رياض (5)

> علي ثابت القضيبي

> على نفس موّال مباحثات سلطات سوريا مع معارضتها في جنيف، فمن جنيف واحد إلى اثنين وحتى خمسة، وما يقاربها في ليبيا، ونحن الآن في اللقاء الثاني بالرياض، والمحصلة صفر، ولم يصدق إلا تعيين محافظ لعدن، وهو إلى الآن يحفر في بحر، أو تعيين مدير أمن لعدن، وهذا الأخير معلقاً حتى اللحظة في الرياض بزعم المشاورات المطاطية المعهودة من إخوتنا السعوديين، لأنّ دولتهم العميقة أقوى من كل السلطات الرسمية في المملكة، ولا يصدقُ منها إلّا ما يصل إلى مسامع صاحب الجلالة ويقرها ويحسم فيها، وهذا لا يصله إلا النزر اليسير، وهنا سبب وخلفيات ميوعة القرارات والمواقف السعودية كما نعايش جميعاً.

* السلطة الشرعية نجحت في تحييد أسماء من قياداتنا في الانتقالي، وذلك بحجة الإسهام في أحداث أغسطس الفارط التي أفضت إلى مباحثات الرياض، وفي الوقت عينه تصر وبكل صلف على إعادة أسماء من جانبها شاركوا في تلكم الأحداث، بل وتطالب في تضمين أسمائهم لقائمة الحكومة المقبلة بحسب لتفاق الرياض، ومنهم من أقيل من وزارته على ذمة التمادي والمجاهرة في مناهضة التحالف، ومنهم من هو في الخارج، وهذا لافت ولا شك، لكن الأهم أن هؤلاء ليسوا من ذوي الخبرة والاختصاص النوعي حتى يُدرجوا في قائمة الحكومة، ولكن لأنهم وكلاء للخارج الذي خطّط لضرب أرضنا وإنهاكها، كما خطابهم ومنطقهم يجهر بهذا أصلاً!

* ألمثير أنّ جنيف واحد إلى خمسة في سوريا، وهنا اثنان في الرياض، كل هذا مجرد ماراثون عبثي ولا يعود بعائدٍ واقعي على الأرض، لكن الأخطر أن هذا الماراثون العبثي ترافق متغيرات سلبية جمة تعصف بشعوب المنطقة وتزيد من ويلات معاناتها، ويرافقهُ أيضا خلق واقع مستجد وتدميري على خارطة البلدان التي يعصف بها هذا الإعصار.

* في جنوبنا اليوم بلغ السوء مبلغاً لم يعايشه شعبنا من قبل مطلقاً، وتردت الخدمات إلى حالة تثير الرثاء، أما الغلاء وعلى خلفية انهيار عملة البلاد، فقد أحال جحافل من الشعب إلى حافة التسول، إذ من أين لهم مداخيل إضافية تلبي احتياجاتهم الأساسية وقد تآكلت مرتباتهم بنسبٍ مهولة؟ أما الأكثر هولاً هو تغول شريحة لصوص الأراضي وتوحشها واستيلائها على الآلاف من الأفدنة في ضواحي عدن ولحج، وهم من كل الأطراف السياسية في البلاد، ومعظمهم ممولون من قطر، وهذا سيفرضُ ملمحاً مستجدا على الأرض، وكما يبدو أنه يغيب عن أذهان قيادتنا في الانتقالي.

* يساورني الشك بأن قيادتنا في الانتقالي هي رهينة في الرياض، أو معتقلة إن جاز التعبير، وإلا إذا تعثرت المفاوضات أو توقفت لأسبابٍ ما، وهذا حدث كثيراً، فما المانع من عودتهم إلى بلادهم ومن ثمّ العودة عند استئنافها؟! ولا نأتي هنا بالتأويلات الفضفاضة والسمجة أو للتخفيف من وقع هذا الأمر، كما والأهمّ أن هذا يفرض تساؤلات جمة عن ماهية علاقاتنا بالرياض وضوابطها وحدودها وسقفها و.. و..، خصوصاً وأن ثمة متغيرات عدة يعيشها جنوبنا اللحظة وتستدعي من القيادة التواجد على الأرض للإشراف الميداني على حلها وتذليلها.. أليس كذلك؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى