إنقاذ عدن

> د.هشام محسن السقاف

> خرج أهالي عدن يوم 12 مارس الجاري رافعين الصوت، استنكارا لما يحدث في عدن. ولا يجب لأي قوى في الساحة العدنية والجنوبية، فعالة كانت أو حاكمة أو في منزلة بين المنزلتين، أن تتجاهل معاناة عدن، عدن التي لا يجدي نفعا لها ولا لناسها التغني بها وذرف الدموع عليها وتعداد خصال الحسن الخرافي فيها؛ من قبل المسئولين الرسميين أو بحكم الأمر الواقع، دون الفعل الاتساقي الذي يعيد إليها سيرتها الأولى، وينتشلها من براثن العبث المليشاوي والبلطجي والتدمير الممنهج لأرضها ومتنفساتها وآثارها ومؤسساتها وبنيتها التحتية ومنظومة الأخلاق المتعارف عليها في مدينة (كوسو مبوليتيكن) مدنية ومدينية شامخة ذات جذور حضارية ضاربة في عمق التاريخ، تسبق كثيرا التحضر المجلوب في غير مكان في المعمورة، حيث يرد ذكرها العاطر في الأسفار التوراتية ويتخلد اسمها بجنات عدن في القرآن، وتحفظها النقوش المحفورة في ذاكرة الزمان وتجلي المكان، دون أن ننسى (بردتها) التي تشرفت بارتداء الرسول الخاتم، صلعم، لها وإهدائه إياها للشاعر كعب بن زهير بعد عودته من الضلال مسلما ومنشدا الرسول، صلعم، مادحا ومعتذرا له في مسجده بقصيدته اللامية العصماء التي تقول بعض من أبيات مختارة منها:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

متيم إثرها لم يفد مكبول

وما سعاد غداة البين إذ رحلوا

إلا أغن غضيض الطرف مكحول

أنبئت أن رسول الله أوعدني

والعفو عند رسول الله مأمول

وقد أتيت رسول الله معتذرا

والعذر عند رسول الله مقبول

مهلا هداك الذي أعطاك نافلة

القرآن فيها مواعيظ وتفصيل

إن الرسول لنور يستضاء به

مهند من سيوف الله مسلول

لقد تجاوز العبث في عدن كل حد، وهؤلاء العابثون تجاوزوا بكل عنجهية وصلف ما عملته سلطة الاحتلال العفاشي بعد 7/ 7/ 1994م، فالأراضي والمتنفسات والأماكن الأثارية ومؤسسات الدولة وأحواض الملح والبحر والجبال تنهب بقوة السلاح والأطقم بما في ذلك الأماكن التي لم يتجرأ النظام السابق على الاقتراب منها! ناهيك عن ما يجري من بلطجة وقتل الناس بدم بارد في الشوارع دون أن نرى رادعا قانونيا لهؤلاء القتلة والعابثين الذين انتشروا كالفطر السام بعد التحرير فقط، بينما لم يظهر أحد منهم أثناء معارك التحرير التي خاضها شباب عدن الأبطال.

لن نهرق حبرا إضافيا لتحريك نوازع الخير وغرائز الغيرة على هذه المدينة في صدور المسئولين فيها، فهؤلاء اكتفوا من المشهد المأساوي بالاستفادة منه وإطالة أمده، وكأنهم بقية باقية من سلالة نيرون.

لكننا نتوجه إلى القوى المطالبة بإعادة دولة الجنوب وعدن موئل هذه الدولة المفرد، من المجلس الانتقالي وكل ما يقع تحت يديه عسكريا وأمنيا ومدنيا، وقوى المقاومة الجنوبية والحراك الجنوبي والأحزاب والقوى السياسية والشخصيات الاجتماعية والاعتبارية والمثقفين والأدباء والأكاديميين ومنظمات المجتمع المدني.. أن يتوحدوا تحت صيغة إنقاذية لعدن بكل ما يتطلبه الإنقاذ من عمل سريع. وهذه الصيغة ستكون مدخلنا إلى كل ما ناضل من أجله الجنوبيون، فلا جنوب حرا ولا جنوبا عربي ولا انفصال ولا استعادة دولة وعدن تغرق في هذا العبث، ولا مصداقية لكائن من كان لا يجعل هذا المشروع الوطني الإنقاذي لعدن برنامج عمله الأساسي واليومي حتى نعيد لعروس البحار بسمتها المسروقة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى