غوة ليلية

> نايف علي صالح

>
نايف علي
نايف علي
في منتصف الليل عندما هدأت كل الأصوات وسكنت جميع الكائنات، وحين لا يبدو من أحدٍ يقظاً، إلاّ من يريد أن يتوحّد مع نفسه ويهيم في تخيلاته العميقة التي تحلق به في فضاءات الكون المتسع والمترامي الأطراف، حِينَئِذٍ بدت تفاصيل كثيرة تتناسل وتضج بها الذاكرة الممتلئة، لكنها تقود الوعي إلى مستقر معلوم، إذ مهما بدا لك بأن لديك القدرة على تجاوز وظائف الحواس في الإدراك إلى الحدس والاستنتاج، ومهما خُيّل إليك أنك قد بلغت مرحلة النضج العقلي واليقين التام وأنك حلقت صعوداً وتعمقت في بواطن الأمور، وأنك أحطت بما يتراءى لك مشرقاً ومغرباً لكي تعرف تفاصيلك، ستبقى هنالك زوايا معتمة مبهمة ولا تعرف عنها شيئاً.

ولذلك، فإنه ينتابك بين حين وآخر شعور غريب، تريد أن تطلق العنان للسانك أو لقلمك ليصيّرا مكنونات نفسك جملاً عريضات في عالم البوح، فتخلص من الثقل الذي يتكوّم في أعماقك، ولكن ترتبك وتضطرب بأية الكلمات وأي اللغات تكمن القدرة اللازمة على إخراجك من هذا الضجيج والصخب؟.
وعلى أي حال فمهما يكن شعورك، فإنه لمن المعلوم سلفاً ألّا شيءَ يبقى ثابتاً، وستتناوب على المشاعر أحوال هي ما بين شدة ورخاء، وبين عسر ويسر، ولكن سيظل الأجمل بأنك قادرٌ على بداية حياة جديدة، وأن تتجاوز عما يسوء لك البقاء فيه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى