رمضان في عدن.. ثوب الكآبة ومخاوف كورونا

> تقرير/ عبدالقادر باراس

>
رمضان هذه السنة أتى إلى العاصمة عدن شاحبا وحزينا نتيجة تفاقم الوضع المعيشي وتردي الخدمات الضرورية للمواطن وتدهورها بشكل كبير، منها تهالك القطاع الصحي، وازداد حال الناس سوءًا عن السنوات التي تلت الحرب وصاروا عاجزين أكثر في مواجهتهم للأوبئة المتفشية، هكذا بدا ثوب الكآبة، وما يضاعف المخاوف على حساب الوضع الصحي والمعيشي إقدام كثير من التجار على رفع أسعار ما لديهم من الكميات من بضائعهم المخزونة، لكون الأحوال تغيرت إثر توقف الاستيراد.


وعلى الرغم أن معظم أسواق المدينة مليئة بالحركة لكنها لا تقاس برمضان العام الماضي، حيث غابت الفرحة والطقوس الرمضانية كالإفطار الجماعي، وكثير من المصلين لم يتمكنوا حتى من أداء صلوات الجماعة في مساجدهم، وبقيت الكثير منها مغلقة إثر مخاوف يبديها المواطن من تفشي الأوبئة خصوصا وباء كورونا الذي بدأ يظهر في هذا الشهر، وهذا ما عبر عنه المواطن عدنان عبدالرحمن شيخ بقوله: "قلوبنا تبكي بعد أن اعتدنا على ممارسة شعائر العبادة، ولكن لا أريد القول إن رمضان هذه السنة أتى حزينا علينا نتيجة إغلاق كثير من المساجد بسبب ظهور وباء كورونا، حيث افتقد الكثير منّا إلى صلوات الجماعة والتراويح، لكنها فرصة في أن نتقرب إلى الله أكثر ويكفينا شر الأوبئة وفواجع الأقدار ومرارة القضاء، وأن لا يرينا في أهلنا وأحبائنا أي مكروه".

ورغم تأكيد السلطات الرسمية بظهور الوباء لكن معظم المحال والأسواق بقيت مفتوحة لم تغلق أبوابها، في مشهد مغاير عن بقية المدن العربية والإسلامية التي منعت التجوال والتزمت بالحظر بصرامة، ومُنعت في وقت سابق من قبل قوات الحزام الأمني التابع للمجلس الانتقالي لكنها عاودت فتحها كأسواق القات والمولات والمحلات التجارية الكبيرة قبل رمضان، إلا أن إعلان حالات الإصابات في الأيام الأخيرة في عدن حرك الخوف والتوجس لدى الكثير فأجبر الأمن على تطبيق الحظر بعد تزايد الوفيات والتزمت كثير من العائلات منازلها ومُنعت حتى أطفالها من اللعب في الحوافي وبجوار المنازل.

وطالب كثير من الأطباء بوجوب تطبيق الإجراءات الاحترازية كضرورة ملحة في ظل الأوضاع الوبائية الفتاكة، والتي اتخذتها الجهات الأمنية بالمنع الكلي من خروج المواطنين من منازلهم، مبدين استياءهم من عدم التزام الجميع كمنع الخروج من المنازل والاختلاط في الأسواق، كل ذلك استشعاراً بالوعي الصحي منعا من وقوع العدوى من خلال التزامهم بالمكوث في منازلهم وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى، حيث علق المواطن عصام باحشوان قائلا: "لو اقتنع الناس بأن الاستهتار في التعامل مع الوباء ونقله إلى الآخرين يعتبر كجريمة قتل النفس لالتزم الكثير بيوتهم من تلقاء أنفسهم وقلت حالات الانتشار، لهذا فالوضع لا يقبل التهاون ويتطلب التدخل السريع للحفاظ على سلامة المواطنين، وكما تعلمون بدأت دول العالم مواجهة كورونا من خلال تثقيف شعوبهم في كيفية الوقاية من هذا الفيروس بعد أن اعترف الجميع بتواجده لينطلقوا سويا في مواجهته، لكن في بلادنا لا زال هناك ممن هم محسوبون بنخب مثقفة في مجتمعنا مكذبين تواجد الفيروس، ناهيك عن عامة الشعب الذين يتبعون ما يقوله لهم النخب، لهذا توجد صعوبة في إقناع أغلب الشعب بالوقاية ومواجهة الفيروس وأخذ الحيطة والحذر، في حين أن من يعتبرون أنهم نخب المجتمع مكذبون تواجده".


وأضاف: "لذلك من الصعب البدء في مواجهة الفيروس قبل الاعتراف بتواجده، ما لم ستكون العواقب وخيمة إذا أتى الاعتراف بتواجده متأخرا وقتها لن يفيد ذلك الاعتراف لأن الكارثة ستكون قد حلت واستفحلت ويصعب علاجها بسبب التعنت، جميعنا يتذكر حين بدأ إعلان اكتشاف الفيروس في الصين ذهب بعض الناس في العالم بين ساخر ومشكك ومكذب ليكتشفوا فيما بعد أن الفيروس حقيقة عندما وصل لبلادهم وبدأ بقتل أحبائهم ليعلنوا بعدها أن الفيروس حقيقة لا زيف مثلما كانوا يدعون".

وختم باحشوان قوله: "لهذا ينبغي الاستفادة من أخطاء الآخرين والاعتراف بتواجد فيروس كورونا حتى يسهل على الجميع مواجهته والحد من انتشاره بإذن الله".

وعن هذا الوباء الذي يزيد عبئا على المواطن ويثقل كاهله ويشكل خطورة على وضعه المعيشي في ظل تردي الخدمات الأساسية وفي مقدمتها البنية التحتية كالكهرباء والمياه والطرق والذي أظهرته في السنوات التي تلت الحرب وبشكل جلي كارثة السيول الأخيرة وتدهورها إلى الأسوأ كما لخصه المواطن أشرف عبدالعزيز بوعيران بتعليقه قائلا: "ما نلاحظه أن مقومات الحياة الأساسية بعدن تتناقص فكل يوم أسوأ من الذي قبل، ولاسيما ما وصلنا إليه من تدهور وتفاقم خطورة الوضع المعيشي وما تعانيه البلاد من انهيار في شتى المجالات سببه استمرار الأزمات والحروب التي أثقلت كاهل المواطن وزادت من صيحاته".

فيما أرجع التربوي المتقاعد نبيل أنعم سبب الوضع المعيشي والصحي المتدهور وتفشي الأوبئة على نطاق واسع في عدن وغيرها من المحافظات إلى الفساد والإهمال واختيار المسؤولين الفاشلين بقوله: "جاء رمضان هذا العام والحياة كلها تحتضر نتيجة استشراء الفساد وبدون محاسبة، وأثبتت كارثة الأمطار عمق الإهمال واللا مبالاة من قبل المسؤولين، وكنت أتمنى من أي مسؤول، خصوصا مدراء المديريات بدون استثناء ومدراء المرافق الحيوية والخدمية كالكهرباء والمياه والنظافة والصحة، أن يحسنوا أداءهم لمرافقهم لأن المدير الذي لا يحسن أداء المرفق أو تطويره إلى الأحسن فهو مدير فاشل أو فاسد، وعليه أن يترك هذا المنصب حتى لا يكون عرضة للشتائم واتهامه من قبل المجتمع بالسرقة".

وتابع أنعم حديثه "إذا لم ترفع مظاهر المستنقعات وأكوام القمامات ونظافة الشوارع ونظافة المدينة ستظل الكارثة تحوم حولنا وتحاصر كثيرا من المرضى، لأن عدم وجود النظافة هي حاضنة لكل أنواع الفيروسات والطفيليات والفطريات والمكروبات، لأن وجود البنية التحتية القوية يساعد في بناء صحة المجتمع، كما أن وزارة الصحة هي الأخرى للأسف لا تؤدي دورها المنوط على عاتقها في المجال الصحي والوبائي وفتح المستشفيات واستقبال كل الحالات التي تشكو الألم والمرض حتى لو كان زكاما عارضا، وإذا لم توفر هذه الوزارة الملابس الخاصة للأطباء والممرضين والطاقم الطبي في المستشفيات فهي تتحمل المسؤولية الكاملة في تدمير المجتمع صحيا، كما أن نسبة (60 – 70 %) يعيشون على القوت اليومي، وهناك من رواتبهم متأخرة وإلى ثلاثة أشهر، وهناك ارتفاع الأسعار، وهناك كثير من الكوارث التي تلوث البيئية والمجتمع وسببها كل المسؤولين ولا نستثني أحدا منهم، لأن المسؤولية شرف وتكليف قبل أن تكون تشريفا".

وختم أنعم حديثه: "إذا لم نتدارك مثل هذه الأمور ونضع الحلول من بعض العقلاء وكبار المجتمع والمفكرين الذين يحبون عدن فإننا إلى مصير مجهول، والله يستر على البلاد والعباد".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى