تجارب الأجداد تستحق النبش والدراسة

> سالم بجود باراس

> دعونا من فقاعات العصر الحديث وفرمتة العقول، والولوج في نبش الجثث في إذكاء الخلافات التي عفى عليها الزمن وشرب، ولا يعني بأننا لا نتتبع آخر المستجدات العلمية والثقافية في العالم الآخر، بل نريد أن نخرج من بطون كتبنا التراثية الجواهر المفيدة في الطب والتجارب وكافة العلوم، لا نستهين بأي وصفة أو حكمة قبل التجربة.

قبل سنوات كان أجدادنا يقولون: "إذا أصابتك عين من إنسان فخذ قطعة من ملابسه أو شعرة من رأسه وتبخر بها تذهب عنك العين فوراً.." هذا يا جماعة مسجل في مذكراتي منذ عشرات السنين.. ماذا قال العلماء حديثي الولادة في ذلك الوقت؟، هذه خرافات خزعبلات.. ثم ماذا بعدما يدرس أحد العلماء في بلاد الحرمين دراسة جديدة هكذا ظن نفسه، وخرج بما يلي: أثبتت التجارب إن التدخين بملابس العائن مجرب يذهب العين فوراً ويشفي من مرضه الذي أصابه بسبب العين، انظر كلام أجدادنا.. بالأمس خرافة ودجل وخزعبلات واليوم يثبتون صحته.

والله لدينا الكثير من الكنوز من أجدادنا الأوائل، تحتاج للحفظ والتجربة والدعك من أنصاف المعلمين وسريعي إصدار الحُكم عن الأشياء. نحن أمة تستهلك أكثر مما تنتج في كل شيء، الطعام والعلم.. أعني في وقتنا الحاضر، جيل مبرمج على ما يقوله مجمع العلماء هناك، وكأنه كتاب مقدّس يمنع الرد عليه أو فحصه، والسؤال كيف: ولماذا؟

قبل سنوات غصت في علم الإيحاء والتنويم المغناطيسي (تسمية علمية مشهورة) بالعلم وليس بالدجل، وقمت بتنويم أشخاص كثر.. طبعاً فضول علمي للتجربة فقط، فوجدت أحد أنصاف المعلمين يقول لي: هذا سحر وحرام، وهذه فتوى من مجمع علماء الحرمين بتحريم التنويم المغناطيسي.. سألته ما الحرام فيه؟. هذا علم قديم ومعترف به دولياً، وتم تطويره ويعتمد على أسس علمية وتطبيقية، لم نستخدم أي كلمات غير مفهومة ولا طلاسم ولا أي شيء.. كيف حُرِم وكيف تم تعميم الفتوى؟!

لم يستطع الجواب لأنه من ضمن الجيل المستورد للسمك الجاف. نفس هذا الشخص الجامعي ذو الفكر المتحجر أردت أن أكشف للجميع أنه جاهل وسريع الحُكم على الناس، ففي مجلس يضم مثقفي القوم جاء ودخل وعيونه تتطاير شرراً، لأنني مطلع على علم الإيحاء (التنويم المغناطيسي) فقلت له: أنت تحكم بدون علم أو دراية والجميع يتأثر بما تقول ويصبح الجيل معطلاً للعقل والفكر ولا يستخدم (كيف، ولماذا). وسأثبت لك أنك لا علم عندك.

لقد أفرزت لنا الفتاوى الحديثة الغث والسمين والأول طغى على جيلنا فالسؤال وكيف ولماذا محرم ولكن بإيحاء خفي.
زبدة الموضوع، لنعد لتجارب أجدادنا وندونها وما كان بالأمس من أقاويل العجائز والشيبان أصبح اليوم علم ومثبت.. ولا أستبعد أن معظم العلوم القديمة تم إلباسها ثوب العصر الحالي وانتجت من جديد بثوب عصري وحديث.. وكما يقول المثل الشعبي: "السيل من مراه والجودة لعقرون".

ونختم بتجربة.. أصيب أحد طلابي برعاف شديد، فقلت له: دقيقة.. وسوف أقطعه لك وأنت تبعُد عني مترا ولن ألمسك.. استغرب الحاضرون، هل هذا سحر أيضاً؟، فقلت له حرّك فكيك وعُد حتى المئة.. ولما أكمل انقطع الرعاف. فقلت له: لو كنت لحالك أمضغ لبان.. مالم حرّك فكيك كما التجربة الأولى. الحياة تجارب وعلم ومعرفة.
فهل من نبش للتجارب وغربلتها من جديد للفحص والتمحيص في كافة العلوم الطبية والتجارب الغريبة، فربما نعود للعصر الذهبي بدلاً من أن تبقى حبيسة الإدراج.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى