إلى الجنّة يا قوم

> لم يسبق في تاريخ الجنوب أن حدث وتوالدت فيه مثل هذا السيل الجارف ممن يسمونها مجازًا (القوى السياسية)، مثلما هو عليه الأمر في أيامنا هذه. لقد كانت حرب 2015 بين الجنوبيين وجيوش علي عبدالله صالح ومنها وفيها ومن خارجها قوى عسكرية تتبع حركة أنصار الله (الحوثيين)، أقول لقد كان الانتصار الذي حققه الأحرار الجنوبيون بطردهم للغزاة، فرصة تاريخية لإنشاء القوة العسكرية والأمنية، التي يمكن تنظيمها وإعادة ترتيب صفوفها وبنائها بصورة عسكرية احترافية، وفي خط موازٍ لهذا، كان من الواجب توحيد القوى السياسية الجنوبية المطالبة باستعادة الدولة الجنوبية، وتنظيمها وصياغة برنامج سياسي لها، تحدد فيه المطالب والأهداف الجنوبية الأساسية، ويكون هذا المكوّن الذراع السياسي للقوة العسكرية الجنوبية، وينطلق الجميع إلى النضال نحو الهدف الأسمى المتمثل في استعادة الدولة الجنوبية، التي فشلنا في استعادتها مثنى وثلاث ورباع، في وقت لم تكن فيه القضية الجنوبية الوحيدة في العالم، ولنا في دولة الاتحاد السوفييتي ومكونات حلف وارسو ومنظمة (سيف) مثال يحتذى به. في نهاية 2015 وبعد طرد القوى الشمالية المحتلة لأرض الجنوب وحتى ولادة المجلس الانتقالي في بداية مايو 2017 الذي حاولت الأغلبية الصادقة في هدفها أن تجعله القائد السياسي الذي يمثل الشعب الجنوبي. مرّت فترة زمنية تقارب أقل قليلًا من العامين جاءت فيها ورقة المبادرة الخليجية ومن بعدها الورقة التفسيرية، لتمزق الجنوب والقوى الجنوبية السياسية والعسكرية. في هذه المبادرة ومن خلال قراءة العشرين السطر الأولى من المبادرة، كان كافيًا لكل ذي بصيرة أن يفهم عدم احتوائها على رؤية للقضية الجنوبية، وإدراك أنها جاءت لتفتيت القوى الجنوبية السياسية والعسكرية وأنها تهدف إلى أمور ليست القضية الجنوبية من بينها.

ابتدأت بعد ذلك عملية تمزيق القوى المقاتلة لصالح سين وصاد وعين من القيادات أو من سموا بفعل فاعل بالقادة. ومن بعد تلك الفترة وحتى الآن تمت عملية فلترة لغير المرغوب من أولئك القادة فيهم أما قتلًا أو تهميشًا أو تحييدًا بقناعته أو بدونها. واستمر الرعاة ومعهم من يسمون أنفسهم بالشرعية في تفريخ المزيد من المكونات، المزيد من التكوينات، المزيد من التلميع لشخوص باهتة يسمونها شخصيات سياسية مجتمعية فاعلة ، ليأتي اجتماع مؤتمر جدة الذي غيّرت تسميته إلى الرياض 1 و2 الذي وقفنا ضده وطرحنا في الندوات واللقاءات أسبابنا في عدم وجود مصلحة للجنوبيين فيه؛ بل تضررت القضية الجنوبية من نتائجه، بكل تأكيد كوفئنا بمزيد من التهميش والتشكيك من قبل الرفاق، لكن الزمان كان منصفًا فقد تجلت سلبياته ووُضِع بل حُشِر الانتقالي في موقع لا يحسد عليه.

اليوم ينادي مجلس التعاون لعقد مؤتمر أسموه بالتشاوري ليلتقي فيه نحو نصف ألف ممن يسمونهم بجهابذة اليمن بشطريه! وفي ظروف بالغة الأهمية وغاية في الحساسية على الصعيدين الإقليمي والدولي وفي ظل معطيات يقينًا لم تستوعب ولم تشخص قضايا اليمن لا شمالًا ولا جنوبًا... وفي هذا المولد الذي يعلم الخالق وحده بما سينتج عنه. براءة للذمة أمام ضمائرنا وأمام الخالق وأمام عباده نقول إن شيئًا لم يتغيّر في المعطيات السياسية الراهنة، ونقول إنه ليس من مصلحة الجنوب المشاركة في هذه المشاورات وهي أضعف كلمة استخدموها تتناسب وأهمية اللقاء، دون اعتراف المجلس الخليجي ومن يقودهم بالقضية الجنوبية، وحق شعب الجنوب في استقلاله واستعادة دولته. نسمع عن أرقام من الأموال ستصرف على هؤلاء الجهابذة، هي كما نسمع مغرية، لذلك سنشد الأحزمة لأن الذي سيدفعها سيأخذها طز باليد الأخرى على حساب تجويعنا نحن الأغلبية الشعبية التي لا أحد يعترف بها في الدول الشبعانة المحيطة بنا، بالعربي سيضيفون ما سيدفعونه إلى التسعة عشرة مليار دولار التي سبق صرفها لنا.. فجعلتنا إلى النار أقرب منه إلى الجنة.. دعونا نتشاور أولًا جنوبًا فما غير ذلك لنا طريقًا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى