نساء في ذاكرة التاريخ: رضية إحسان الله عمر.. رمز نسائي للكفاح والتحرير والحرية

> نجيب محمد يابلي

>
حراك ابنة عدن العنيد دفع بريطانيا لاعتقالها
​الميلاد والنشأة
رضية إحسان الله عمر من مواليد كريتر عام 1933م في مبنى مجاور لفندق والدها إحسان الله عمر، ويندرج الفندق المذكور ضمن سلسلة فنادق ومكتبات ومطابع ومؤسسات تجارية ومالية عرفت بها عدن منذ أواخر القرن الماضي.
والدها إحسان الله عمر من رجال البر والإحسان، وبحسب ما ذكره الراحل الكبير عبدالله عبدالمجيد الأصنج أن إحسان الله عمر مع عدد كبير من تجار عدن قدموا أموالاً بسخاء لنصرة ضحايا العدوان في حيدر أباد وكشمير جزيرة زنجبار في شرق أفريقيا وبور سعيد في مصر (ولمزيد من التفاصيل راجع «الأيام» الصادرة يوم 11 أكتوبر 2007م)
تلقت رضية إحسان الله عمر تعليمها الابتدائي والمتوسط في عدن ثم غادرت إلى سوريا وحصلت هناك على الثانوية العامة ثم التحقت بجامعة بغداد وحصلت على البكالوريوس في القانون والتحقت بعد ذلك بجامعة البنجاب العريقة في جمهورية باكستان الإسلامية وحصلت على الماجستير في العلوم الاسلامية كما حصلت من نفس الجامعة على الماجستير في الآداب.

رضية إحسان في وظائف قيادية
رضية إحسان الله
رضية إحسان الله
لم تتمكن رضية إحسان الله عمر من إنهاء عملها في الإعداد لأطروحة الدكتوراه في الأدب العربي حول أبي العلاء المعري، حيث تفرغت لأعمال خاصة، حيث عملت مديرة لفندق والدها فندق إحسان في وسط كريتر، ثم مديرة لمطبعة البعث للخالد الذكر محمد سالم علي عبده في مدينة عدن فمدرسة لعلوم اللغة العربية والشريعة في جامعة عدن، وستورد لاحقاً المهام والأعباء التي تحملتها.

 داعية لحقوق المرأة
برزت رضية إحسان الله عمر كداعية لحقوق المرأة وعملت مع زميلات لها على إنهاء دور نادي نساء عدن الذي أنشأتها السلطة البريطانية، وقامت بتأسيس جمعية نسائية اسمتها «جمعية المرأة العربية» وقد اختيرت أميناً عاماً للجمعية، وفي هذا المقام لا تفوتنا الإشارة إلى الرعيل النسوي المؤسسي عندما استجابت (69) سيدة عدنية في يناير 1956م للدعوة التي وجهتها السيدة رقية محمد ناصر (حرم محمد علي لقمان) أم صلاح، إلى حضور اجتماع تأسيسي في منزلها لتشكيل الجمعية  العدنية للنساء.

وانتخبت المؤسسات رقية ناصر رئيسة، وسعيدة محمد عمر الشيبة (سعيدة باشراحيل والدة هشام وتمام) نائبةً للرئيسة، وتولّت السيدة ماهية نجيب (والدة الكاتب والمصرفي محمد نجيب سعد) سكرتيرة للجمعية، بعد أن كن عضوات في نادي سيدات عدن الذي تأسس عام 1949 وكان مزيجاً من سيدات أجنبيات وعربيات.
وفي العام 1960م انسحبت بعض العضوات من نادي سيدات عدن وأسسن جمعية المرأة العربية، ومن أبرزهن رضية إحسان الله، وصافيناز خليفة، وصفية لقمان، وعائشة السقاف (راجع الورقة المقدمة إلى المؤتمر المحلي للمرأة محافظة عدن والموسومة الدور التنويري لعدن في نشوء القطاع النسوي الفاعل (20 - 21) يونيو 2012 والتي قدمها نجيب محمد يابلي.
رضية احسان الله سكرتيرة المرأة العربية في الستينيات تصافح الكابتن ياسين محمد علي الزغير في مباراة بين الحسيني والشباب الرياضي 1964
رضية احسان الله سكرتيرة المرأة العربية في الستينيات تصافح الكابتن ياسين محمد علي الزغير في مباراة بين الحسيني والشباب الرياضي 1964

من التنوير إلى التحرير
شاركت الجهبذ رضية إحسان الله في العديد من الأنشطة المجتمعية والطوعية والسياسية والنقابية، منها عضوة الهيئة العليا لحزب الشعب الاشتراكي وعضوة إدارية ومسؤولة التوعية في نقابة الصناعات المتنوعة بعدن ومسؤولة التوعية في جبهة التحرير وعضو مستقل في مجلس التنسيق لمحافظة عدن ومؤسسة لجمعية الحفاظ على الزي الوطني بمدينة صنعاء.

عدن في مركز متقدم على سائر مدن الجزيرة
هناك تقرير مفصل عن النشاط النسوي في مدينة عدن أعدته مناضلات معتبرات هن: أرضية شمشير علي، وفتحية ناجي الصياد، وهناء حامد خان، وذلك يوم 14 ديسمبر 2004، ودعت الضرورة بأن أشير إلى القطاع التنظيمي النسوي لمناضلات جبهة التحرير منهن:
1 - ليلى جبلي 2 - نعمة سلام 3 - رضية إحسان الله عمر 4 - صافيناز خليفة 5 - زينب ذو الفقار 6 - فورشيد محمود خان 6 - فتحية ناجي الصياد 8 - نفيسة منذوق  9 - أسماء عوض ميجر 10 - زينب ديرية 11 - حياة حداد 12 - ماهية عبدالحميد 13 -  أنيسة أحمد هادي 14 - رضية أحمد هادي 15 -  ثريا باسنيد 16 -  بهجة سوقي 17 - مريم عبدالسلام 18 -  لولة حميدان 19 - أم الخير أحمد حيدرة 20 - منار حامد خان 12 -  رضية شمشير 22 -  نجاة عقبة 23 -  إنتصار أديب 24 - صفية عمر عبدالكريم 25 -  زكية إحسان الله 26 -  إحسان سالم باسندوة 27 - زينب سالم باسندوة 28 - آسيا عبدالمجيد الأصنج 29 - خولة محمد عبدالرحمن 30 -  سعيدة يحيى 31 -  راقية حريري 32 -  فتحية حاتم 33 - فطوم خليل سليمان 34 - عائشة كرامة 35 -  هيام معتوق مكاوي 36 - عائشة السقاف 37 -  سعاد حريري 38 -  نجاة راجح 39 -  منيرة راجح 40 - ملكة محمود 41 - نجاة أحمد حيدرة 42 - عيشة عمر عوض 43 - عائدة غانم 44 - لطيفة شودري 45 -  ملكي يافعي 46 -  فاطمة قعطبي 47 -  نسيم عبدالله 48 -  نجاة خليفة 49 -  مرام أحمد زوقري 50 -  إعتدال ديرية 51 -  فطوم غالب عنتر 52 - رجاء سالم باسندوه 53 -  فوزية عجينة 54 - نورا خليفة 55 -  فطوم محمد أحمد يابلي 56 - نجيبة عبدالله علبي 57 -  لولة باحميش 58 - عواطف يحيى إسماعيل 59 - منى عبدالكريم 60 - سعاد حامد خان 61 - عديلة جعفر 62 - نادرة عبدالياس 63 - فوزية ميجر 64 - آسيا أحمد الحاج 65 - فطوم راجح 66 - سميرة راجح 67 - عائدة راجح 68 - صفية علي لقمان.

قطاع أمهات وزوجات الشهداء وفدائيي جبهة التحرير
1 - أم الشهداء نظيرة مكاوي 2 - فضيلة علي سالم 3 -  مسعد خليفة 4 -  نفيسة ياسين ميراغش (والدة الشهيد حيدر شمشير) 5 - جمالة مكاوي (أم عثمان قاسم خان) 6 -  كلثوم علي حداد 7 - مريم زوقري (أم الشهيد هشام زوقري) 8 -  حليمة يوسف 9 -  خديجة علي عمر (والدة أنيس حسن يحيى) 10 -  فطوم حميدان 11 -  حرم عبده حسين الأدهل 12 -  سلوى حسين أمان  13 -  فطوم محمد ناجي.

تنتهي قوائم أسماء المناضلات وزوجات وأمهات الشهداء والمناضلين بتوقيعات المناضلات رضية شمشير، وفتحية ناجي الصياد ومنار حامد خان، بتاريخ 14 ديسمبر 2004م.

رضية إحسان رهن الاحتجاز البريطاني
شغلت الجهبذ رضية إحسان الله عمر بال السلطات البريطانية لنشاطها المؤثر على الساحة وخضعت للمحاكمة والاحتجاز أو السجن السياسي مرتين لمدة شهرين أضربت خلالها عن الطعام، وتم الإفراج عنها لاعتلال صحتها بسبب الإضراب.

رضية إحسان في ذاكرة رضية شمشير
نشرت الزميلة «الأيام» في عددها الصادر في 30 يناير 2020م موضوعاً موسوماً (رضية إحسان الله عمر، رحلت فارسة زمانها عاشقة عدن) للجهيبذ رضية شمشير علي التي ربطتها علاقة صهارة بالجهبذ رضية إحسان الله، فالمناضل الوطني محمد علي شمشير شقيق رضية شمشير متزوج من ابنة عمر إحسان الله شقيق رضية، وورد في موضوعها الذي افترش صفحة كاملة من «الأيام» تفاصيل في مختلف محطات الجهبذ رضية واختتمت موضوعها بعنوان بارز (رضية قارئة فنجان من طراز جديد)، حيث تنبأت الجهبذ رضية بأن هناك مخطط تدمير لعدن وأرضها الذي طال حتى متنفسات عدن وهو مؤشر جلي بأن عدن مستهدفة من خلال مخطط بربري عشوائي لا علاقة له بالمدنية.

رضية إحسان والرائدة هدى شعراوي
من ضمن الإفادات التي وردت في موضوع الجهيبذ رضية شمشير من الجهبذ رضية إحسان الله، تأثرت رضية إحسان الله بالرائدة النسائية المصرية هدى شعراوي (23 يونيو 1879 - 12 ديسمبر 1947) التي قادت المظاهرات في ثورة 1919م المصرية، وسارت رضية إحسان الله على نهج هدى شعراوي واقتنعت بأن السفور ليس خروجاً على الإسلام، واستعانت بأبرز رجال الدين، وفي مقدمتهم الشيخان الجليلان محمد بن سالم البيحاني، وعلي محمد باحميش.

الوزيرة المصرية ورضية إحسان
نشرت الزميلة «الأيام» في عددها (1540) الصادر في 21 يناير 1964 م (وأعادت نشرها في 31 أكتوبر 2005م) الخبر التالي:

حكمت أبو زيد تؤيد رضية إحسان
أعربت د. حكمت أبو زيد، وزيرة الشؤون الاجتماعية في الجمهورية العربية المتحدة، وقوفها مع المرأة العدنية في ثورتها مع شعب عدن ضد السيطرة الاستعمارية، وأضاف: «راديو صوت العرب» الذي أذاع هذا الخبر بأن الـ د. حكمت أبو زيد بعثت ببرقية إلى الآنسة رضية إحسان الله سكرتيرة جمعية المرأة العدنية في عدن قالت فيها: «من قلب الإضراب العام الذي قمنا به في الجمهورية العربية المتحدة في ذكرى الاحتلال لعدن يوم 19 يناير 1839م نؤيد المرأة العدنية البطلة في كفاحها». «إننا نعلن أن نساء الجمهورية العربية المتحدة، ونساء الوطن العربي يقفن مع نساء عدن صفاً واحداً حتى تنتصر قضية عدن وترتفع أعلام الحرية».

فتحية صديق و رضية إحسان
كما نشرت «الأيام» (رضية إحسان الله الشمس التي لن تغيب) للمناضلة فتحية محمود صديق، ابنة المناضل الوطني المعروف محمود صديق، وتطرقت فتحية إلى علاقات الآباء والأبناء، فرضية إحسان الله، ومحمود صديق قياديان في حزب الشعب الاشتراكي وفي جبهة التحرير، فيما كانت وفاء عمر إحسان الله، وفدوى فاروق إحسان الله زميلتي دراسة لفتحية صديق.

وتفيد فتحية أن اسم العمة رضية كان يتردد دائماً ضمن أحاديثهن والتقت فتحية صديق بالجهبذ رضية في العراق للدراسة الجامعية، فيما كانت رضية إحسان الله تحضر للماجستير.. شدتني فتحية صديق عندما أشارت: «أبهرتني شخصيتها، امرأة بتاريخها المشرف الطويل كان من الممكن أن تكون في أعلى المناصب، اتّكالاً على دورها النضالي، ومع ذلك اختارت أن تعيش في صمت، واختارت مجالات أخرى للعطاء، حيث عملت في المكتب القانوني للدولة وبعدها أنشأت جمعية الحفاظ على الزي الوطني».

رضية في ذاكرة محسن عبده قاسم
الأخ العزيز محسن عبده قاسم، رجل الأرشيف والتوثيق ويعتبر ذاكرة عدن، حيث سخر معاشاً من تلك الذاكرة في شيء من ذاك الزمان، وانتفعت من تلك الذاكرة عند الإعداد لهذه الحلقة، ورابط محسن لسنوات طويلة من ضمن فريق عمل الراحل الكبير عبدالله محيرز في هيئة الآثار، وأفادني بأن الراحلة الكبيرة رضية إحسان الله كانت تتردد على مكتب أ. عبدالله محيرز بالتواهي، بجانب نادي البحارة، وكانت تطرح عليه أسئلة معينة عن تاريخ عدن ويوافيها بالإجابات الشافية ويصور لها صفحات من الأرشيف التاريخي لعدن.

رضية إحسان محتسبة عند ربها
مع بزوغ فجر الثلاثاء 14 يناير 2020م انتقلت الراحلة الكبيرة رضية إحسان الله عمر إلى رحمة ربها عن 83 عاماً في شقتها الصغيرة بحي سواد سعوان في صنعاء، وحسب أ. رضية شمشير لم يكن هناك مؤنساً لها في وحشة الغربة غير ذكريات الماضي واللواء سالم حلبوب أحد المنصفين لمسيرة الراحلة الكبيرة في كتاب «من أجل استقلال الجنوب» 1956 - 1967)
من مؤلفاتها:
* وثائق حرب اليمن - عدن 5/ 5 / 1994 حتى 7 / 7 / 1994م، صدر في عام 1996.
* التعريف المبسط للشريعة الإسلامية: المدخل إلى الشريعة الإسلامية - عام 1999م.
* الكامل في ترجمة ابن قزمان إمام الزجالين – 1999.
* عدن: قضية ممنوعة خلف التعتيم الإعلامي العالمي: يوميات الاحتلال اليمني في عدن (1999 - 1995)، صدر في العام 2001م.
* الفعل يحاكم خالقه آخر صرخة منكرة في الغرب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى