الحديدة.. استمرار الحرب يفاقم معاناة أبناء المحافظة

> نازحون: الحرب أهون علينا من حياة التشرد

>
تسببت الحرب التي شنتها قوات الحوثي على مدينة الحديدة بتأزم الأوضاع المادية والمعيشية على أبناء المحافظة الذين يعانون في الأصل من فقر مدقع منذ عقود على الرغم من موقع مدينتهم الإستراتيجي والزاخر بالثروات السمكية والزراعية فضلاً عن الموانئ التي تتمتع بها.


وأدت الحرب التي تعيش عامها الخامس بتوقيف الدراسة وتعطيل الحياة العامة والأعمال في جميع المرافق الخاصة والعامة، فضلاً عن التسبب بتشريد عشرات الآلاف من الأسر إلى مناطق ومدن متعددة من محافظات البلاد.

وتعرض من بقوا في المحافظة لعمليات قتل وتعقب واختطافات وإخفاءات قسرية وتعذيب في السجون، وكذا عرقلة ومنع وصول المساعدات الإنسانية أو مصادرتها في الكثير من الأحيان، وقصف عشوائي على الأحياء الآهلة بالسكان تعرض خلالها الكثير من المدنيين للقتل والجرح والإعاقة الدائمة، كما تعرض المئات منهم إلى أمراض قاتلة راح ضحيتها العشرات وما زالت تحصد الكثير منهم بشكل يومي.
بدء المعاناة
في شهر يونيو من العام الماضي بدأت شرارة الحرب بالاشتعال في أطراف مدينة الحديدة، متسببة بنزوح أكثر من نصف مليون شخص، حسب تقارير أممية.

أم سلوى، من إحدى الأسر التي أُجبرت على النزوح إلى صنعاء، مكثت فيها أيام على رصيف أحد الشوارع في المدينة، وبجانبها الكثير من أفراد أسر جيرانها.


وتضيف في حديثها لـ«الأيام»: "قامت القيامة علينا، واسودت الدنيا بوجوهنا.. فلا مأوى ولا مأكل ولا مشرب.. أما المنظمات فسرعان ما تخلّت عن جميع النازحين، حينها وجدنا أنفسنا أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما؛ إما تحمل الشتات والضياع في صنعاء، أو الاستسلام والعودة إلى مدينتنا المحترقة، وبالطبع فضلنا الخيار الثاني وغيرنا عشرات الأسر، لاسيما بعد أن تزاحمت الأسر النازحة في المدرسة التي كانت تؤوينا، وحشر عدد من العوائل في صف واحد لا تفصل بينها سوى ستار، فضلاً عن البرد الشديد وعدم توفر الغذاء والماء".

فيما تقول جارتها محاسن: "بسبب الجو تعرفنا على المعاناة على أصولها.. البرد نال منا ونحن غير متعودين على جو صنعاء، فملابسنا خفيفة والبطانيات التي صرفتها المنظمات غير كافية، وحتى الأكل غير أكلنا الذي تعودنا عليه.. ولما ضاقت الدنيا علينا فضلنا العودة إلى الحديدة والحرب فيها على أشدها".
نزوح إجباري
هند شابة غادرت بمعية أسرتها القرية التي كانوا يسكنوها قبل عشرين عاماً، واستقروا في المدينة نتيجة لتوفر الخدمات فيها، ولكنها أجبرت بالعودة إلى منزلها الريفي بعد أن غادر جيرانها بيوتهم بسبب الحرب المستعرة فيها، كما تقول.

وتضيف في حديثها لـ«الأيام»: "عندما رأينا الناس يتوافدون لخارج المدينة، قررنا العودة لقريتنا وترك منزلنا، وفيها عشنا وما زلنا مع معاناة شحة المياه بسبب احتكار مزارعي القات لمياه الآبار لسقي مزارعهم، فيما تشهد الآبار الأخر والبعيدة ازدحاماً كبيراً حتى في الأوقات المتأخرة من الليل، وبسبب هذه الأزمة نضطر في كل صباح بعد صلاة الفجر للتوجه إلى البئر لجلب الماء على رؤوسنا بواسطة الدبب".
الحرب عامل مشترك
قصة هيفاء علي، لا تختلف كثيراً عن هند، فالحرب عامل مشترك جمعت أبناء البلاد على نفس الوجع.

هيفاء غادرت مع أطفالها إلى إحدى مديريات محافظة تعز حيث يسكن أهلها، بعد أن تعرض منزلها لدمار كامل، وهناك استقرت في بيت قديم، واضطرت للعمل إلى جانب زوجها في بيع الحطب بعد أن فقد زوجها مصدر رزقه الوحيد وباعت كل ما تملكه في سبيل العيش.
الهروب من الخوف إليه
"ما كنا نتوقع أن ننزح إلى تعز نتيجة الحرب الدائرة فيها، ولكن معاناة النازحين في بعض المحافظات جعلتنا نتجه إليها"، بهذه العبارة بدأت المواطنة خولة حديثها لـ«الأيام» عن معاناتها، مضيفة: "سماعنا دوي الاشتباكات في ضواحي مدينة تعز أهون علينا من وصول القذائف التي كانت تمطر على الحي الذي كنا نسكن فيه بعد أن صار مسرحاً للمعارك وتساقط للقذائف والصواريخ والرصاص الراجع".

واستمرت: "رغم ما نعانيه من هذه المدينة إلا أننا تأقلمنا عليها لاسيما أننا وجدناها تتسع للجميع".

فيما اضطر المواطن جابر عبدالله للتجول بعربته في شوارع تعز التي نزح إليها لبيع الملابس كمصدر دخل لأسرته.

يقول عبدالله لـ«الأيام»: "لجأت لهذا العمل كمصدر رزق بعد أن تعرض المصنع الذي كنت أعمل فيه للقصف وسقوط القذائف.. وقد مكنتني زوجتي على ممارسة هذه المهنة من خلال بيعها لقطعة ذهب كانت تملكها".

ويأمل عبدالله، وهو أب لأربعة أبناء جميعهم ما زالوا أطفال، بأن تنتهي الحرب ليعود إلى منطقة والعمل في المصنع الموظف فيه.

ليس جابر عبدالله هو الوحيد الذي لجأ إلى عمل خاص، فأسواق تعز تكتظ بالباعة من أبناء تهامة، كما تتزاحم الدراجات النارية في شوارع المدينة والتي وجد فيها أصحابها مصدرا مناسبا لكسب الرزق.

أسر كثيرة وجدت رزقها في محافظات نزحت إليها وقررت البقاء فيها بعد أن وجدت فيها أمنا واستقرارا وتوفير أعمال حتى وإن كانت شاقة وغير مناسبة.

فقد كان لمحافظة تعز نصيب من نازحي الحديدة رغم الحرب والحصار الذي تعيشه. وبحسب مدير اللجنة الفرعية للنازحين فإن أكثر من ثلاث آلاف وثلاثمائة أسرة نزحت من محافظة الحديدة إلى تعز.
تقرير/ خاص

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى