقفه.
وإلى ما لذلك البلد الآخر بلد العراق الفتي، والذي خرج من تحت عباءة ما يقال لها ديكتاتورية حكم صدام حسين الرئيس الذي حكم بالحديد والنار؛ ليخرج شعبه من بعده هو الآخر باحثاً عن مكان يرسي عليها أقدامه، فما من ملاذ آخر أمامه سوى البحث عن حكم رشيد يأخذ بالأسباب نفسها والتي جعلت عثرات هذا البلد كثيرة. لتجري رياح التغير بعدها بما لا تشتهي السفن، ويصبح ذلك التحرير مرهوناً بحسابات دقيقة للولايات المتحدة الأمريكية والتي عملت من حينها لإرساء دعائم حكم بديمقراطية مسورة طائفياً بعدها ليمضي ذلك العراق يسير على ركب الفشل. فشل يتجرع مرارته كل عراقي وإلى اليوم.

والمسألة قد تطال اليمن بحيث أنه يوجد كثير من التشابه، ومن حيث المعطيات على الأرض قد تضع اليمن يحلق على نفس المدار ويقبع في نفس الدوامة، وذلك بعد الإفراز الطافي الحاصل، وبالذات منذ ألفين وخمسة عشر، وبعد تعثر عملية التحرير، ناتج للعديد من المسببات من أبرزها كثرة اللاعبين الداخلين والخارجين المؤثرين في مشهد الصراع، مما جعل المناخ ملائماً لولادة مصالحة قد تفضي إلى ما أفضت إليه مصالحة العراق ولبنان يوماً ما. وما يدعم فرضية ذلك هو حول ما يتسرب من أخبار لبعض الصحف العالمية وللعديد من المسؤولين في خارجية بريطانيا لحوارات سرية يجريها التحالف مع الحوثيين في العديد من البلدان والمدن أبرزها مسقط، إضافة إلى ما تقوم به بعض الأطراف الدولية من تكريس الاعتراف غير المعلن بالحوثيين وبعد أن أنتجتهم سنين من الحرب كأمر واقع كقابضين على جزء هام من مناطق الشمال.

وأن قدّر لذلك أن يكون قد تهدى نار الاشتعال، كما هدأت ذات يوم في لبنان والعراق، فتنتج كذا استقراراً نسبياً في اليمن، وذلك بسكوت أصوات دوي الانفجارات؛ ولكن لتبقى انفجارات أخرى مدوية في أعماق كل اليمنيين كما دوت في أعماق اللبنانيين ومن بعدهم العراقيين.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى