الفساد بحماية إقليمية.. انظروا

> صلاح السقلدي

> ليست المرة الأولى التي تكشف فيها مصادر مقرّبة من السلطة اليمنية المسماة جزافاً بالشرعية، عن حجم المبالغ الهائلة التي تتسلمها قيادات كبيرة فيها، تشغل مواقع عُليا ومتوسطة بالحكومة والرئاسة وغيرها من المناصب والمؤسسات المدنية، أما العسكرية ثقب أسود من الصعوبة سبر غوره وكشف قراره العميق، فهو أكبر من أن يُعد أو يحصى بكشف أو كشوفات أو بتسريب عبر مصدر أو مصادر. علماً أننا هنا نحن نتحدث عن مصادر مقربة من السلطة وليست مناوئة، فعلى سبيل المثال وليس للحصر يستلم كل من: الوزير 7000 دولار، النائب 6000 دولار، الوكيل 5000 دولار، المستشار 3000 دولار، والقائمة تطول.. فهذه المبالغ تشمل فقط الرواتب الشهرية، خلاف باقي الحوافز والامتيازات الأخرى، ولا نعتقد أن هذا الكشف سيكون الأخير أن ظل الوضع يراوح مكانه من التسيب وغياب التسوية السياسية وضياع المؤسسات وبالذات الرقابية، كما أن هذه المبالغ ليست أكثر من نتفٍ صغيرة من كومة فساد مالية وإدارية ضخمة، ولا تكشف أكثر من رأس جبل جليد الفساد والمحسوبية والفوضى العارمة.

قد يقفز أحدهم، ويقول إن هذه المبالغ تقدم لهم من السعودية مِن حُر مالها، وهذا غير صحيح بالمطلق، فالموارد اليمنية من النفط والغاز والقروض والمساعدات الخارجية والموارد الضريبية بالمنافذ وحتى ما تقدمها منظمات الإغاثة وغيرها من المصادر المالية كلها تحت تصرفهم. وحتى لو افترضنا جدلاً أن السعودية هي من تمولهم، فهي مثل باقي الدول لها مصالح باليمن ولن تمنح دولاراً ولا ريالاً إلا بمقابل ثمن بشكل أو بآخر، أو سيتم احتسابه ضمن قائمة ما تصرفه باليمن وضمن المديونية من القروض التي سيكون على اليمن سدادها مع الفوائد سواءً نقداً أو على شكل تنازلات ومقايضات بها على الأرض. فالمليارا دولار التي قدمتها المملكة هي عبارة عن وديعة بنكية وليست دعماً لوجه الله ولوجه اليمن كما يظن بعض البسطاء.

فالسعودية وجدت في هؤلاء الفاسدين ضالتها المنشودة، فإن لم يكن هؤلاء فاسدين لأفسدتهم رغماً عنهم، أو لبحثت عن غيرهم، فهي بحاجة لهذا النوع الفاسد من المسئولين، الذين عبرهم تستطيع تمرير سياستها بكل سهولة ودون أن ينالها العتب، فهي وليست بحاجة لرجال شرفاء ووطنيين يصدّعون برأسها ويقوضون جهودها ويكبحون أطماعها.

حين تكون الحرب دجاجة تبيض ذهباً لصاحبها، فهل سيذبحها أو حتى يبيعها؟ قطعاً لا.. فهل المسئول الذي يقبض بالشهر كل هذه المبالغ في أوضاع حرب سيكون حريصاً على وقفها في حين أن وقفها سيعني له بالضرورة وقفاً لصنبور الدولارات وحنفية الريالات؟.. ولهذا فلا غرو أن نسمع حالة الانزعاج والصرع تتملكهم من أية جهود دولية لوقف هذه الحرب أو حتى مجرد التهدئة.. فالحروب بطبيعتها تنتج بكتيريا طفيلية تقتات على جثة الأوطان، وتكون سبباً بإذكائها كلما فترت واستمرارها كلما استشعرت وقفها.

وبالتالي، فلا مجال لوقف هذه الحرب دون التخلص من هذه الطفليات أو تحجيم ضررها.. مقاول الحرب وتاجر المقابر وهوامير مضاربي العملات الصعبة وسماسرة المحروقات والأراضي يشكلون أبرز عوامل استمرار الحرب أي حرب، وأكبر مصدر خطر ومعوّق على حاضر الشعوب ومستقبلها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى