"حرب الصواريخ" تطيل أمد حرب اليمن وتعمق الأزمة الإنسانية

> «الأيام» دويتشه فيله

>
أدى تدخل أطراف خارجية في حرب اليمن، عقب استيلاء الحوثيين على السلطة، إلى إطالة أمد القتال، وإلى وقوع أزمة إنسانية عالمية، وتطوّر الصراع ليصبح حرباً إقليمية حديثة ذات سمات مميزة، وفق تحليل خبيرين أمريكيين.

تعتبر الحرب الأهلية في اليمن بين حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي وحركة الحوثيين امتداداً لتداعيات الانقسامات السياسية التي تشهدها البلاد منذ عقود. ومن الملاحظ أنه منذ تدخل التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية في عام 2015 لدعم الشرعية اليمنية ممثلة في حكومة هادي، اتسع نطاق الحرب ليصبح مسرحا للمواجهة بين السعودية وإيران التي تدعم الحوثيين.

حرب الصواريخ
يقول الباحثان إيان وليامز، زميل برنامج الأمن الدولي بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، وشان شيخ الباحث بمشروع الدفاع الصاروخي بالمركز، إن تدخل أطراف خارجية في الحرب اليمنية أدى إلى إطالة أمد القتال، وإلى وقوع أزمة إنسانية عالمية، كما أدى إلى تطور الصراع ليصبح حربا حديثة ذات سمات مميزة. ويقول الباحثان في تقريرهما المطول الذى نشره مؤخرا مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية الأمريكي ولخصته وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) إن إحدى هذه السمات تتمثل في الاستخدام واسع النطاق للصواريخ الباليستية، بصورة تفوق كثيرا استخدامها في أي حرب في التاريخ الحديث. فقد أطلق الحوثيون في اليمن، بمساعدة إيران، مئات الصواريخ الباليستية لمهاجمة قواعد التحالف العربي، والمراكز السكانية، والبنية الأساسية. كما أطلقوا ما يقرب من 12 صاروخا من صواريخ كروز المضادة للسفن ضد السفن الحربية التابعة للتحالف والبحرية الأمريكية، وكذلك سفن الشحن وناقلات النفط.

ويشير الباحثان إلى أنه بالإضافة إلى ذلك، هاجم الحوثيون عشرات الأهداف بصواريخ المدفعية غير الموجهة، واستخدموا الطائرات المسيرة لاستفزاز قوات التحالف واغتيال أفرادها، ومهاجمة الأهداف الاقتصادية في السعودية. كما أن صواريخ الحوثيين أرض- جو التي تتمتع بقدرات متزايدة أسقطت عددا من طائرات التحالف وثلاث طائرات على الأقل من الطائرات الأمريكية المسيرة.

وذكر التقرير أن التحالف العربي واجه حملة الصواريخ الحوثية بإستراتيجية مكونة من ثلاثة عناصر، تمثلت في القيام بمئات الهجمات الجوية لتدمير صواريخ الحوثيين على الأرض، وفرض قيود جوية وبحرية لوقف تدفق الأسلحة من إيران إلى اليمن، وإقامة نقاط تفتيش عديدة لاعتراض الشحنات البرية. كما اعتمد التحالف على الدفاعات الجوية والصاروخية النشطة، وبصورة أساسية نظام باتريوت، للدفاع في مواجهة ما يطلقه الحوثيون من صواريخ.

كيان معادٍ على حدود السعودية
ويقول الباحثان إنه رغم أن الأطراف اتخذت بعض الخطوات نحو إنهاء العنف، فإن امتلاك واستخدام الحوثيين المستمر للصواريخ طويلة المدى والطائرات المسيرة يؤدى لتعقيد احتمالات استعادة الاستقرار. ومن المؤكد أن تواجد كيان معادٍ على الحدود الجنوبية للسعودية، يمتلك صواريخ طويلة المدى من شأنه أن يزيد المخاطر بالنسبة لها ويجعلها ليست على استعداد لقبول أي دور قوى للحوثيين في أي حكومة يمنية في المستقبل.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن عدم وقف نشاط الحوثيين الصاروخي من الممكن أن يؤدي دون قصد إلى توسيع نطاق الحرب، وربما يدفع الولايات المتحدة إلى حرب مباشرة مع إيران. ومن ثم، سيكون الحد من تهديد الحوثيين الصاروخي عنصرا ضروريا بالنسبة لأي سلام دائم في المنطقة.

وخلص التقرير إلى أن الحوثيين استخدموا الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة كجزء من إستراتيجية لزيادة التكاليف العسكرية، والاقتصادية، والسياسية لتدخل التحالف العربي. كما أصبحت قواتهم الصاروخية أداة دعائية مهمة. فقد أدى الدعم الإيراني للحوثيين إلى تمكينهم من نشر ترسانة متنوعة للصواريخ الباليستية، وصواريخ كروز، والطائرات المسيرة على الرغم من افتقارهم لقاعدة سياسية مستقرة أو أي قدرة صناعية كبيرة.

ورغم كل شيء، كان التأثير العسكري للهجمات بالصواريخ الباليستية محدودا، ويرجع ذلك أساسا لعدم دقة الصواريخ الباليستية الحوثية ونجاح دفاعات التحالف الصاروخية. فمن بين مئات الصواريخ التي تم إطلاقها، أدت سبعة فقط منها لوقوع خسائر كبيرة لدى التحالف.
كما يشير التقرير أيضا إلى أن الهجمات الصاروخية ضد الأهداف الاقتصادية، بما في ذلك المنشآت النفطية وناقلات النفط، لم تنجح في عرقلة الاقتصاد السعودي بدرجة كبيرة.

فشل دولي
ورغم أن الحملة الجوية للتحالف العربي في مطلع عام 2015  أدت إلى الحد من عدد الصواريخ الباليستية على أرض المعركة، مازالت هناك كميات كبيرة منها تحت سيطرة الحوثيين قابلة للاستخدام.

ويشير التقرير إلى أن عدد هجمات التحالف الجوية على صواريخ الحوثيين غير المستخدمة انخفض بشكل كبير منذ عام 2006. وهناك احتمال بأن تكون قوات الحوثيين الصاروخية أصبحت أكثر مهارة في المراوغة وتجنب كشفها من الجو. ويؤكد التقرير أن الجهود الدولية لعرقلة عمليات نقل الأسلحة الإيرانية إلى اليمن لم تنجح في أن توقف باستمرار تدفق الصواريخ وغيرها من الأسلحة إلى قوات الحوثيين، وكانت عمليات اعتراض شحنات الأسلحة في البحر دليلا قويا على المساعدات العسكرية الإيرانية المباشرة لحركة الحوثيين.

ويرى الباحثان أن الانخفاض في العمليات الجوية لتدمير صواريخ الحوثيين التي لم يتم استخدامها بعد، والفشل في تحقيق وقفٍ تام لعمليات نقل الأسلحة الإيرانية، عاملان وراء اعتبار الدفاعات الصاروخية عنصرا ضروريا لجهود التحالف العربي للحد من تأثير هجمات الحوثيين الصاروخية.

وفي حقيقة الأمر فإن هذا التقرير الذي يضم أكثر من 60 صفحة يقدم أول استعراض شامل للحرب الصاروخية في اليمن، حسب ما يرى الباحثان الأمريكيان.

وفي سياق متصل بلغ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش مجلس الأمن الدولي في تقرير اطلعت عليه رويترز يوم أمس الخميس (11 يونيو) أن صواريخ كروز التي هوجمت بها منشآت نفطية ومطار دولي في السعودية العام الماضي "أصلها إيراني". وقال جوتيريش كذلك إن عدة قطع ضمن أسلحة ومواد متعلقة بها كانت الولايات المتحدة قد ضبطتها في نوفمبر 2019 وفبراير 2020 "من أصل إيراني" كذلك.

وأضاف جوتيريش أن خصائص تصميم بعضها مشابهة لتلك التي أنتجها كيان تجاري في إيران، أو تحمل علامات فارسية، وأن بعضها تم تسليمه إلى الجمهورية الإسلامية بين فبراير 2016 وأبريل 2018. وذكر أن "هذه القطع ربما نُقلت بطريقة لا تتسق" مع قرار مجلس الأمن لعام 2015 المنصوص فيه على الاتفاق بين طهران والقوى العالمية لمنعها من تطوير أسلحة نووية.
ولم ترد البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة في نيويورك على طلب للتعليق على تقرير الأمم المتحدة.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى