العصا لقمة عيش معاق في لحج «صور»

> تبن "الأيام" هشام عطيري

>
​​ياسر.. ثلاثيني يستعين بقطعة خشب لتجاوز الإعاقة
ياسر محمد قاسم ثلاثيني، تعرض لإصابة بليغة في الحبل الشوكي، جعلته عاجزا عن الحركة، وعاجز عن العمل، الأمر الذي أقعده طريح الفراش، لا سيما أن الإصابة تركزت في الجانب السفلي من الجسم بسبب حادث قبل سنوات.
لم يكن ياسر يدرك أنه سيضطر للنهوض من مقعده الدائم، وسيعمل كغيره في أعمال شاقة ومتعبة لساعات طوال تتجاوز عشرا في اليوم الواحد.  

 
ياسر محمد قاسم فوق باصه
ياسر محمد قاسم فوق باصه

الظروف المعيشية وتعقيدات الحياة التي يعيشها ياسر ليست تعقيدات فحسب، بل معاناة إنسانية بشكل يومي ومستمر يواجهها ياسر وحيدا ومعاقا.   
يقطن ياسر في منطقة البيطرة بمديرية تبن التابعة لمحافظة لحج. يقول إنه "متزوج ولديه ثلاثة أطفال، والوضع الذي يعيشه وأسرته أجبره على  الخروج إلى العمل رغم إعاقته". لم تستطع الإعاقة أن تغيب الشعور بالمسؤولية في ياسر تجاه أسرته، بل عززت إيمانه وقدراته على ممارسة العمل.

ياسر محمد قاسم مع أسرته
ياسر محمد قاسم مع أسرته

ويواصل ياسر: "قبل عدة سنوات قدم فاعلو الخير لي حافلة صغيرة، حينها أجرتها لأحد الأشخاص، وبعد ثلاث سنوات تقريبا، بدأت الأسعار ترتفع وإيجار اليوم الواحد للباص لم يعد يكفي الأسرة، فاضطررت إلى استعادتها، وعقدت النية على العمل عليها بنفسي، رغم أنني عاجز كليا". هكذا سرد ياسر معاناته مع الحياة وصعوبة المعيشة لـ "الأيام" .

ولم يكن ياسر إلا واحدا من عشرات المعاقين الذين عقدت الحياة ظروفهم النفسية والأسرية رغم أن القليل منهم تجاوز الإعاقة وواجه صعوبات العيش والسكن والاحتياجات الأخرى بأقل الإمكانيات.

ويندهش الناس من عزيمة وإصرار ياسر على العمل في الحافلة الخاصة به، حيث يقوم بنقل الركاب من منطقة إلى أخرى داخل محافظة لحج رغم إعاقته، ولكن الخيارات لم تكن متاحة أمامه عدا خيار ممارسة العمل وتجاوز متاعبه وهمومه وحيدا، يحكي لـ "الأيام": "ظروف الحياة والمعيشة الصعبة أجبرتني على العمل بنفسي والاعتماد على الباص لتوفير متطلبات البيت يوميا والاحتياجات الأخرى"، ويواصل: "نحن تعودنا على التأقلم مع كل الظروف، ونحاول أن نمشي مع الوضع، ونوفر مصاريف الأسرة من المشاوير والعمل بالحافلة".

​ياسر.. ثلاثيني يستعين بقطعة خشب لتجاوز الإعاقة
​ياسر.. ثلاثيني يستعين بقطعة خشب لتجاوز الإعاقة

ويتساءل الناس كيف يعمل ياسر سائقا وهو يعاني شللا نصفيا ولا يشعر بجسمه السفلي كليا، وهو يعتمد على لبس "الحفاظات" بشكل منتظم في أثناء عمله على كرسي متحرك، فيخرج من منزله، ويصعد بمساعدة أسرته إلى الحافلة الصغيرة، ليستخدم يده اليسرى للمقود فيما يمسك  في يده اليمنى عمودا من الخشب كبديل عن رجليه المعاقتين في تشغيل السيارة وتحركها وتوقيفها على طول الطريق دون أن يسجل أي حوادث.

قطعة الخشب الذي يستخدمها "ياسر" لقيادة السيارة
قطعة الخشب الذي يستخدمها "ياسر" لقيادة السيارة

بدأ عمله كسائق في حافلته قبل ثلاث سنوات، حيث يخرج في الصباح الباكر للعمل وحتى الظهيرة، فيعود لمنزله ويغير أشيائه ويتناول الطعام مع عائلته، وبعدها يعود لعمله في فترة العصر حتى المساء، ووسط كل هذه المشقة يوفر قليلا من المال لأسرته التي تعد أهم ما يملك.
ويحظى هذا الثلاثيني بتقدير الأهالي في المنطقة، وزملائه السائقين لأنه مكافح للحياة رغبة منه في توفير لقمة العيش رغما عن الإعاقة الجسدية.

 ويدعو ياسر فاعلي الخير لمساعدته في توفير تكاليف إصلاح سيارته التي تعاني من بعض الأعطال البسيطة وإعادة تأهيلها، ومساعدته في مواجهة الحياة التي تتفاقم أوضاعها يوما بعد آخر، وخاصة تفاقم الأزمة الاقتصادية التي انعكست تأثيراتها على أسعار المواد الغذائية والدوائية الضرورية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى