الحرب الروسية الأوكرانية.. السّلام باليمن في إطار سيناريوهين

> تعز "الأيام"

>
​تصاعدت المخاوف في الوسط السياسي اليمني، جراء إمكانية حدوث انعكاسات غير مباشرة على مسار الصراع المسلح في اليمن بين الحكومة الشرعية والمتمردين الحوثيين، إثر ارتباط الأطراف المحلية في الحرب اليمنية بأطراف إقليمية ودولية، حيث تعد المملكة العربية السعودية حليفاً أساسياً للحكومة اليمنية، فيما تقف الحكومة الإيرانية كداعم أساسي للحوثيين، ومن وراء ذلك تعد واشنطن حليفاً رئيسياً للرياض، فيما تقف موسكو كحليف رئيسي لطهران.

ويتابع الشارع اليمني مجريات الأحداث في الحرب الروسية – الأوكرانية باهتمام بالغ منذ الساعات الأولى لاندلاعها فجر الخميس، وكأنها جزء من الحرب اليمنية الراهنة، ويشعر اليمنيون بقلق بالغ جراء تداعياتها المستقبلية المحتملة وانعكاساتها على الصراع المسلح في اليمن ومآلاته المستقبلية، خاصة أن الحوثيين كمدعومين من إيران يقدمون أنفسهم على أنهم حلفاء روسيا، فيما تعد الحكومة حليفة للولايات المتحدة والغرب عموماً.

وأصدر مركز المخا للدراسات الاستراتيجية اليمني، أمس، تقريراً عن “تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية على الحرب في اليمن”، قال فيه “إنَّه يمكن تصوُّر التداعيات على عملية السّلام (في اليمن) في إطار سيناريوهين، هما: سيناريو الدّفع بعجلة السلام لوقف الحرب، وسيناريو استمرار الحرب وتصاعد حدّتها”.

وأوضح أن السيناريو الأوَّل، المتعلق بالدّفع بعجلة السلام لوقف الحرب، “لن يكون ماثلاً”، حيث ليس هناك ما يشير إلى إمكانية ذلك بقوة، بحيث تندفع عجلة السلام قُدماً، وتتوقّف معها الحرب اليمنية، نتيجة لما قد تخلِّفه الحرب الروسية- الأوكرانية مِن تداعيات، وإنَّما قد يحدُث تحول طفيف في هذا المسار، مِن خلال الدّور الذي قد تفرضه روسيا في هذا الجانب، لتعزيز حضورها الدّولي أمام الاصطفاف الغربي المناوئ لها، في أزمتها الراهنة مع أوكرانيا، وهو دور محدود، لأنّها لا تملك وجوداً عسكريّاً في اليمن، كحالها في سوريا؛ بحيث تكون خياراتها محسومة ابتداءً.

وأوضح أن الموقف يعززه، الاستغلال المبكِّر، من قبل جماعة الحوثي، للأزمة الروسية- الأوكرانية، بإبداء الانحياز إلى روسيا، ومنحها نقطة ارتكاز في أزمة اليمن، مِن خلال المبادرة التي قدّمتها هذه الجماعة إلى روسيا، منتصف شباط/فبراير 2022، لكنَّها حصرت موضوعها بما وصفته بـ”الملفِّ الإنساني”، ومن ثمَّ الانتقال إلى العمليّة السياسية لحلّ الأزمة. ويضاف إلى ذلك، اعتراف المجلس السياسي الأعلى (أعلى سلطة للحوثيين)، بانفصال جمهوريّتي دونيتسك ولوغانسك عن أوكرانيا، في محاولة لاسترضاء روسيا، ودفعها لفرض رؤية السّلام التي تطرحها جماعة الحوثي.

وذكر أن المبادرة الحوثية المعلنة -فيما يبدو- محاولة للهروب فحسب، مِن مبادرات أطراف أخرى داعمة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليّاً، تحديداً السعودية، التي تقترح أولًا إيقاف إطلاق النار وقفاً شاملاً، ومن ثم الانتقال إلى التسوية الشاملة للأزمة، وقد رحَّبت بها روسيا -نفسها- عندما أعلن عنها وزير الخارجية السعودي، في مارس 2021. ورغم مرور أسبوع على كشف جماعة الحوثي لهذه المبادرة إلا أنه لم يصدر أي تعليق روسي حولها، وعلى فرض الترحيب بذلك فإن روسيا لن تجازف بمصالحها مع السعودية والخليج، لتغليب رؤية جماعة الحوثي بشأن حل الأزمة اليمنية.

وأكد أن هذا السيناريو، يعززه أيضاً ما قد ينجُم عن الحرب الروسية- الأوكرانية من أزمة غذاء في اليمن؛ حيث يستورد اليمن مِن أوكرانيا، ما يعادل 22% مِن إجمالي استهلاكه مِن القمح، وقد تتضاعف هذه الأزمة، فتضغط على مختلف الأطراف للاندفاع نحو الحلول الدبلوماسية، إذا ما أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية على إعادة تصنيف جماعة الحوثي “منطمة إرهابية أجنبية”.

وأوضح تقرير مركز المخا أن السيناريو الثاني وهو “استمرار الحرب اليمنية وتصاعد حدَّتها” يعدّ أقرب إلى معطيات الواقع، وما قد تُسفر عنه الحرب الروسية- الأوكرانية مِن تداعيات، على الأطراف الخارجية للحرب اليمنية. واستند في ذلك إلى إحاطة مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غرونبرغ، إلى مجلس الأمن، منتصف الشهر الجاري، حين قال إنّ “الأبعاد الإقليمية للأزمة اليمنية تلعب دوراً كبيراً في تعقيد حلولها”. وأشار صراحةً إلى إيران والسعودية والإمارات.

وأكد التقرير أن هذه الدُّول ستقع -دون شكّ- تحت تأثير التداعيات الناشئة عن الأزمة الروسية-الأوكرانية، بوصفها دولاً منتجة للطاقة (النفط والغاز)، ومستوردة للغذاء مِن دولتي هذه الأزمة، فضلاً عن ارتباطها السياسي والجيوسياسي بالأزمتين الروسية- الأوكرانية، واليمنية.

وقال التقرير: “ثمّة ملفّات إقليمية ودولية لم تُحسم، ومِن ذلك المفاوضات النَّووية بين إيران ودول “5+1″، وهي ملفّات وثيقة الصلة بالأزمة اليمنية، وأطرافها الخارجية، وستعمل تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية على تقوية موقف إيران عسكرياً واقتصادياً، وانعكاس ذلك على حليفتها (جماعة الحوثي)، بما يخلق المزيد مِن العنف، والابتعاد أكثر عن مسار السلام.

وأضاف أن “هذا الموقف -دون شك- سيُقابَل بمثله، مِن قبل الأطراف الخليجية العربية، لأنّها لن تقبل بخطرين في آن واحد، أو أيّ منهما: الخطر النووي الإيراني، وخطر جماعة الحوثي، التي تمثّل حلقة قوية في طوق التهديد الإيراني لشبه الجزيرة العربية”. كما أن ارتفاع أسعار النفط سيؤدي إلى تعزيز فرص الحصول على المزيد مِن الأسلحة لوكلاء الحرب في اليمن، ومِن ثم الإبقاء على فتيل الحرب مشتعلاً، ما دامت المصالح الخارجية متعارضة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى