هل بالإمكان إعادة ما كان والعودة لذاك الزمان

> ناصر الناصوري

>
ناصر الناصوري
ناصر الناصوري
وأنا أتابع برنامج الرياضة، الذي يعده ويقدمه الكباتن شرف محفوظ وخالد هيثم، والذي كان يذاع في أمسيات الليالي الرمضانية، وكان يستضيف نجوم الزمن الجميل، الذين كانوا يتحدثون عن ذلك الزمن، ويتساءلون لماذا تراجعت مستويات أندية عدن؟ ولماذا غاب المهاجمون وحرَّاس المرمى بالذات؟ وكذا لماذا لا يعمر اللاعب اليوم كثيرًا وبالكثير لو لعب ووصل إلى أربع سنوات وينتهي، بينما الأولون كان النجم منهم يلعب أكثر من عشرين سنة؟ وهي أسئلة مشروعة، وأيضًا كان اللاعبون ضيوف البرنامج يعطون الإجابات من خلال سردهم لذكرياتهم، وإذا وضعنا النقاط على الحروف نجد أن أسباب ذلك يعود للاتي:

١ - كان في الزمن الأول أكثر من 50 ناديًا، وبعد ذلك حصل دمج الأندية، وفي أواخر الستينيات كان على سبيل المثال في كريتر أربعة أندية رئيسة، الحسيني، الشباب الرياضي، الأحرار، التضامن المحمدي، وكان هناك تنافس بينهم في استقطاب المواهب، وكانت عيون الصقر شغالة في الأندية، تبحث وتنقب في الحارات والمدارس التي كانت بطولات كرة القدم فيها حامية الوطيس ولا تنقطع، وفي كل عام كانت الأندية تستقطب اللاعبين الأبرز، وكانت هذه المواهب تجد لها موطئ قدم؛ لأن الأندية كثيرة، إذا ما قبلك هذا النادي تروح ذاك النادي، أيضًا الحارات كانت برح، وكنت تجد مساحات يلعب فيها أبناء الحارات، وكانت مباريات حماسية في مساحات صغيرة، وأيضًا كنت تجد هناك عين الصقر وهو من يستقطب تلك الموهبة إلى ذلك النادي الذي يجد فيه مدربون بمعنى الكلمة، وهم الذين يصقلون تلك المواهب، وكان قبل أن تصقل موهبته، يغرس فيه حب النادي، وحب زملائه اللاعبين، لذلك كنت تجد في كل ناد أكثر من حارس، وأكثر من مهاجم، ولا يتأثر أي فريق بغياب أو إصابة أي لاعب؛ لأن اللاعب البديل جاهز وموجود.

٢ - كان في كل نادي شخص بمثابة (الأب الروحي)، الذي يبذل الجهد، وأيضًا المال، فكان في الأحرار مثلًا عبدالعزيز الأغبري، وفي الشباب الرياضي نصر الشاذلي، وكانت كلمتهم بمثابة سيف قاطع، ويجب تنفيذها بالسمع والطاعة، وكانت إدارات الأندية كخليات نحل تشتغل بحب وإخلاص، وتتحرك هنا وهناك، ويتابعوا أمور اللاعبين، وخصوصًا الشباب، ويحرصوا على تجنيبهم الأشياء المضرة بهم، ووصل الأمر بهم الوصول إلى بيت اللاعب في ساعة محددة يجب عليه أن يكون في بيته، وينام بدري، ويحرصوا على تحصيله العلمي، أيضًا كان الفريق يلعب بفرق ثلاثة A B C يعني الجميع يتحصل على فرصته، ويتدرج من سي إلى بي إلى ايه.

٣ - كان هناك اتحاد ينظم بطولات بشكل منتظم، وبطولات كبرى، مثل كأس الملكة، وكأس ناصر، والنادي الذي يحرز أي بطولة ثلاث مرات يمتلك الكأس إلى الأبد.

طيب اليوم ما الذي تغيَّر؟ أولًا: تقلصت الأندية في كل مديرية، ناد واحد فقط، ويلعب بفريق واحد فقط، ومدن مثل كريتر، والشيخ عثمان مثلًا، هل يكفيها ناد واحد، ثانيًا: إدارات الأندية تُعيَّن رسميًا من الدولة، وتنتظر الفتات نهاية كل عام، لتسير به ألعاب وأنشطة فرق النادي (أكثر من ثمانية ألعاب )، وغاب رجال الأعمال من الأندية، وغابت المشاركات الجماهيرية بالتبرعات، وكذا أعضاء الأندية، وغابت البطولات المدرسية، فغابت المواهب أيضًا، التهام المساحات والمتنفسات الذي كان يتنفس من خلالها الأطفال وإظهار مواهبهم الكروية، غياب (عيون الصقر) مكتشفي المواهب، وحتى الفرق الشعبية لا تلعب بفريق من أبناء منطقتها؛ بل يجلبوا لاعبين من الشيخ عثمان؛ بل وصل بهم الحال لجلب لاعبين من أبين ولحج، غياب مسابقات الفئات العمرية بجميع مراحلها، والاكتفاء بجلب لاعبين بالعملة الصعبة، ويعطوه 800 أو 700 دولار، أو بيجيبوا لاعبًا محليًا من أي ناد محلي آخر بمبلغ كبير وابن النادي يعطوه 30,000 ألف ريال، أو 40,000 ألف ريال، وإذا أصيب رموه، وهذا قتل الإخلاص والوفاء وحب النادي في قلب اللاعب، وهو يرى هذا التمايز، وأصبح اللاعب مادي بالدرجة الأولى؛ بل أن بعض اللاعبين، وبعض الإداريين خانوا أنديتهم مقابل إغراءات مالية لم يتحصلوا عليها في أنديتهم، وجاءتهم من أندية منافسة، وهذا من وجهة نظري سبب تردي وتدهور الرياضة في أندية عدن، وإن لم ينهض الجميع من لاعبين قدامى ومحبين لهذه الأندية ورجال الأعمال في منطقة كل ناد، وقاموا بالتخطيط وإعداد دراسات وبرامج علمية، للنهوض بأندية عدن، وتنشيطها، وعودتها لمنصات البطولات والتتويج، أو ستتدنى أندية عدن، وستبقى مجرد أطلال، وسنكثر الشكاء والبكاء على ذاك الزمن الجميل..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى