> صادف يوم الخميس الماضي الموافق 16 أبريل 2020 الذكرى الـ (18) لرحيل الفنان الكبير وسيد العاشقين محمد سعد عبدالله. وهو من مواليد حوطة لحج، منبت الفن والطرب والشعر الملحن، اكتسب الفن من والده وظهرت موهبته في سن مبكرة، ووالده فنان مخضرم في سالف الأيام هاتيك.
جمع محمد سعد عبدالله الفن بعناصره الثلاثة: الشعر واللحن والأداء المتميز. وبدأ حياته الفنية ضارباً على الإيقاع والرق أحياناً ومشاركاً في الكورس، ولحلاوة صوته كان بعض الفنانين يتيحون له فرصة الغناء الانفرادي ببعض الأناشيد الصنعانية المشهورة وقت ذاك..

بعد ذلك تعلم العزف على الكمان وأصبح من ضمن التخت الموسيقي للفنان محمد مرشد ناجي. بعدها تعلم العزف على العود وظهرت موهبته باقتداره، وأصبح مشاركاً ومساهماً في إحياء الحفلات والمقايل والسمرات الخاصة، وفي إحدى الجلسات الطربية، وبحضور الأديب والشاعر الكبير الأستاذ محمد عبده غانم، رأى في ابن سعد مواهبه متعددة فقدم له أغنية "محلا السمر جنبك"، فقام بتلحينها وهي من أول الأغاني التي شاعت واشتهرت بصوت ابن سعد..

بعد ذلك كتب لنفسه أغنية "هاجري حبه على رغم الحسود"، فجمعت الأغنية عناصر الفن الثلاثة: اللحن الجميل والشعر الغزلي المثير والصوت الطربي الأصيل، فشعره لا يخلو من العشق والغرام وطول الليل والصبابة والوحدة والأنين، ينكش الوجد والأشجان، فجميع أشعاره لا تختلف عن بعض بخياله الواسع المحلق في سابع سماه، والخواطر السريعة وإخلاص لذات الإخلاص وشجن وإحساس، فجعل مقدمة اللحن من مقام الراست. وليتنقل على عدة مقامات وفقاً لكوبليهات الاغنية، ليعود إلى مقام الأغنية الرئيسي في الأخير.

وقد اشتهرت هذه الأغنية مثل باقي أغانيه الأخرى ولاقت الإعجاب والترحيب وكبرت شعبيته بين الجماهير، وهذه الأغنية أعطته حافزا قوياً للانطلاق في عالم الفن والطرب.. ومن أغانيه المشهورة "ياناس ردوا حبيبي، وسلام لله يا قاسي، وصباح الخير من بدري، وأنا ما طيق، وغيروك الناس عني، ولهيب الشوق". وكثير من الأغاني العاطفية والوطنية والحماسية جمعها في ديوانه: "لهيب الشوق".

في منتصف الخمسينات من كان الفنان محمد سعد في زيارة لحضرموت لطلب الرزق أو للاطلاع على الموروث الفني والغنائي، في هذا الأثناء كان الموسيقار الكبير الفنان محمد جمعة خان مغترباً في السعودية، فوجد ابن سعد الساحة الفنية خالية ليصول لوحده، فأحيا السهرات تارة في الغيل وتارة في الشحر وأكثرها في المكلا، حيث محل إقامته، وفي الشحر التقى بالفنان المخضرم سعيد عبد النعيم والذي لم يبخل معه بتمكينه وتعريفه، واطلاعه على كثير من الأغاني والألحان وذلك قبل ظهور الظاهرة الكونية والتي لم تتكرر سيد الشعراء والملحنين حسين أبوبكر المحضار، وفي المكلا كانت له لقاءات متكررة مع الفنان الكبير قبل أن يتوارى عن الفن والجماهير المنافس الوحيد لمحمد جمعة خان الفنان الكبير عبدالله حاج بن طرش، صاحب اللحن البديع لأغنية، "بالله يا حلوة العينين زوريني قبل الممات والا فاستزيريني"، وهي من كلمات الشاعر العباسي أبو العتاهية والتي اشتهرت فيما بعد بصوت الفنان محمد جمعة خان، وكذلك أغنية ترفق عذولي، فهي من ألحان بن طرش وكلمات الشاعر الحضرمي العلامة عبد الرحمن مصطفى العيدروس (من مواليد تريم مات ودفن بقاهرة المعز المصرية).

ومن الأغاني التي كان يرددها محمد سعد في السهرات لكي لا يخرج من المألوف: أغنية "عليك العمد ويا من على الصد أسل السنان" وأغنية "بالغواني" وهي من كلمات السيد حامد السري والحان عبدالله عمر سواد وغناء محمد جمعة، وأغنية "سبوح ياقدوس ياللي قط مامثلك أحد.. يارافع السبع السموات تقرب مابعد"، وهي من كلمات الشاعر المكلاوي شاعر حافة الحارة. سالم عبود بانبوع وألحان الشاعر والملحن يحيى عمر اليافعي.

خلاصة القول إن محمد سعد عبدالله مدرسة خاصة مستقلة بلونها وكلماتها وألحانها الطربية.

وفي الختام إلى بعص كلمات أغنية "ما بابديل":

هاجري حبه على رغم الحسود ما با بديل

خاف يرحمني ودمعي في الخدود منه تسيل

الا والنبي يا ناس ما با بديل

ليتني بلقاه باضمه وبرشف مبسمه

ريقه الحالي دواء العلة شفاء من يطعمه

هلي ياسعد من شافه مهلا كامل أوصافه

وانا فدو العيون السود والخد الأسيل

مابا بديل..

تذكرته إذا نسنس برود على جسمه وحرك شرشفه

وذي اليدين لي فيهم زنود يطوقني بهم لما ارشفه

ويسقيني الهوى بالكاس ونتعانق وننسى الناس

وانا مملوك له عبده وفي حقه قليل

ما با بدل..

يبا يسلب يبا ينهب يسوي مشتهاه

يعذبني يحرقني أنا حبه وباه

مكاني باه ذا خلي وفرقه مستحيل

ما با بديل..

دموع العين تكتب شكوتي على الخدين بالخط العريض

تترجمها تقوله لوعتي تحاوي قلب من داخل مريض

ويسمعني ولا يرحم ونا قلبي ثنعثر دم

تقولوا ليه هجرانه هجرني ما الدليل

ما با بديل..