اغتيال ابتسامة

> كم اعتصرني الألم وأنا أشاهدها تجلس منكفئة على نفسها تفترش أحد الأرصفة واضعة طفلة رضيعة على رجلها، كان جسدها النحيل لا يقوى على حمل تلك الطفلة على الرغم من قلة وزنها، لكن لكل منا قدرة احتمال معينة.
بدت الفتاة في مقتبل سن الشباب، إذ لم تنل حب الشباب من وجهها الشيء الكثير، أخذت مكاناً قصياً من جسر المشاة منطوية على نفسها بأدب جم، لا تزعج العابر ولا تؤذي الجالس، إنما هي ساكنة صامتة كأنما أجبرت على ممارسة التسول، بل دفعت إليه دفعاً.

كانت تحمل ملامح ملائكية -جل من صورها- فالوجه يكتسي بالحسن من كل ناحية، إذ يتوسطه أنف دقيق تشكلت على جانبيه وجنتان توردتا وبدت معه ملاحة لا تضاهى، فتخيلت الدارمي حاضراً وهو ينشئ شعره الخالد ليحبب به بضاعة الخمر السوداء وينقذ التاجر من الكساد والخيبة والخسارة.
كيف لا وقد سلب حسنها ألباب العابرين وفعل فعلته في أفئدة الإناث اللاتي لم تتمالك إحداهن نفسها، فقالت بصوت مسموع بوضوح: يا رحمن، بما يؤكد إعجابها الشديد بآية الجمال هذه.

أخذت الخواطر تجول بوجداني بعدما وجدت نفسي أبتعد قليلاً عنها وأشيح نظري تلقاء البحر لعلي أجد في الاستمتاع بالنظر إليه سلوى، مما يكدر معاشي ويؤرق فؤادي، أخذت أمعن النظر في هذا المخلوق العظيم الذي يجد فيه الحزين ما يمسح به أحزانه وأرمقه بنظرات ملؤها التساؤل عما أراه أمامي، فكيف تغتال الأحلام في بلد يفترض أن يحمل رسالة السلام إلى العالم؟ ومن المستفيد من نكبة الطفولة التي تترتب عليها من الانكسارات والهزائم ما لا يطاق تحمله؟ ومن المسؤول عن جعل البسطاء يعيشون في نكد وضيق وكدر؟ وأي جيل سيكون هذا الذي عاش الحزن والكآبة منذ وصوله إلى الحياة؟.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى