عبدالناصر كان وحده أمة كاملة

> حسين فروي

>
 منذ خمسين عاماً، مات الرجل العظيم، الرجل الخالد، مات عبدالناصر، ما مات عبدالناصر حتى أحدودب ظهره تحت أثقال السنين الطوال وأثقال الأمانة التي تحملها في قيادة الأمة العربية، مات عبدالناصر مرذولاً محبوباً في آن واحد، يبغضه الحاضر لأنه يجهله ويحبه المستقبل لأنه يعرفه، وأن في هاتين العاطفتين البغض والحب سر عظيم من أسرار المجد والعظمة لذلك الرجل العظيم.

كان عبدالناصر رجلاً وأكبر من رجل، كان وحده أمة كاملة. إنه عاهد نفسه على إنجاز عمل عظيم فأنجزه، ولم يخلف وعده وكانت الإرادة الإلهية وجدت في عبدالناصر أصلبها عوداً فاختارته للقيام بالعمل الذي قام به للأمة العربية.
هذا الزعيم أدار وحده رحى في تلك المرحلة العصيبة بمصر والعالم العربي حرب العلم والجهل والعدل والظلم والصلاح والفساد، فتم على يده الخير للبشر وفاز فوزاً مبيناً.

كان عبدالناصر قلباً وعقلاً، له رقة الإنسان المتواضع وشدة الأسد في سطوته. عبدالناصر محا الخرافات والعادات وأرغم أنف الكبرياء وأذل أعز الأكابر في العالم ورفع الظلم، حيث لا يصل ظلمه القاضي، علّم ومدّن وهذّب وواجه في سبيل ذلك من الشدائد والمحن والقهر ما يكسر صورة النفس، فلم تنكسر صورته ولم تفتر عزيمته، بل كان يلقى الابتسامة بالسخرية والغضب بالاستخفاف والقوة القاهرة بالابتسامة المؤثرة، ما يميز هذا القائد العظيم أنه يملك نفسه عند الغضب بل كان عقله ميزان أعماله يبتسم للقوي فيخجله بتهكمه واستخفافه، وللضعيف بيسره وانعطافه، فلنمجد تلك الابتسامة التي كانت كأشعة الفجر تمحو الظلام.

كانت ابتسامته كبارقة السيف يرتاع لها الأعداء ويرتاح له البسطاء، ابتسامة إنارة الطريق للعدل والحق والصلاح والحرية.
ما كان عبدالناصر أذكى الناس ولا أعلم الناس ولا أعقل الناس، ولكن كان أشجع الناس، ما كان من الأغنياء ولا من بيت الملك، وما كان آمراً ولا ناهياً، ولكنه لقي من إجلال الناس بموته وإعظامهم لمصيبتهم ما لم يلق واحد من هؤلاء البشر.

عبدالناصر تقدم وحده وأثار حرباً على الظلم والاستبداد في العالم العربي، ما كان له سلاح غير الإرادة والعزيمة، فبالإرادة حارب، وبالعزيمة انتصر.
أيها الراحل البطل.. طبت حياً وميتاً خدمت أمتك في مصر والعالم العربي في حياتك، ولولا حياتك ما تمت العاطفة في نفوس العرب، ولولا مماتك ما عرفت الأمة العربية أنها على اختلاف مشارب أهلها ومذاهبهم تجمعهم كلمة واحدة هي حب الأمة العربية وحب رجالها المخلصين أمثالك.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى