المجلس الانتقالي والحزب الاشتراكي.. الذريعة القديمة الجديدة للغزاة

> صلاح السقلدي

> في حال اعتقد بعض الجنوبيين أن المستهدف اليوم من قِبل قوى الغزو الجديدة القديمة -وهي تحاول غزو عدن ثانيةـ هو فقط رأس المجلس الانتقالي الجنوبي وشخوصه فسوف يقع بذات الخطأ التاريخي الذي وقع فيه البعض قبل وأثناء غزو عام 94م قبل أن يدركوا متأخرين أنهم كانوا ضحية خديعة ماكرة أطلقتها بروجندا الغزاة حينها وتماهى معها خطابها الديني التكفيري بأن حربهم المقدسة، بحسب زعمهم، كانت تستهدف فقط رأس ورموز الحزب الاشتراكي (الانفصالي الشيوعي الملحد) وتحرير الجنوب من الاحتلال الشيوعي. مستغلة بذلك أخطاء الحزب وطبيعة نهجه السياسي وتمسّكهُ بمشروع الدولة اليمنية الحديثة الخالية من كولسترول القوى التقليدية القبلية الدينية العسكرية الجامدة تماماً كما يحدث اليوم لاستثمار أخطاء الانتقالي لذات المبتغى ولنفس الهدف وبنفس الأدوات، بل وبذات الأشخاص تقريباً، وبذات الفئة الجنوبية المتكسبة التي تقوم اليوم بذات الدور المسترزق وتؤدي (دور أبى رغال).

نقول إن من يظن أن الاستهداف اليوم سينحصر على الانتقالي فقط فهو سيقع بذات المكيدة التي وقع بها غيرهم عام 94م حين اكتشفوا بعد فوات الأوان أن الجنوب بتاريخه وهويته وثرواته وموقعه وإرثه الروحي والمادي من قلاع ومساجد ومعابد وأسوار ونقوش وجبال ومخطوطات ومن عادات ومخزون ثقافي وفكري كان مستهدفاً كله دون استثناء بساطور النهابة وخنجر أصحاب خرافة الأصل والفرع من الوريد للوريد. بمن فيه الفئة الجنوبية النفعية التي شاركتهم الغزو حين وجدت نفسها على هامش الإقصاء والاستغناء بعد أقل من عام وإلا ما علاقة الحزب الاشتراكي بتراث عمره آلاف السنين تم تدميره وشطبه من خارطة الموروث الإنساني؟ وما علاقته بمتاحف تحوي آلاف التحف والمقتنيات التراثية والنضالية حتى يتم تحويلها من متاحف إلى أفران كدم ومحلات جلابيب؟ وما شأن الاشتراكي بأوانٍ فخارية وعملات قديمة وملبوسات وفلكور عمره مئات السنين وقباب مساجد في عدن وحضرموت ولحج تمت إضاعتها وتدميرها أو تشويهها في أفضل حال ونهب أرشيف إذاعة وتلفزيون عدن من وثائق وصور وتسجيلات وأفلام وثائقية ونقلها إلى صنعاء بذريعة نسخ صورة منه؟ أرشيف خرج ولم يعد، وما علاقة الاشتراكي بأسماء مساجد وشوارع ومدارس عمرها عشرات السنين تم تغيير أسمائها ومعالمها ومناهجها؟ فمثلاً ما علاقة الاشتراكي بمسجد أبان التاريخي في كريتر عمره مئات السنين ليتم هدمه تماماً واستبداله بشكل عمراني حديث لا علاقة له باسمه ولا بمن يحمل رمزيته الدينية والتاريخية العريقة؟ ما علاقة الاشتراكي بنظام إداري ومالي وقضائي إنجليزي هو من أفضل وأعرق الأنظمة والقوانين الأدائية على مر العصور، تم مسحها من كل مرفق ومؤسسة وبنك لتحل محلها قوانين غربالية، ويستعاض عنها بقانون غُرم الثيران وتحكيم البنادق؟ وهل ثمة علاقة بين الحزب الاشتراكي وبين مادة اللغة الإنجليزية (لغة العلم والعالم) التي تم حذفها من منهج سنة خامسة ابتدائي في زمن ثورة العلم والاتصالات وعصر التكنولوجيا الحديثة.

اليوم تحاول ذات القوى إعادة الكرّة بوجه الجنوب مستعيدة ذات الخطاب ونفس المفردات لذات الغرض ولذات النوايا، لم يتغير شيء، هي ذات القوى: ترويكا الغزو الثلاثي حزب الإصلاح -إخوان اليوم- وقوى بالمؤتمر الشعبي العام والفئة الجنوبية النفعية المتحالفة معها، لم يتغيب عن المشهد سوى الحزب الاشتراكي (الذريعة القديمة)، ليحل محله المجلس الانتقالي الجنوبي (الذريعة الجديدة)، مع فارق الاختلاف بينهما طبعاً بطبيعة مذهب كل منهما السياسي والأيدلوجي.

باختصار الانتقالي اليوم ليس سوى بعبع يتم إثارة حوله غبار كثيف من المزاعم ليتسنى لهؤلاء الغزاة اليوم النفاذ من تحت هذا الغبار إلى طروادة الجنوب -عدن- وإسقاطها وإسقاط كل الجنوب ثانية، وسيناريو 1994م بنسخته الجديدة جاهز كلاكيت ثانية.

لا نجادل أبداً أن للانتقالي أخطاء، تماماً كما لم نجادل ذات يوم أن للاشتراكي أخطاء، ولكن الغزاة لم ولن يكن غرضهم تصويب خطأ أو إنصاف مظلوم أو رفع مظلمة عن ضحية، بل تستخدمها بكل خبث ودمامة وسيلة لبلوغ هدف أكثر ظلماً ولؤما. هكذا تحدثنا التجارب وهي صادقة فيما تحدث أن من البيان لسحراً وأن للغزاة سموم الأفاعي وإن لانت ملامسها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى