منتخب الفخر كتبوا تاريخا جديدا

> ياسر الأعسم

>
ياسر الأعسم
ياسر الأعسم
صغارنا كانوا كبارا، ورفضوا أن يكونوا ضيف شرف، وقهروا الظروف الصعبة وعادوا متوجين بذهب بطولة اتحاد غرب آسيا للناشئين، وبصموا على أول إنجاز حقيقي لكرة القدم اليمنية.

*حقنا أن نشعر بالفخر، فالذي جردتنا منه السياسة قسرا، استعادته الرياضة شرفا، وما عجز عنه خريف رؤسائنا وحكوماتنا وأحزابنا، استطاع أولاد في عمر الربيع تحقيقه مع مرتبة الشرف.

* كل بيت كان ينتظر الفرحة الغائبة عن حياتنا، وكل أسرة عاشت جنون هدف "البرواني" الأول، وصعقتهم صدمة هدف التعادل السعودي، وأكثر من خمسين مليون مواطن تسمرت وجوههم أمام شاشات التلفاز، ومع كل ركلة ترجيحية تنخلع قلوبنا ألف مرة، وانفجرت حناجرنا وشوارعنا فرحا بتصدي حارس منتخبنا لآخر ركلة سعودية، وأصبح "وضاح أنور" من لاعب مجهول إلى بطل شعبي.

* خمسون مليون قلب ولسان ومائة مليون كف وشفة، كانوا يلهجون بالدعاء ويسألون رب العرش ويتوسلونه الفرحة، فنحن شعب بضاعتنا الحرب، ويتاجر قادته بأكفان الموت، ولا نملك هيئة ترفيه أو وزارة للسعادة.

* صغار أتوا إلى البطولة من بؤس سنوات الحرب السبع وجحيم المعارك ودوي الانفجارات وقصف المدافع، ومن بلد يجندون أطفاله كرها في محرقة صراعاتهم، ومزروع حقول ألغام بعدد سكانه، ولأنهم كانوا يؤمنون بحلمهم، صعدوا سلم المجد بجدارة، وانتزعوا البطولة من عرين المنتخب السعودي المترف، وجعلوا الحلم حقيقية، وصنعوا فرحة لأول مرة نعيشها ونتذوق حلاوتها، وحققوا إنجازا لم يسبقهم إليه أحد وربما لن يكرره بعدهم أحد.

* كتبتم أول سطر في تاريخ جديد، وأعلم أن دموعكم غسلت كثيرا من أحزاننا، وتستحقون أن نكرمكم و نحتفل بكم، ونرفعكم على أعناقنا، وتزين صوركم شوارعنا، وسنحفظ أسماءكم و تفاصيل إنجازكم في صدورنا، قبل أن تحفر في جدران تاريخ رياضتنا بحروف من ذهب ونور.

* تكاد تكون المرة الأولى منذ سنوات، تتوحد فيها مشاعرنا، ولم تتشطر مواقفنا، ونحسب أن إنجازكم كان هدنة عشناها جنوبا وشمالا، ومحطة استراح فيها كل البلد المنهك، فجميعنا تتشابه حياتنا و نحتاج أن نفرح.

* نحن شعب عظمته في إصراره، ويستطيع ترويض معاناته، ولن نتوقف عن الحياة وسنعيشها بحلوها ومرها، وعشقنا لرياضة لا و لن ينتهي، ويسكننا من أخامص أقدامنا حتى نخاعنا الشوكي، وستتوارثه أجيالنا، فما زلنا نحتفظ في كل بيت بكرة قدم وفي حوارينا وأزقتنا موهبة تنتظر نصف فرصة.

* سنكرر العبارة الشهيرة ونقول: " للنصر أكثر من أب، بل و جد وعم وابن خالة والهزيمة يتيمة"، ولكن لأن الفرحة كبيرة وكبيرة جدا ونستحق كدولة وشعب أن نحتفل بسعادة، ولا بأس إن تركنا القادة والساسة والأحزاب والتجار يركبون صهوة الإنجاز.

* نسجد لله سجدة حمد وشكر، ثم ننحني نبوس جبين الأبطال فردا فردا وجهازهم الفني بقيادة (الكوتش) المجتهد والمحنك ( قيس) وندين لهم بفرحتنا.

ونقول لمعالي الوزير نايف البكري: شكرا، ولرئيس الاتحاد الشيخ أحمد العيسي شكرا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى