شربة ماء

> عصام عبدالله مريسي

>
 
عصام مريسي
عصام مريسي
نعم، عدن اليوم تستغيث بلسان الحال والمقال، وهي تطلق صرختها، وبالطبع ليس كصرخة الجماعة الحوثية، ولكنها صرخة إنسانية وصرخة مسؤولية لكل الجهات والدوائر الحكومية المسؤولة عن إدارة المياه، ليقوموا بواجبهم في توصيل مياه الشرب لكل أحياء وشوارع ومدن ومديريات العاصمة عدن التي يعاني سكانها من شح وصول المياه إلى منازلهم، وفي كثير من الأحيان انقطاع المياه كليةً عن بعض أحياء عدن لمدة تصل إلى عدة أيام متوالية.

أحياء عدن في مختلف مديرياتها يعيش سكانها حالةً من البؤس والشقاء في ظل انعدام المياه وعدم وصولها إلى منازلهم، ما يضطرهم للوقوف في طوابير في تجمعات أمام آبار المساجد في تلك الأحياء أو أمام تجمع للمياه، قد تتوافر في تلك الأحياء والمقتدر منهم يتكلف التكاليف الباهظة في استئجار سيارات صهاريج المياه لتضخ المياه إلى منازلهم.

عدن قبل الوحدة لم تعرف يوماً انقطاع المياه، ولم تكن معظم البيوت تضع فوق رأسها العمامة البيضاء (الخزان)، ولم يكن أحد يحتاج لدينامو تدفع المياه إلى المنازل، والصورة المقابلة بعد الوحدة المباركة بدأت انقطاعات المياه تتسلل على منازل عدن ولحج وأبين حتى وصل الانقطاع التام فلم يعد يصل الماء إلا عن طريق آلة الدفع "الدينامو"، واستمر التدهور في تقديم خدمات المياه حتى باتت أحياء لا يصل لها الماء بواسطة آلة الدفع.

ما الأسباب التي أوصلت الحال إلى هذا المستوى من تدنٍ في الخدمات في مدن مثل عدن ولحج وأبين، مع العلم أن معظم هذه المناطق حارة، والمواطن أكثر استهلاكاً للمياه، والماء لا غنى عنه في كل الأحوال وإن اختلفت الظروف المناخية.
هل من الأسباب نضوب المياه في تلك المحافظات، مع العلم أن هذه المحافظات تقع على مخزون مائي كبير، أو هي حالة من ممارسة سياسة التعذيب والتأديب للمواطن في تلك المحافظات؟.

وسار تدهور خدمة المياه وهي خدمة مدفوعة الأجر نحو الانحدار إلى أدنى مستوى بعد 2011م، أي بعد الثورة الشبابية المطالبة بالتغيير وتحسين الأوضاع المتدهورة، وحصل ما حصل من انفلات هيبة الدولة وبالمقابل امتنع كثير من المواطنين من سداد قيمة الفواتير مجاراة لما حصل مع فواتير الكهرباء، وللحق.. فإن فواتير المياه وتعريفة الاستهلاك هي منطقية مع دخل المواطن خلافاً لتعريفة الكهرباء، لكن كثير من المواطنين ربط بين استغلال الدولة لهم عبر وزارة الكهرباء بفرض تعريفات لا تتناسب مع دخل معظم المواطنين وسداد فواتير المياه، واستمر الحال حتى حرب 2015 والذي تمثل بالسقوط التام لهيبة الدولة ووزاراتها المختلفة، ودخلت شرائح أكبر حلبة الامتناع عن تسديد الفواتير وتراكمت المديونيات على المواطنين ولعل هذا من أسباب عجز المؤسسة العامة للمياه من الوفاء بالتزاماتها تجاه المواطنين وتقصيرها في القيام بمهمة توفير المياه بالشكل المطلوب.

لهذا فعلى القائمين على وزارة المياه تدبير آلية للخروج من حالة العجز ومساعدة المواطنين على العودة لتسديد فواتير المياه حتى تضمن الاستمرار في توفير الخدمات التي باتت مهددة بالتلاشي، فكيف يتصور مدينة مثل عدن أو لحج وأبين من دون ماء.
لا بد من الخروج من مأزق تدني خدمة المياه، ولن يكون ذلك إلا بحلول ترضي المواطن وتخفف عن كاهله المديونيات المتراكمة، وكذا ترضي القائمين على مؤسسة المياه بعودة الإيرادات التي تضمن لهم الاستمرار بتقديم خدمة المياه للمواطن على أفضل صورة. ​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى