إستراتيجية الحرب الغامضة

> عصام مريسي

>
عصام مريسي
عصام مريسي
رحى الحرب مازالت دائرة تحصد الأرواح وتنهش الاقتصاد المتهالك وتخلف الدمار وترسم علامات المجهول وأسئلة استفهام لا حدود لها، والمواطن في محافظات الجنوب يعيش تبعاتها الاجتماعية ويعاني ويلاتها الاقتصادية، فأبناء الجنوب هم وقود لتلك المعارك التي تدور رحاها في الشمال أو على أطراف المحافظات الجنوبية، وهم يخوضون غمار تلك الحرب في منطلقات دينية أو حاجات مادية أو استشعار وطني، وفي بعض الأحيان انتقامي، لكسر شوكة الشماليين.

وبعد أن توقف التصعيد العسكري في جبهات الساحل بعد اتفاقات غير واضحة المعالم، أرادت لهذه الجبهات الساحلية أن تظل معلقة بأوامر دولية وإقليمية والهدف واضح وجلي أن قوى ليست بخافية على أحد وهي قوى الصراع الدولي التي تريد أن تظل الحرب سجالاً وباباً مفتوحاً تحقق مكاسب مادية من خلال إدارتها لصفقات السلاح والتي لن يكون لها رواج إذا رفعت الحرب أوزارها بعد سقوط الساحل الغربي وانقطاع الإمداد لقوى التمرد والإرهاب الحوثية.

وجلي وواضح أن الهدنة والتفاوض لم يقدما للبلد والمواطن شيئاً غير أنهما يمنحان جماعة الحوثي المزيد من الوقت لتجميع صفوفها وإعادة ترتيب أوضاعها مستفيدة من القرارات الدولية التي لا تخدم طرفاً سواها وهي بذلك تستفيد أيما فائدة فتحاول فتح جبهات أخرى ومحاولة الضغط على قوات الشرعية في جبهات قد حسمت فيها النصر والسيطرة وتم دحر الحوثيين منها.

وهذا مشهود في محاولة الحوثيين دفع قواتهم باتجاه جبهة الضالع ومحاولة الانقضاض مرة أخرى على تلك المناطق بعد أن مُنيَ الحوثيون بخسائر وهزائم كبيرة فيها وربما تحاول الضغط على جبهات البيضاء آل حميقان للعبور منها إلى متاخم الحدود الجنوبية لما قبل الوحدة من مناطق الحد بيافع، رغم أنها خلال سنوات الحرب الأربع المنصرمة، لم تجرؤ على اجتياز تلك الحدود والوصول إلى أهداف لم تكن في حساباتها قط.

إن من يقرأ هذا السلوك يستشعر الرسائل التي توجهها الجماعة الحوثية وكذا قوى إقليمية ودولية تلعب على حبال الحرب في اليمن وهي رسائل موجهة للحكومة الشرعية أنها مازالت قادرة على الهيمنة والسيطرة والتوغل في عمق المناطق المحررة.
ورسالة أخرى ربما للمجلس الانتقالي أنه لا انفصال وأن الغالب والذي سينتصر هو صاحب الحق في تملك كل الدولة التي خلفها النظام السابق بعد حرب 94م، وليس لكم أيها الجنوبيون حتى مجرد التفكير بإعلان الانفصال بل أنتم وأرضكم إرث سيؤول لنا.

وربما بعض قوى التحالف تريد إرسال رسائل للجنوبيين مفادها ارضوا بما هو كائن، فنحن خير منهم، وأنه لولا وجودنا وقوتنا لكنتم تحت السيطرة أو مازالت رحى الحرب تطحنكم، وهذا مجرد مثال بسيط، فبغياب السلاح الجوي استطاع الحوثيون التقدم وتوجيه ضربات في جبهات نحن كفيناكم مؤنتها، فكفوا.

وربما إخوان اليمن أيضاً يوجهون رسائل للجنوبين بأنهم شركاء الحرب وأن انسحابهم من الشراكة ربما يضعف الجهات ويعطي للخصوم القدرة على الاختراق والوصول إلى أهدافهم، وإلا لماذا يسمح للحوثين بالوصول إلى هكذا مواقع دون أن يتحرك سلاح الجو؟ ولماذا كل هذا التباطؤ في اتخاذ الإجراءات الرادعة لوقف الزحف الشيعي؟. وكل هذا الجمود في الاتفاقات التي لم تحترم من قبل الحوثي ما هو إلا دليل على إبقاء الضوء الأخضر لهم للعبث واستمرار استنزاف مقدرات البلاد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى