كدمة عوض علي.. قرية في الوادي الأعظم بلحج

> تقرير/ هشام عطيري

>
فقر وعوز و250 حالة مرضية تحتاج إلى العلاج
مدير مدرسة القرية: 10 % من الطلاب تركوا مقاعد الدراسة
قرية كدمة عوض علي هي إحدى قرى مديرية تبن في محافظة لحج دفعت ثمناً باهضاً، وقدمت خيرة شبابها في الحرب، اليوم يتسرب الطلاب من داخل مدرستها المتهالكة بسبب الفقر والعوز باستثناء المياه التي جاد بها الوادي الأعظم. يعاني سكان القرية من الأمراض وغياب الاهتمام الرسمي.
منظر لناحية من القرية
منظر لناحية من القرية

وقرية كدمة عوض تقع في الجانب الغربي للوادي الأعظم دلتا تبن، ويبلغ عدد سكانها حوالي 4000 نسمة، وترجع تسمية القرية بهذا الاسم، بحسب بعض المصادر، إلى وجود تبة أو مرتفع يسمى كدمة، كان يقطنها شخص اسمه عوض علي، وكان يمر من أمامه العديد من الجمالة والمارة، حيث يجدون راحتهم من السفر في هذا الموقع، ويتناقل السكان هذه التسمية منذ مئات السنين، حيث تشكل في المنطقة تجمع سكاني صار يحمل اسم قرية "كدمة عوض".
أحد المساجد السبعة في القرية
أحد المساجد السبعة في القرية

وكدمة عوض واحدة من بين قرابة مائة قرية في المديرية منها من تحولت إلى مدن نتيجة للتوسع السكاني الكبير مثل مدينة العند ومدينة صبر التي تعد المركز الإداري للمديرية.
وتعاني مدرسة قرية كدمة عوض من الكثافة الطلابية وازدحام الفصول الدراسية، ويقول الأهالي إنها غير كافية، وتحتاج إلى توسعة، وهو الأمر الذي دفع إدارة المدرسة إلى استخدام فصول دراسية في مبنى قديم متهالك مهدد بالانهيار.
لاتزال بيوت الطين منتشرة في القرية
لاتزال بيوت الطين منتشرة في القرية

فصول دراسية آيلة للسقوط
ويقول حيدرة علي محسن، مدير مدرسة عبد الرحمن الغافقي، في منطقة كدمة عوض، في حديثه لـ "الأيام": "الكثافة الطلابية في المدرسة تقدر بحوالي 450 طالباً في 8 فصول دراسية، فيما بعض الطلاب يدرسون في الفصول القديمة الطينية، وهي على وشك الانهيار".
فصول دراسية قديمة
فصول دراسية قديمة

وأضاف: "أبلغنا الجهات المختصة في وزارة التربية وكافة المنظمات الداعمة حول وضع المدرسة وحاجتها إلى استحداث فصول دراسية جديدة، وإنشاء سقيفة تقي الطلاب من حرارة الشمس أثناء تأدية الطابور الصباحي، ومن أجل تنفيذ الأنشطة الرياضية التي تفتقر المدرسة لأدواتها، بحيث يستطيع الطلاب أن يمارسوا أنشطتهم أسوةً ببقية مدارس البلاد".
سقف معرض للانهيار في المبنى القديم
سقف معرض للانهيار في المبنى القديم

نقص الكتاب المدرسي
وتابع مدير المدرسة قوله: "نعاني في المدرسة من مشكلة نقص الكتاب المدرسي منذ 8 سنوات، وخاصة المقررات الدراسية لمراحل الدراسية من الصف الرابع إلى الصف الثامن".
تلميذات أثناء عودتهن من المدرسة
تلميذات أثناء عودتهن من المدرسة

تسرب الطلاب من المدرسة
وأشار مدير المدرسة إلى تسرب الطلاب من التعليم نتيجة للأوضاع الاقتصادية التي تعاني منها الأسر في القرية التي انخرط أغلب سكانها في السلك العسكري والزراعة.
ويقدر مدير المدرسة نسبة الطلبة المتسربين من المدرسة بـ 10 % من إجمالي الطلاب.
المدرسه الحديثة بالقرية
المدرسه الحديثة بالقرية

وأضاف: "تواصلنا مع أسر وأولياء أمور الطلاب والطالبات المتسربين من المدرسة، وأرجعوا الأمر إلى عدم توفر الإمكانيات لكافة المستلزمات المدرسية.
وتابع: "تشهد القرية تسرباً كبيراً للفتيات من المدرسة، حيث تتوقف الفتيات من مواصلة الدراسة بعد وصولهن إلى الصف الثامن في المدرسة بسبب عجز أسرهن عن تحمل نفقات الدراسة في المدرسة التي تبعد عن القرية مسافة بعيدة".
ازدحام كبير للطلاب في الفصل
ازدحام كبير للطلاب في الفصل

يؤكد مدير المدرسة أن حل مشكلة تسرب الفتاة من التعليم وانقطاعها يكمن في بناء فصول إضافية للمدرسة لبقية مراحل التعليم الأساسي والثانوي، وتقديم برامج تنموية للقرية، لمساعدة الأهالي في تجاوز أوضاعهم الاقتصادية الصعبة.
وقال: إن المعلمين في المدرسة يعانون أيضاً، والبعض منهم أمضى 28 عاماً في حقل التعليم، ويأتون من أماكن بعيده سيراً على الأقدام لتأدية حصصهم الدراسية.
معلمون يسلكون طريق زراعية للعودة لمنازلهم بعد المدرسة
معلمون يسلكون طريق زراعية للعودة لمنازلهم بعد المدرسة

وحدة صحية تحتاج إلى مختبر
في قرية كدمة عوض علي توجد وحدة صحية حديثة تم افتتاحها في العامين الماضيين بعد أن تبرع أحد المواطنين بالأرض لبناء الوحدة الصحية.
ويقول فهيم عبد محمد سالم، مشرف الوحدة الصحية: "الوحدة الصحية تم افتتاحها في العام 2018م، وتقدم خدماتها للمواطنين في الجانب التمريضي والإسعافات الأولية والتغذية وتنفيذ عمليات التحصين".
معدات حديثة للوحدة الصحية
معدات حديثة للوحدة الصحية

ويضيف: "العاملون في الوحدة يؤدون مهامهم بالشكل المطلوب، إلا أن الوحدة تحتاج إلى رفدها بالأدوية والمحاليل الطبية وأجهزة مختبر متكامل (سي بي سي) وتوابعه".
وأشار مشرف الوحدة الصحية في حديثه لـ "الأيام" أن هناك وعوداً من مكتب الصحة بالمديرية لرفد الوحدة الصحية بأدوية ضمن مبادرة لحج التي تصدرها رجال المال والأعمال من خلال تقديم الدعم للوحدة الصحية.
وأضاف: "توجد في الوحدة قابلة تمارس مهامها في خدمة النساء الحوامل بالقرية خلال أوقات الدوام الرسمي، فيما تغلق بعد الدوام الرسمي أبوابها، حيث تحتوي الوحدة الصحية على ممرضة وقابلة ومساعد طبيب ومختص بالتغذية".
وحدة صحية حديثة
وحدة صحية حديثة

مرضى يعانون فقراً مدقعاً
وفي إحصائية أعدها عضو اللجنة المجتمعية في المنطقة، أنس علي محمد صالح، فإن القرية توجد فيها 250 حالة مرضية متنوعة بعضها خطرة وأخرى أقل خطورة، إلا أن الفقر المدقع الذي يعاني منه السكان يجعلهم عاجزين عن دفع تكاليف نفقات العلاج، وهو ما دفع عضو اللجنة المجتمعية إلى مناشدة أهالي الخير عبر "الأيام" تقديمَ المساعدة للمرضى في القرية.
دكان تقليدي في القرية
دكان تقليدي في القرية

وقال عضو اللجنة المجتمعية أنس علي: إن القرية تعاني من مشاكل عدة، وتفتقر المدرسة لطاقم تعليمي، وتحتاج إلى بناء فصول إضافية ومعالجة مشكلة نقص الكتاب المدرسي.
ويضيف: "أهالي المنطقة أغلبهم في السلك العسكري، ومعتمدون على مرتبات الجيش والأمن التي تتأخر دائماً، وهو ما وضع تلك الأسر في وضع لا يحسد عليه".
دكان لبيع الأسماك
دكان لبيع الأسماك

تضحيات وقوافل من الشهداء
وأشار عضو اللجنة المجتمعية في حديثه لـ "الأيام" أن قرية كدمة عوض علي كغيرها من القرى في الوادي العظم التي شارك أبناؤها في الحرب منذ العام 2015م حتى اليوم، حيث قدمت 46 شهيداً و 65 جريحاً، ويجب الالتفات إلى معاناتها من قبل الجهات الحكومية، حيث إن شبكة المياه فيها متهالكة وتحتاج إلى صيانة بعد انتظام خدمة المياه مع تدخل منظمة الإغاثة الإسلامية التي رفدت القرية بمنظومة طاقة شمسية لضخ المياه إلى المواطنين.
بئر مياه قديمة يعود عمرها لمئات السنين
بئر مياه قديمة يعود عمرها لمئات السنين

تكاثر بيوت البردين
وبحسب سكان القرية، فأن بئر قديمة في القرية تشكل أحد معالمها يقال إنها حفرت من قبل المواطن ماطر السويدي في أربعينيات القرن الفارط بهدف استفادة الأهالي منها، إلى جانب نبع مياه يتدفق من الوادي الكبير، ويستخدم سكان القرية الطين لبناء مساكنهم منذ تأسيس القرية، لكنها مؤخراً شهدت إدخال البردين (البلك) والأسمنت بصورة كبيرة في بناء المساكن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى