​رجال في ذاكرة التاريخ: ميفع عبدالرحمن.. بيئة خصبة أخرجته إلى دائرة الضوء

> نجيب محمد يابلي

> هذا الشبل من ذاك الأسد
ميفع عبدالرحمن
ميفع عبدالرحمن
محمد (ميفع) عبدالرحمن أحمد النجل الأكبر للشيخ عبدالرحمن أحمد بن أحمد الشرماني، وسبق تناوله في إحدى حلقات «رجال في ذاكرة التاريخ» في «الأيام» بتاريخ 26 أكتوبر 2003م، وورد فيها أنه من مواليد عدن عام 1918م، ونشأ في بيئة مترعة بالنقاء والعلم وقد تربى وتتلمذ على يد عمه وشيخه ومربيه العلامة السيد قاسم بن صالح السروري، إمام وخطيب مسجد العيدروس في الشيخ عثمان (والد المناضلين الوطنيين والتربويين الجليلين المعروفين عبدالباري قاسم، ونور الدين قاسم رحمهما الله.

استناداً للمخطوطة القيمة التي أعدها الأستاذ محمد حسن ضاحة صهر الشيخ عبدالرحمن، وكانت معيني وزادي في إعداد مادة الحلقة المذكورة، وكان شيخنا الجليل عبدالرحمن ينظم ويدير حلقات دينية وعلمية عامة وخاصة، وكانت الحلقات العامة تقام في المسجد، أما الحلقات الخاصة فكان ينظمها في مجلسه الملحق بمبنى المسجد وأوردت فيها أسماء عدد من أئمة وخطباء ومساجد في عدن وخارج عدد من تلامذة الشيخ عبدالرحمن، ومن طلبته أيضاً طه أحمد غانم، محافظ عدن السابق، وفيصل محمد يابلي التربوي المعروف والأستاذ عبدالواسع علوان.

كان للشيخ مواقف وطنية وإلا لما اعتقلته السلطات الأمنية البريطانية يوم الأربعاء 11 ديسمبر 1963م اليوم التالي لانفجار قنبلة المطار من فوق قاعة الزوار التي استهدفت المندوب السامي البريطاني تريفاسكس والوفود المرافق له من سلاطين ووزراء اتحاديين كانوا في المطار، وانفجرت القنبلة وهم متوجهون إلى الطائرة التي كانت ستقلهم إلى لندن العاصمة البريطانية لمزيد من التفاصيل حول سيرة الشيخ عبدالرحمن يرجى مراجعة العدد المذكور سلفاً من «الأيام».
ملاحظة: انتقل الشيخ عبدالرحمن إلى جوار ربه يوم 19 فبراير 1967م مخلفاً سبعة أبناء وبنتاً واحدة.

الميلاد والنشأة
محمد (ميفع) عبد الرحمن أحمد من مواليد قسم (A) بالشيخ عثمان (حافة عفارة ومن سكانها بيت أحمد عون والشبوطي ودغبوس وكابتن محمود عبيد وبيت السحولي وبيت المقطري)، وبيوت عفارة وبيوت أخرى معروفة)، وكانت ولادة محمد (ميفع) عبد الرحمن عام 1951م، وتلقى مراحل دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية في عدن.

ميفع في بلاد مكسيم جوركي
غادر ميفع عبدالرحمن أرض الوطن في بداية النصف الثاني من سبعينات القرن الماضي إلى موسكو عاصمة الاتحاد السوفييتي (حالياً روسيا الاتحادية)، والتحق بمعهد مكسيم جوركي (1868 - 1986م)، وحصل على الماجستير في الأدب وتركزت الأطروحة على الحقائق الاجتماعية والسياسية في اليمن.
عاد ميفع عبد الرحمن من موسكو عام 1982م، وعمل في وزارة الإعلام إلا أن نشاطه غلب عليه النشاط الجماهيري، حيث كان من المؤسسين والمتحمسين الناشطين في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، وكتب كثيراً في المجلات والصحف في الاتجاه الأدبي السياسي، وجعل من القصة القصيرة وسيلة التعبير عن الحراك السياسي والثقافي غير المتحزب، وكان رحمه الله يلتقي مع كل الأدباء والمثقفين على أرضية الرأي والرأي الآخر.

ميفع في عيون المثقفين
الأديب والقاص صالح سالم عمير، أفاد أن اسمه الأدبي ميفع عبدالرحمن، أما اسمه الحقيقي فهو ميفع عبد الرحمن.
أول قصة قصيرة كتبها في إحدى الصحف المحلية كانت (بكارة العروس).

جنيد محمد الجنيد
الناشط الاجتماعي والأدبي والسياسي اللامع جنيد محمد الجنيد الذي تحدث عن خلفية علاقته الأدبية والقلبية بالأديب ميفع عبد الرحمن الذي سعد كثيراً باستقبال ميفع وعروسه في شهر العسل الذي قضياه في حضرموت، ورافقهما إلى مدن شبام وتريم والقطن وغيرها، وكان جنيد حينها رئيساً لجمعية الأدباء الشباب في الوادي.

يضيف جنيد أن صداقته مع زميله ميفع توطدت بعد أن قرأ المجموعة القصصية لميفع وأعجبته كثيراً قصة (بكارة العروس) وأحب فيها تواضعه وأخلاقه الرفيعة
آثر ميفع حضرموت وواديها وأحبها كثيراً ولذلك اختار وادي حضرموت، ويضيف جنيد بعد زواجه في عدن قبل أكثر من ثلاثة عقود، ولمحبته لميفع فقد تفرغ له ولعروسه لقضاء شهر العسل، وقضى يوماً رائعاً في القصر الباذخ، ونزل في قصر القبة بتريم، وشملت الزيارة مدناً أخرى.
رافق جنيد العروسين إلى حوطة أحمد ومدينته ومسقط رأسه (طربية)، ورتب لهما جلسة فنية في بيت صديقه الشاعر بن زين، وسعيد عبد الخير الفنان المعروف.

يضيف جنيد بأنه يترحم على ميفع الثائر، وكان الحزن مسكوناً في الجميع، وتزامن ذلك مع الكاتب الثائر والقاص الثائر ميفع، وكانت الأوضاع العصيبة كأوراق الخريف، حيث تساقطت الورقة تلو الأخرى.

جنيد و د.عبد الحميد إبراهيم
جنيد محمد الجنيد، وهو أحد المبدعين الذين يشار لهم بالبنان، والذي أرخ للقصة اليمنية المعاصرة، والرواد في القصة أمثال عبدالله سالم باوزير وأحمد محفوظ عمر ومحمد عبدالولي، وأما جيل الثورة منهم محمد صالح حيدرة وميفع عبدالرحمن.
أفاد د. عبدالحميد إبراهيم في معرض نقده للأدب القصصي عند ميفع عبدالرحمن بأنه محكوم بروح الرفض، حيث يسود التناول القاسي في التعبير عن الرفض، وأورد نموذجاً لذلك على لسان فتاة ثائرة على البيت (ليكن جحشاً المدعو حبيبي» تلكم هي روح التمرد والرفض عند ميفع.

وماذا يقول الغربي عمران؟
أما محمد الغربي عمران الذي تمرد على الموروث بغية إصلاحه بغية الخروج من الثقافة التقليدية، وعلى تلك الأرضية أورد أن صداقات ميفع قائمة على قيم ومبادئ من يشابهونه في ثوابته، وبأن ميفع حاد في آرائه ومدرسته لا تقبل إنصاف الحلول. تعلمنا منه الكثير، له الرحمة ولأعماله الخلود.

وماذا يقول عبدالله الدهمشي؟
قال الكاتب الصحفي عبدالله الدهمشي، إن ميفع كان من رواد القصة القصيرة في اليمن ورائدها في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، وله فضل كبير على الجيل التالي من كتاب الرواية في القرن العشرين إلى جانب نضاله في مجالات الحداثة والتنوير.

وماذا يقول زياد القحم؟
أما زياد القحم الكاتب الصحفي، فقد أفاد أن ميفع عبد الرحمن كان كاتباً مثابراً في الصحافة الثقافية اليمنية، وأنه صاحب مواقف عرضته للمحاكمة.
أضاف زياد القحم: إلا أنه ترك أثره الأهم من خلال مجموعتين قصصيتين، وهناك أعمال أخرى لم تجمع في كتاب واحد.

عاش ميفع حياته في مدينة عدن، وهو من أهم كتاب القصة القصيرة في اليمن، وكان رمزاً للمدينة الساحلية في اليمن.
توفي مؤخراً مثل نجوم عدن الكبار الذين أثروا الحياة الثقافية، ليترك فراغاً كبيراً في مرحلة حساسة بعد معاناة من جلطة دماغية.

وماذا يقول حسن عبد الوارث؟
ورد مقال نشره موقع بلقيس للكاتب الكبير حسن عبدالوارث نعى فيه رحيل صديق حميم كان من ضمن قلة قليلة جمعته بها وشائح صداقة حقة.
في ناصفة أول شهور هذه السنة داهمت جلطة دماغ محمد (ميفع عبد الرحمن)، وهو أحد رموز المشهد الأدبي والثقافي منذ أواسط السبعينات من القرن المنصرم.

تحدث الكاتب الجسور حسن عبدالوارث عن معدن نادر من الأدباء والكتاب بمواصفات ميفع عبدالرحمن، وتجلت مواقفه الشجاعة في كل المراحل مع كل الرؤساء قبل الوحدة أو بعدها.
المصدر: سماح عادل. إعداد خاص

«الأيام» ورحيل ميفع
نشرت «الأيام» في عددها الصادر يوم الأحد الموافق 4 أبريل 2021م الموافق 22 شعبان 142هـ في الصفحة الأمامية:
«توفي أمس السبت الأديب الكبير ميفع عبد الرحمن بعد معاناة مريرة استمرت لسنوات مع المرض.

كان ميفع قد أصيب قبل شهرين بجلطة دماغية أقعدته عن الحركة قبل أن تتضاعف أمس وتنهي حياته ومسيرته الأدبية المتميزة.
ونعت سكرتارية اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بعدن في بيان برحيل القامة الإبداعية الكبيرة.

وكانت الحكومة قد وعدت بعلاج عبدالرحمن، إلا أنها لم تنفذ ذلك حتى لحظة مماته».
وفي أرشيف «الأيام» كتب ميفع عبد الرحمن عشرات الروايات والقصص منذ إعادة إصدارها في الحقبة الثانية بداية التسعينات.
«الأيام» تتقدم بأحر التعازي والمواساة إلى أبناء وأسرة وزملاء الأديب ميفع سائلة العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته ورضوانه. إنا لله وإنا إليه راجعون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى