فحمان.. زلزلة عاتية

> محمد العولقي

> وتأتون من جبال التحدي أقمارًا تنيرون سير ومسير ليالي الريف، تغزلون من شمس الضحى بطولة لأبين الأبية الصابرة على الابتلاء، تبلسمون جراحها من عرقكم.. من دموعكم.. من فقركم.. ومن مآسي بؤسنا.. أنتم هكذا الحق الذي نعترف به.. إن زأر فحمان في الملاعب هتف في لحظة نشوة: أنا الشعب زلزلة عاتية..

* تنشدون هناك حلمًا طال انتظاره، وتخطبون ود غيمة خير مشبعة بآلام شعب وآهات ناس تنتظر فجركم الجديد، ملأتم بها أفواهنا الفاغرة، وسكبتم في عيوننا كحلًا فحمانيًا قوة أبصاره يفوق قوة أبصار زرقاء اليمامة..

* عندما يتكلم جبل فحمان يثور.. يقذف حممه في كل اتجاه.. يزمجر موجه بعدها تستوي سفينة فحمان على الجودي..

* هذا الليل الذي تطاول على أبين يهرب بدفاه خجلًا أمام صبية أبطال قهروا الحال والمحال وروضوا المستحيل فتحقق المراد من رب العباد..

* فحمان يكتب للتاريخ إلياذة خالد، يبرمج لزمان وصل (مودية) حاضرًا في زمن الويلات والعويل الذي لا ينقطع..

* أي جنون هذا يا فحمان.. كيف خرجت من بطن الحوت؟

كيف رقصت السامبا في هذا الصقيع؟

كيف حلقت بجناحين من فولاذ في سماء ملبدة بالعقاب والصقر والنسر؟

* قولوا لي بركم يا حاصدي العساجد كيف حولتم ماء منافسيكم غورًا؟

كيف رفعتم بورصة (خمير) أبين في مزاد الولائم فأصبح بفضلكم أغلى وألذ من المندي والفحسة والسلتة والصيادية؟

قفوا قليلًا أيها البدو.. أخبروني كيف لقن حفاة الريف بهوات البندر دروسًا في التضحية والوفاء والتحدي؟

من جئت يا فحمان بكل هذه اللآلئ؟

كيف تحولت إلى خلية نحل تطرح لنا عسلًا صافيًا مستساغًا فيه لذة للشاربين؟

كيف أصبحت لأبين مائدة رحمة منزلة من السماء تشبع البطون الجائعة في زمن الغلاء الفاحش؟

* الذهب اليوم لأهل الذهب، و فحمان منجم ذهب، عندما حانت فرصة عرض منجمه كشف عن عملات ذهبية توارت أمامها عملات كبار الدوري خجلًا وكسوفًا..

* كابتن محمد حسن البعداني مدرب هؤلاء الفتية الذين آووا إلى كهفك طلاسم تكتيكك.. ألم يأن الوقت لتكشف لنا عن خريطة ذلك الحاوي الذي يسكن مخك ومخيخك؟

ألن تخبرنا كيف حولت فحمان إلى متحف يضم أغلى التحف؟

ألن تحكي لنا سر هذه الابتسامة الغامضة التي سلبت عقولنا وأحالت لوحة الجاكوندا إلى مجرد ذكرى لزمن ولى إلى غير رجعة؟

ألن تجود علينا بقليل من كرمك وتكشف لنا عن بوليصة التأمين التي قادت فحمان إلى مدينة (الألدرادو) أو مدينة الذهب؟

* كتاب أبين الكروي فيه سطران للفرح والباقي كله عذاب، إلى أن جاء قمر الريف الفحماني ليكتب أبين إلياذة فرح باذخة الإثارة..

قبل أوان الربيع وفي عام يلملم فيه صيفه بقاياه جاء طائر السنونو بكل الربيع من سيئون، جاء متمردًا على كل القواعد والمراسيم، جاء وفي منقاره قوس قزح تمتزج الدمعة بالآهة، الفرحة باللوعة، السعادة بوخزة ألم مكفنة بالرجاء..

في عام 1982 كانت أبين مع فرحتها الأولى، فارسها الشطرنجي حسان الذي هزم الشعلة بأربعة أهداف مقابل هدف توج وقتها بطلًا لكأس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية..

حسان الذي كانت تصيبه لعنة الأمتار الأخيرة حوله الاتحاد بفضل مؤامرته الشهيرة إلى أثر بعد عين، لكنه اليوم قد ينفض عن ثوبه غبار هذا الاستهداف، ففحمان انتقم له أخيرًا وتابع مسيرته، وربما سيلهم هذا التتويج حسان ليعود مجددًا إلى مكانه الطبيعي بين الكبار..

وفي عام 2007 ابتسمت أبين نصف ابتسامة بعد كفاح مرير مع العذاب، لقد خرج من أدغال لودر فريقًا صلبًا اسمه العين هزم هو الآخر فريق الشعلة بركلات الترجيح ليتوج ببطولة كأس الاستقلال..

* واليوم يأتي فحمان يومض و يحن رعده فيهطل مطره ليروي أرض أبين العطشى، لكن إنجاز فحمان الفخم مختلف تمامًا، فهي المرة الأولى يتوج فيها فريقًا أبينيًا ببطولة الدوري، علمًا أن أبين عرفت كرة القدم مع مطلع ثلاثينات القرن الماضي..

* سيسجل التاريخ أن فحمان تقمص دور منتخب اليونان في يورو 2004 فانتزع الكأس من مخالب وأنياب كل الفرق، وسيمتدح التاريخ طويلًا المدرب الذكي محمد حسن البعداني الذي كتب إلياذة أخرى لا تقل إبهارًا عن إلياذة الألماني أوتو ريهاجل مدرب منتخب اليونان في ملحمة 2004 .

* والآن فليهنأ الأبطال ببطولتهم ولنسمح لشهرزاد مودية أن تروي حكاية هذا الفريق لشهريار، لكن دون أن تسكت عن الكلام المباح..

* هناك في مودية وتحت ظلال بساتينها وخضرة حقولها ووعورة جبالها ينساب صوت الفنان الراحل محمد علي ميسري وهو يغني للبطل القادم من حضرموت في ليلة عيده:

اسمك كتبته فوق جدران قلبي.. يا حلو يا اسمر يا سكر زيادة

واسمك نقشته يا هلي وسط كبدي.. يا زين حبك مثل نفسي وزيادة..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى