المعلم والطالب ما بين مطرقة الحكومة وسندان المجتمع

> أقدار ناصر

> امتنعت طيلة الثلاث أسابيع عن الكتابة في موضوع إضراب المعلمين والمعلمات لنيل حقوقهم المشروعة، ولكن بعد هذا الجدل الواسع في المجتمع حول هذا الموضوع لم أستطع الصمت، ورغبت في التعبير حول هذا الأمر، خصوصاً أنني معلمة ودائماً أتحدث عن أن التعليم ضرورة ملحة في جميع الظروف، وأنني وضد توقف التعليم لأي سبب كان، وأنه لابد علينا من إيجاد طرق بديلة لنيل الحقوق، ولكن هذا لن يتم إلا بتظافر جميع أفراد المجتمع، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في السؤال: أين هو المجتمع المساند الواعي؟.

لم نجد ولم نسمع عن أدوار مشرفة ومساندة من قبل أولياء الأمور والمجتمع المحلي داخل المدارس إلا قلة منهم.
أين دور المجتمع والسلطة، اللذين يصرخان اليوم لتوقف التعليم ويشتمان المعلم ولا يعلمان أن من يدفع مرتب الحراسة في المدارس حتى لا تتعرض الأثاث المدرسية التي يجلس عليها أبنائهم هم المعلمون من رواتبهم الزهيدة؟!

أين دور المجتمع والسلطة اللذين لا يعلمان أن المعلم هو من يدفع أو يكمل من مرتبه ثمن راتب عامل النظافة في المدارس حتى لا يصاب أبناؤهم بأمراض معدية لسوء النظافة؟!
أين المجتمع والسلطة اللذان لم يسمعان ولم يتحدثان يوماً عن أن معلمي أبنائهم يجمعون من مرتباتهم شهرياً قيمة الوجبة التي توزع على الطلاب المحتاجين في المدارس؟!

أين دور المجتمع والسلطة، وهم يعلمون أن أبناءهم يبقون في بعض الحصص بدون معلمين، أو أن هناك من المعلمين من يحضر لتأدية حصصه ويغادر المدرسة ليلتحق بوظيفة أخرى لأن مرتبه غير كافٍ حتى يعيل أسرته ما يضطره للالتحاق بعمل خاص، فيتعرض أبناؤهم خلال هذا الوقت للأذى الذي قد يصل إلى التحرش الجنسي، خصوصاً في مدارس الأولاد؟!

أين أنتم من تحمل المعلم لمسؤولية 90 طالباً أو أكثر في الفصل الواحد في بعض المديريات ولما يتعرض له من ضغط نفسي، وبعضكم يصرخ لتحمله مسؤولية 5 من الأبناء فقط؟!
أين المجتمع الذي يصرخ اليوم، والذي يبدو سعيداً لأنه يدفع أجرة لفنان أو فنانة من حسابه الشخصي لإحيائه ليلة عرس واحدة فقط أكثر مما يستلمه مدرس أبنائه ويلبي كل طلباتهم ولا يستنكر، ويغضب إذا طالب المعلمون بحقوقهم (رغم أنه لا يوجد مجال للمقارنة بين الاثنين).

كنا نتمنى أن يكون صراخكم عن وعي، وسنكون سعيدين حينها بذلك الصراخ، ولكن للأسف، نحن نعلم أنه نابع من جهلكم وصمتكم لكثير من الأمور التي تحدث في مدارس أبنائكم وبناتكم، ولوكان المجتمع يمتلك وعياً حقيقياً ومهتماً بمصلحة الطلاب، كان مثقفوكم وعقلاؤكم وجهوا دعوات لتنفيذ وقفة داعمة لتلبية مطالب المعلمين، لأجل ضرورة عودة التعليم.. فالتعليم بحاجة لثورة وصحوة مجتمعية واسعة وحقيقية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى