رجال في ذاكرة التاريخ: الفنان حسن فقيه.. 26 سنة فنية وحوالي 150 عملاً إبداعياً

> نجيب محمد يابلي

> عدن حاضنة الفن
عدن تندرج في دائرة العلم والفن والتجارة والصيرفة والصحافة، أو قل إنها أنموذج الحضرية المتعددة الأوجه. من الأمور المثيرة للإعجاب والاستغراب أن تجد هذه المدينة الصغرة حاضنة للفن والفنانين فقد حضنت محمد الماس - إبراهيم الماس - عوض الجراش - عمر محفوظ غابة - الشيخ علي أبوبكر باشراحيل - صالح العنتري - عوض المسلمي - أحمد عبيد قعطبي - حمودي عطيري - محمد مرشد ناجي - أحمد بن أحمد قاسم - يحيى مكي - سالم بامدهف - ياسين فارع - أبوبكر فارع - علي جاوي - ونبيهة عزيم - رجاء باسودان - فتحية الصغيرة - أمل كعدل والقائمة طويلة، ومثل هذا الرقم يجعلها (أي عدن) في صدارة مدن الجزيرة والخليج.

الميلاد والنشأة
حسن فقيه
حسن فقيه
حسن محمد فقيه من مواليد كريتر من أسرة عدنية بالغة العراقة ارتبطت بالفن الذي يسري في دمهم، وهو من مواليد 29 فبراير 1939م تلقى قسطاً متواضعاً من التعليم والثقافة لأنه ارتبط بالفن منذ عام 1955م أي في الـ 16 من عمره.
نذر حسن فقيه حياته لخدمة الفن وطرق باب الأغنية في أغنيتين (يا من خدع قلبي) و (شوف الزعل ممنوع) بلغ في إجمالها حوالي 150 عملاً فنياً.

مقولة حسن فقيه
بعد وفاة الراحل الكبير الفنان حسن فقيه في أبريل 1981م كرست مجلة الفنون التابعة لوزارة الثقافة في عدن قدراً من صفحاتها لهذا الحدث الحزين.

رحيل عملاق آخر
النجم الذي أفل في اهتزاز جيل، للكاتب شكري توفيق
"لقد كان الفنان حسن فقيه متواضعاً كل التواضع وصافي السريرة لم يتحول قلبه عن صديق ولقد كان يعلم أن الحقد والفن لا يمكن أن يجتمعا في قلب واحد، وقد كان يعلم أن الحقد هو القاتل الأول للفنان.
ولهذا اختار حسن فقيه البعد من الوسط الفني، وأحب العمل مع الشباب والأطفال حباً ملأ عليه كل حياته واستحوذ على معظم إنتاجه الفني".

حسن فقيه أول من غنى للأطفال
دخل حسن فقيه موسوعة الأوائل، وأنه أول من غنى للأطفال ولحن لهم ولم يطلب جزاء ولا شكوراً، وعمل كل ذلك لأنه عاشق للطفل وفن الطفل والشباب، وبات مؤكداً أن حسن فقيه تصدر قائمة من لحن للطفل.
بدأ حسن فقيه بتبني اللحن والعزف للطفل من داخل بيته، حيث قدم الطفلة فتحية الصغيرة والصبي حسين فقيه ليغنيا أغاني للأطفال، حيث قدم لهم العديد من الأغاني الخاصة بهم التي تخاطبهم بلغتهم وعقلهم وإدراكهم بحسب إفادة شكري توفيق.

حسن فقيه مع الأطفال في سائر محافظات الجمهورية
توسعت دائرة اهتمام حسن فقيه بالطفل، والتي بدأها في عدن إلا أنه حزم ثيابه وعوده وكلمات أغانيه، وشد الرحال إلى محافظات الجمهورية بجبالها وصحاريها وسواحلها باحثاً عن الأطفال، ومع تأسيس كل مدرسة لأبناء البدو الرحل كان حسن فقيه يؤسس فيها فرقة موسيقية يعلمهم ويربيهم بطريقته وأسلوبه وحب الوطن وحب الفن.

حسن فقيه وتشكيل الفرق الموسيقية
تفاعل حسن فقيه مع تأسيس المراكز الثقافية، وكان حسن فقيه في مقدمة من لبى النداء من الفنانين فقام بتشكيل فرقة موسيقية وتدريب الفنانين الشباب وتعليمهم وتغذية حناجرهم الواعدة بألحانه (شكري توفيق، المرجع السابق).

حسن فقيه يشرف على فرق موسيقية
اتسعت دائرة اهتمام ورعاية حسن فقيه بالفرق الموسيقية، فتولى الإشراف على فرقة المنتزهات والفنادق والملاهي في محافظة عدن، وهي شهادة له في التاريخ وكان لحسن فقيه الفضل في إدخال تراثنا الفني الأصيل بشكل مطور يسمعه السياح الأجانب، وحقق نقلة نوعية للفرق التي كانت مستنسخة من الفرق الغربية.
لم يكتف حسن فقيه بذلك، حيث قام بإصدار نشرات لتنوير المستمعين لفرز الغث من المسلمين في الرقصات المحلية، وقال في إحدى المناسبات: "أنا ضد تشويه تراثنا الأصيل".

حسن فقيه والجديد في الأوبريت
بعد توليه الإشراف على قسم الموسيقى في وزارة الثقافة بعدن عام 1972م قدم أول أوبريت غنائي تاريخي في اليمن بشكل عام، وهو أوبريت بعنوان (الصياد والتاريخ) ويرجع له الفضل أيضاً في تأسيس فرقة المسرح، والرقص والموسيقى للقوى البحرية التابعة للقوات المسلحة، والتي عرفت لاحقاً باسم "فرقة القوات المسلحة للرقص والفنون الشعبية".

حسن فقيه وفرقة "أشيد"
في إفادة قدمها شكري توفيق (مرجع سابق): "عند تأسيس فرقة اتحاد الشباب الاشتراكي اليمني (أشيد) الطيب الذكر الذي ربطتني به علاقة عمل في الترجمة قام الفنان الكبير حسن فقيه باحتضان هذه الفرقة الموسيقية الناشئة، والمكونة من طلبة وطالبات، وعمل على تثقيفهم موسيقياً، وقدم عشرات الألحان العاطفية والوطنية والاجتماعية والسياسية، وكون فرقة كورال شبابية تابعة للفرقة الموسيقية.

برزت الفرقة واستطاعت بفضله ورعايته أن تقف على أرض صلبة، ونافست مختلف الفرق الموسيقية القائمة آنذاك وتميزت عليها بطابعها الشبابي وألحان حسن فقيه المميزة.

فرقة "أشيد" الموسيقية في مشاركات خارجية
شاركت فرقة "أشيد" الموسيقية في عدة مهرجانات دولية، منها مشاركاتها الجميلة في موسكو عاصمة اتحاد الجمهوريات السوفييتية الاشتراكية، وبرلين عاصمة جمهورية ألمانيا الديمقراطية، وكوبا عاصمة جمهورية كوبا الاشتراكية، وعواصم أخرى عربية وأجنبية، وحظيت مشاركات الفرقة بالإعجاب في الداخل والخارج.

حسن فقيه وراء بروز إبداعات مسرحية وغنائية
من عطاءات الفنان الكبير حسن فقيه أنه قام بالإشراف والتوزيع الموسيقي لمسرحية الصياد التي تعتبر أول عمل مسرحي يمني جاد وممتاز قدمه المسرح اليمني، وهكذا على مدى ثلاثين عاماً برزت على الساحة اليمنية العديد من الأسماء اللامعة، منها على سبيل المثال لا الحصر أبوبكر سالم، وفتحية الصغيرة، وحسن فقيه ونوال حسن ومحمد عبده سعد ومحمد صالح قمشري وجمال داؤود وجعفر عبدالوهاب ونور بلابل وسالم العباب وعمر الكوني وصالح علوي وقاسم عبدالرحمن، وأسماء أخرى في حياة حسن فقيه، وهنا يعلق شكري توفيق:

"ونقولها بحسرة ومرارة وألم لقد فقدناك يا حسن ونحن في أمس الحاجة إليك وإلى عطاءاتك العظيمة، فمن سيغني لأطفال الوطن بعدك يا حسن؟!.

مهرجانات شارك فيها حسن فقيه
تجلت قدرات ومواهب الفنان الكبير الراحل حسن فقيه في فعاليات داخلية وخارجية وهي عصارة أعماله في التأليف الموسيقى أو الإشراف على فرق المنتزهات والفنادق والملاهي وعلى قسم الموسيقى بوزارة الثقافة وعلى مدارس البدو الرحل موسيقياً، وكل هذا وذاك أهله للمشاركة في قيادة الفرق الموسيقية والغنائية في مهرجانات خارجية منها:

1- مهرجان الشباب العربي في الجزائر.

2- مهرجان الشباب العربي في العراق.

3- مهرجان القاهرة للموسيقى العربية.

4- جيبوتي بدعوة من المغتربين.

5- مهرجان الشباب العربي بموسكو.

6- الإمارات العربية المتحدة بدعوة من المغتربين.

7- الكويت مهرجان الترويج السياحي.

8- مهرجان الموسيقى العربي بدمشق، وقد حصل على الجائزة البرونزية للمهرجان، وذلك بأوبريت (الفدائي الصغير) وقد أداه بصوته.

هذا هو حسن فقيه
هذا هو حسن محمد فقيه ابن الحواري الكريترية العريقة الذي أنهى دراسته الثانوية (نظام قديم)، والذي عشق الفن وهو شقيق الفنان حسين فقيه والفنانة فتحية الصغيرة (زوجة الراحل الكبير أحمد بن أحمد قاسم).
حسن محمد فقيه من مواليد 29 فبراير 1939 والمتوفى يوم 27 أبريل 1981م، وعمره (42) عاماً، ولم يخلف وراه زوجة ولا أولاد، أي أنه مات عازباً أعطى حياته للفن، وأعطى الكثير في هذا المجال وهي شهادة للتاريخ.

رحم الله أيام حسن وحسين وفتحية فقيه وأحمد قاسم والمرشدي وبامدهف والشيخين محمد وإبراهيم الماس والجراش والشيخ علي أبوبكر باشراحيل وفؤاد الشريف وحمودي عطيري ونبيهة عزيم وصباح منصر ورجاء باسودان وعلي جاوي.
رحم الله أيام عدن.. أيام الصحافة والمسرح والفن، ورحم الله حضن عدن الذي اتسع لكل القادمين إليها، ومنحتهم رئة ثالثة فنالت منهم جزاء سنمار وهيهات لهم يا عدن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى