كم هي عظيمة لحج بعظمة أبنائها!

> حبيب محمد علي

> في إحدى استطلاعاتها استوقفتني مجلة "العربى" الكويتية، الصادرة في منتصف الستينيات من القرن العشرين، أي بعد أقل من عقد على صدورها في ديسمبر من عام 1958م، ومزينة صورة غلافها لطالبتين يبدو عليهما من خلال زيهما المدرسي، الالتزام بالنظام، ومظهرهما الخارجي والذي أتى انعكاساً لما كان عليه حال تعليم الفتاة وإن جاء متأخراً عن أخيها الولد بالنظر لمجتمع عربي محافظ لا يمكن انفصام لحج عنه وإن أخذ هذا التمنع وقتاً، إلا أن أخيراً بالنصح والتوجيه الحكيم اقتنع أولياء الأمور بتعليم بناتهم، بل بأحقية التعليم للجميع.

وليحضوا بمعلمين ومعلمات أكفاء ومناهج دراسية اختيرت بعناية ودقة عاليتين بما يتواكب مع بعض الدول العربية التي سبقت في هذا المجال وبالذات مصر والسودان واللتين كان لهما الفضل الكبير في ذلك. وللتاريخ والإنصاف، فإن هذا ما كان ليحدث لولا الصحوة المبكرة التي كان عليها حال القيادات الفاضلة التي أحبت لحج فكراً ووجداناً وهامت بها عشقاً وألحاناً.

ومن جديد أعود للحديث عن المدرسة المحسنية وفضلها الكبير على كل من تعلموا فيها وممن أضحوا من فطاحلة العلم والأدب ولترتسم في مخيلتي صورة أحدهم الذي لن تحيد عنه الذاكرة ألا وهو الأستاذ أحمد محمد زين السقاف، والذي ارتبط اسمه بمجلة "العربي" الكويتية ارتباطاً وثيقاً كما أن قيمته قد تجلت بوضوح في ثروته العلمية والأدبية والثقافية وأولاها الأخلاقية، فهو إن ظل يذكر فضل المدرسة المحسنية عليه حتى قبيل وفاته، إنما هو دليل وفاء قل نظيره، وما يؤكد هذا مدى حبه وإخلاصه للعمل في أي مكان رحل إليه وحل فيه، ولقد كان قد توجهه إلى أرض الكنانة بعد تكليف له من دولة الكويت بشأن مجلة "العربي" المزمع إنشاؤها بنهايات الخمسينيات دليل ثقة واطمئنان. فقد عاد وبرفقته خيرة الكتاب المصريين وبهم ترى مجلة "العربي" النور في أول عدد صدر لها في ديسمبر من عام 1958م تحت إدارة تحرير برئاسة د. أحمد زكى، وبمشاركة كتاب عباقرة كطه حسين وعباس العقاد وغيرهم، ومن هنا تتجسد عظمة لحج بأبنائها الذين حملوا اسمها منشأ يتردد في المهجر وعلى كل لسان ولعل حال أحد هؤلاء السقاقفة كما أحب تسميتهم الأستاذ القدير علي مهدي محلتي في منشور له في الذكرى العاشرة لرحيل الأستاذ أحمد السقاف هو حال ثلة من أعظم من أنجبتهم لحج وخاصة مدينة الوهط، فمثلهم لا يمكن نسيانهم.

ولم آتِ كثيراً على سيرته الذاتية، إنما لوفرة ما تطرقت إليه العديد من الأقلام في الصحف والمجلات العربية بالنظر لمآثره الأدبية والثقافية، ولما حظي به من رعاية وتقدير واحترام وتكريم، وهكذا هم من يصنعون تاريخ الأوطان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى