كورونا.. وسالمين والعولمة

> حسين باراس

>
 حسين باراس
حسين باراس
العولمة.. هذا المصطلح سمعناه كثيراً، ولكن قد يجهل البعض معناه الحقيقي وخطورته على حياتنا أو المقصود به. العولمة مفهوم شامل، والذي يهمنا اليوم وهو موضوع حديثنا هو العولمة الاقتصادية والتي هي "الاندماج بين اقتصاديات الدّول، دون وجود أيّة عوائقٍ جغرافيةٍ أو سياسيةٍ أو اقتصاديةٍ كفرض التّعرفة الجمركية على السّلع، والخدمات"، هذا حسب ما عرّفه الاقتصاديون، ولكن يظل المعنى غامضاً وعصيّاً عن الفهم للكثير بسبب المعنى الفلسفي للموضوع، وسنحاول شرحه بقصة قصيرة:
سالمين يرعى الغنم في ريف حضرموت ويعيش عليها، أحمد هو الزبون الدائم لمنتجات سالمين والذي يقوم بتصديرها إلى دول الجوار، وفي دول الجوار تتم الاستفادة إلى الحد الأقصى من هذه التجارة، حيث يستهلك اللحم في السوق المحلي، بينما يتم تصدير الجلود إلى الصين، في الصين يعمل المصنع بطاقته القصوى لإنتاج أحذية وحقائب لتصدر إلى أوروبا وفرنسا وتباع كماركات فاخرة.

نحن هنا أمام منظومة معقدة لمجموعة من الأشخاص يعملون كفريق دون أن يعرفوا بعض وليس لديهم أية أسس تنظيمية ولا يجمعهم أي عمل مؤسسي بالمعني الحرفي للكلمة، ولكن تجمعهم إدارة المال ومنظومة دولية للتبادل الاقتصادي (العولمة). 
هذه المنظومة بقدر ما هي معقدة إلاّ أنها هشة إلى حدٍ ما، فإذا حصل خلل في أية مرحلة ممكن أن يتأثر الجميع، إنه مصنع في خط إنتاج عابر للقارات.. إذا عدنا إلى قصتنا السابقة واستحضرنا السيناريو التالي مع ربطه بواقعنا الحالي.

انتشر فايروس "كورونا" في مدينة ووهان، وتم إيقاف الحركة في المدينة وهو ما أدى إلى توقف أكبر مصانع الجلود في الصين ليتوقف استيراد الجلود من الشرق الأوسط وتباعاً تم إيقاف كل المنظومة وصولاً إلى صديقنا سالمين الذي قد لا يكون سمع عن ما يحدث في الصين.
عالم كبير أصبح مرتبطاً بمنظومة مصالح، الهدف منها تسهيل حياة الناس والاستفادة القصوى من إمكانات الكوكب وتقديم منتجات رخيصة وتنافسية ولها أهداف سياسية أخرى لا مجال لذكرها هنا، والذي يهمنا هنا كيف أصبح العالم هشاً يعمل مثل الجسد الواحد كل جزء له تأثير بشكل أو بآخر على حياتنا.

ما يحدث اليوم في الصين له عواقب كبيرة على اقتصاديات العالم، اقتصاد الصين سيصاب بأضرار بالغة إذا استمرت الأزمة وانتشر الفيروس، وهذا قد يؤثر على مبيعات الشركات الكبرى وتتوقف الكثير من المصانع، وهو بدوره قد يؤثر على مبيعات شركات كبرى ومن ثم انخفاض الطلب على النفط والذي بدوره قد يؤثر على اقتصاديات الشرق الأوسط والتي تعتمد على النفط بشكل أساسي.
نحن اليوم نعيش في قرية صغيرة وهشة في آن واحد، وحياة الناس تتأثر بكل ما يحدث في العالم، أنها العولمة.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى