بطاقة دعوة للزمن الجميل

> إلى كل من يحب اليمن شماله وجنوبه، شرقه وغربه، إلى كل من في سهوله وجباله وقراه ومدنه، إلى كل مسؤول في هذه البلاد يحب اليمن ومغسل نفسه من مصالحه الشخصية ويداه نظيفتان كالفل، وغير ملطخة بالاختلاس والرشاوي، ومن غير الناس الذين قال عنهم العلي القدير في كتابه الكريم (لن تخرق الأرض ولن يبلغ الجبال طولا)، ولا أقول الناس كافة الصالح منهم والطالح أدعوهم إلى زمن جميل عاشر اليمن في ازدهار جميل رغم التشطير، وليصفني من أراد بأنني انفصالي رغم أنني وحدوي إلى النخاع، لكن لكل حادث حديث.

ولنعرج يا سادتي إلى أيام الاستعمار البغيض، والذي كانوا يقولون لنا عنه إنه كان يبنى من ميناء عدن (الميت الآن رغم موقعه الهام والمهم والإستراتيجي للعالم كله)، وكانت أيامها سهلة وبسيطة لم يشعر فيها الإنسان بالفقر، وكان يكفيه نصف (نصف شلن) ليشتري به خضرة وتكفيه لأكثر من يوم، وينام وهو مطمئن، فكل ما سيحتاجه في غده سيجده حتى لو كان بائس فقير، فهو ينام غرير العيش لا يخشى أن هناك كابوساً قادماً يحمل له فواتير الكهرباء والماء والتلفون فتورق مضجعه.

فكان كل شيء موجود ورخيص، وقالوا إن بريطانيا تبني بلادها من ميناء عدن الحر الذي كان يمون كل الدول المجاورة بكل ما تحتاج إليه، لكن الإنسان بطبعه يحب الحرية ولا يرضى أن يعيش تحت ظل الاستعمار الأجنبي مهما كانت الحياة رغيدة.
فكانت ثورة 16 سبتمبر 1962م المجيدة الدافع القوي والسند المتين للقيام بثورة ضد الاستعمار، وكانت اليمن حينذاك مفتوحة الأبواب شمالا وجنوبا ولا توجد حواجز، وكان اليمني ينتقل بين الشطرين بكل سهولة ويسر، مما ساعد على قيام ثورة 14 أكتوبر 1963م.

إن من يبني المرتفعات الاقتصادية لحسابه الخاص هو أكثر خيانة للوطن، وأقول إن بنى الإنسان اليمني هم بنى المرتفعات الأسمنتية، فكيف يبني الوطن إنسان جائع وثروات وطنه تمر من أمامه إلى البنوك، وانطلقت الثورة من جبال ردفان بقيادة رجال أشاوس على رأسهم الشهيد بإذن الله راجح غالب لبوزة، وكان من أهم أهداف الثورة هو تحقيق وحدة اليمن بعد الاستقلال مباشرة، لكن لعبة الكراسي وحب الجلوس عليها أدخل الشطر الجنوبي من نكبتين إن لم تكن نكسات، فالنكسة الأولى بعد أن غادر المستعمر أرض الجنوب تقفلت علينا الأبواب وظهرت حدود بين شطري اليمن بعد أن كانت غير موجودة ومنع التنقل بين الشطرين، وكان سهلاً على الجنوبي أن يطوف العالم على أن يزور أهله في الشمال والعكس صحيح، ورسمت الحدود وشددت القيود وأصبحنا إخوة أعداء فيا ويل الشمالي لو زار الجنوب ويا ويل الجنوبي لو زار الشمال.

فأول هدف من أهداف الثورة يحقق بالمغلوب، وذهبت دماء الشهداء الذين ناضلوا من أجل الوطن وتحقيق وحدته هباء منثورا.
واشتد الصراع بين الشمال والجنوب، وكان أشد منه قوة بين الجنوبيين أنفسهم. وكان كله صراعاً على الكراسي مما أضاع فرحة الاستقلال.

وكانت النكسة الثانية هي (تخفيض الراتب واجب) رادفه التقنين في المواد الغذائية، لكن الحق يقال فرغم التقنين والصعوبات الاقتصادية التي كان يواجهها أبناء الجنوب إلا أن التموين بالمواد الغذائية الضرورية كان مستقراً، وكانت كل أسرة تجد كفايتها من التموين وكانت العملة النقدية مستقرة في الجنوب وكان (الدينار) يساوي ثلاثة دولار، وكان التطبيب مجاناً مع الدواء والتعليم، ويدرس الطالب جميع مراحل التعليم حتى يتخرج من الجامعة مع توفير المواصلات مع مصروف الجيب لطلبة الجامعة، وكانت الوظيفة مضمونة بعد التخرج.

كانت هناك منافسة شديدة بين الشمال والجنوب أيام التشطير في توفير الغذاء والكساء بين المؤسسة الاقتصادية في الشمال وشركة التجارة الداخلية في الجنوب، وكان المواطن اليمني يجد ما يحتاجه من غذاء وكساء بثمن زهيد، وكان الكل يأكل ويلبس، وفي الجنوب وعدن بالذات كان هناك ثلاثة مجمعات استهلاكية فيها ما لذ وطاب من المواد الغذائية وفيها من الملابس أشكال وألوان ومن كل المقاسات وكله في متناول اليد ورخيص، وهذه المجمعات تم ذبحها بسكين جزار، فمجمع المعلا الاستهلاكي سطت عليه المؤسسة الاقتصادية وأما مجمع خور مكسر اليد الآثمة جعلته خرابة، وكان كل شيء ناجحاً في الجنوب، ويستفيد منه الشعب فتم علاجه بالبتر.

كما كنا نلمس عدم وجود الفوارق الطبقية بين الناس، ولا هناك حوت يأكل حوتاً، هذا كله في عدم وجود النفطية والمعدنية، وكان الشعب اليمني كله يعيش في حالة استقرار معيشي، لكن اليمن واحد وهدف الوحدة هدف سام وعلى رأس قائمة أهداف الثورة في الشمال والجنوب ولا بد من تحقيق هذا الهدف، وكان يوم 22 مايو 1990م يوماً عظيماً فرحة للشعب اليمني. وهذا اليوم كما كنا نتخيله يوم انطلاقة إلى حياة مزدهرة تشهد فيه اليمن التطور الشامل وأوله الاهتمام بالإنسان وتطوير قدراته وخلق حياة كريمة له ترفعه إلى مصاف الدول المتقدمة لكل مقومات هذا الهدف متوفرة لكن الذي حصل عكس ذلك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى