​ياعزيزي.. كلنا لصوص

> نبيل سالم الكولي

>
 عندما تحاورت وتناقشت مع فئات مختلفة وشرائح متنوعة من الناس، وأغلب من تحاورت معهم هم من أصول شمالية، ولكن حبهم للنظام والقانون وعشقهم لعدن، فاجتمعت أغلب الآراء على فكرة واحدة مفادها: نحن عندما نطالب بالانفصال أو فك الارتباط، ليس حباً في الفُرقة أو تنفيذاً لأجندة معينة، وليس كراهية في الوحدة أو لإخوتنا للشعب في الشطر الشمالي من اليمن، ولكنه اليأس من الفساد المستشري في الفئة الحاكمة في شمال الوطن قبل الوحدة، فالدولة غير موجودة، هي مجموعة من القبائل أصحاب النفوذ السياسي للحصول على المكاسب التجارية، كالوكالات العالمية والاستيراد والتصدير، وما إلى ذلك من امتلاك أفضل المواقع والأراضي، وبالإضافة إلى عائدات النفط التي تقسم إلى حصص ونسب للعائلات الكبيرة (والكبير الله) مثل عائلة الأحمر، على سبيل المثال وليس الحصر. ويبقى الفتات، وما أدراك ما الفتات؟!، وحتى هذا الفتات يتم العبث فيه، من قبل شركات ومقاولين وشركات أخرى ومقاولين آخرين "من الباطن".

نعم.. إنه اليأس من إصلاح الأمور، وكثير من الناس يتوقون إلى العودة لدولة النظام والقانون والمؤسسات التي كانت موجودة في الجنوب قبل الوحدة، فتم طمسها، وشراء كثير من الذمم التي كانت مهيأة للفساد، ولكنها فقط كانت في انتظار من يوجهها ويرشدها في استخدام طرق الفساد المختلقة للحصول على المكاسب بالطرق السريعة وغير المشروعة.

طبعاً نريد دولة النظام والقانون مع حذف بعض السلبيات، وأهمها التعصب المناطقي!. ويجب أن يسود القانون ويطبق على الجميع أفراداً ومؤسسات وهيئات، ورجال الدولة والقياديين يجب أن يكونوا في مقدمة الركب، وكما يقال: "إذا أردت أن تكون إمامي فكن أمامي"، أي إذا أردت أن تكون قائداً لي، فأجعل تصرفاتك نبراساً لي، ومثلاً لأحتذي به أخلاقياً وعملياً، وعودة الأخلاق مهم جدا، فانهيار الأخلاق هو انهيار للدولة.

وتبقى الوحدة في قلوبنا، الوحدة التي ناضل من أجلها الثوار، وضحوا بدمائهم وأعوام من الكفاح والعمل المستمر، ثوار 26 سبتمبر و 14 أكتوبر، الوحدة التي قال الله عز وجل عنها: "واعتصموا بحبل جميعاً ولا تفرقوا".
وحدة الفرد والأرض والعرض، وليس ليأكل القوي الضعيف، وحامي الشعب، (الجيش طبعا)، يُستخدم لقتل الشعب ويأخذ أوامره من قادته، وليس هناك مؤسسات دولة حقيقية، يستطيع المواطن البسيط أن يركن إليها، ويضع رأسه على فراشه وينام وهو مطمئن على حاضره ومستقبل أولاده.

نريد دولة تحمي المواطن وتحمي ثرواته ومؤسساته من الفساد الذي صار سرطانا في الحياة اليومية على كافة الأصعدة سياسياً واقتصادياً وتعليمياً ومؤسسياً.
ولا ننسى قصة المرأتين اللتين احتكمتا إلى القاضي في ولد، كل منهما تدّعي أن الولد ابنها، وعندما همّ القاضي الحكيم بأن يقطع الطفل ويقسمه إلى نصفين، صاحت إحداهن وقالت للقاضي لا.. لا تقطعه، وأعطه لها؟! فعرف القاضي أنها هي الأم الحقيقية، وسلمها الولد.

لذا فالوحدة بالنسبة للفئة الوطنية الخالصة هي كتنازل الأم الحقيقية ابنها خوفاً عليه من الموت، وهي بمثابة التضحية للهروب من الفساد والفتنة والاقتتال بين أفراد الشعب الواحد، التضحية بالوحدة والخروج بسلام، لعله في يوم ما يأتي أناسا نستطيع أن نضع أيدينا بأيديهم ويكونوا أمناء، وتكون وحدة حقيقية، ولا يوجد فيها لصوص يعبثون بثروات الوطن ويصرخون في كل مكان دون وازع من ضمير أو دين أو دولة، يصرخون بأعلى أصواتهم ويتفاخرون بعبارة "ياعزيزي كلنا لصوص".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى