​تنويه بموجب قانون الآثار

>
(تنويه مُوجب) قانونًا بنص المادة (29) من قانون الآثار رقم (21) لسنة 1994وتعديلاته بالقانون رقم (8) لسنة 1997م أمام كافة الهيئات مدنية أو تلك التي تستخدم مرافق عامة يشكل محيطها أو حماها مواقع أثرية أو معالم تاريخية أو تحوي ممتلكات ثقافية بشكل عام أو غيرها بأنه وبصفة كليّة على جميع الآثار المنقولة وغير المنقولة كممتلكات ثقافية وطنية المسجل منها وغير المسجل لدى الهيئة أو نقل ملكيتها خلافًا لهذا القانون.

(الحُّجة الأُولى): وكما حددتها ونصّت عليها المادة (21) من ذات القانون (كقانون خاص)، بأنَّ: كل من بحوزته أي ممتلكات ثقافية وطنية وفقًا لهذا القانون (تسجيلها) لدى الهيئة خلال سنة من تاريخ صدور هذا القانون.

(الحُّجة الثانية): وعليه، من الناحية القانونية وبموجب نص المادة السابق ذكرها أعلاه (29) (آثار، يمني)، فإنه يُحظر الإتجار بالآثار المنقولة أو (التصرف) في (ممتلكات ثقافية) ... إلخ.

(الحُّجة الثالثة): وما يتبع ذلك من نصوص المواد (33، 34، 35) وأحكام العقوبات (آثار، يمني)، مشار إليه(36، 37، 40 /1/2/3)، الجدير ذكره، أن قانون الآثار اليمني النافذ قد حدد ثبوت صفة مأموري الضبط القضائي للموظفين التابعين للهيئة (43) .. إلخ.

(الحُّجة الرابعة): وبما أن (الممتلكات الثقافية) تمثّل الجانب المادي للحضارة، كونها تعكس التجربة الإنسانية في تكيُّف الإنسان مع مختلف البيئات، وفي مختلف الأزمنة والأماكن، وبذلك وكما سبق القول إنها في العصر الحديث تكون مصدرًا هامًا للدخل القومي، فقد أولت لها الدول في العصر الحديث عنايتها وسنَّت الأنظمة والقوانين التي تحميها من (العبث والتهريب والنقل من أماكنها الأصلية، ولذلك، تظل الآثار تذكره لمسار الدعوة والعقيدة، قال تعالى: (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يعلمون) النمل (52) ، فإذا كان الأثر في أرض مقدسة يأخذ أهميته من قدسية هذه الأرض متجاوزًا البُعد التاريخي إلى البُعد العقدي، وهنا تثبت القيمة الاستراتيجية لحماية الأثر الإسلامي، وأن هذه القيمة الاستراتيجية تجعل من حماية الأثر الإسلامي والممتلكات الثقافية أيَّا كان عمرها وقيمتها عملًا تعبديًا واجبًا، فحفظ الأثر هو حفظ الدين، وحمايته هو في واقع أمره حماية للدين، فإذا أندثر الأثر اندثرت المعاني التي ينطوي عليها.

(الحُّجة الخامسة): الاهتمام بالآثار القديمة لا يعني محاكاة القديم، بل يعني التعامل على ضوء المتغيرات والثوابت، ومن ثم فهي ليست دعوة إلى الجمود والتقليد، القائلون بعدم الاهتمام بالآثار ذهبوا إلى أنهم فهموا الاهتمام بالآثار مجرد وسيلة للهروب من الحاضر والتنقيب عن الماضي المنسي، مع أن الاهتمام بالآثار بمفهومه الصحيح هو وسيلة لزيادة فهمنا لأنفسنا، وبالتطلُّع إلى الوراء على طول الطريق الذي قطعناه نكون أكثر فهمًا للمخاطرات التي تقابلنا في المستقبل.

(الحُّجة الخامسة): (الثقافة) و(الآثار التي تُعنَى بجانب من جوانب الثقافة)، تنهض بدور هام في عملية التنمية، وبالتالي فإن الدول الحديثة تؤكد على إدخال العنصر الثقافي في عملية التنمية كعنصر أساسي يضفي طابع الاستقرار على جهود التنمية.

(الحُّجة السادسة):إن علم الآثار الحديث ذا مفهوم أوسع مما يطرح سابقًا، فهو يشمل دراسة بقايا الإنسان منذ ظهر على سطح الأرض، وآثاره والأدوات التي صنعها والأسلحة التي استعملها، والكهوف والمنازل التي عاش فيها، والكتابات التي دوَّن بها أعماله، وغير ذلك مما يُعثر عليه عالم الآثار فوق سطح الأرض، خاصة بقايا المدن والجبَّانات والمستوطنات، أو في باطنها من بقايا هذا الإنسان وآثاره.

لذلك نستطيع القول أن (علم الآثار) هو: (دراسة علمية منظمة لبقايا الإنسان ومخلفاته، وشرحها وتفسيرها، بهدف بناء قصة حياة الإنسان منذ أن ظهر على سطح الأرض حتى الوقت الحاضر).

(الحُّجة السابعة): فالآثار المنقولة، هي التي صُنعت لتكون بطبيعتها منفصلة عن الأرض أو عن المباني التاريخية، والتي يمكن تغيير مكانها كالمنحوتات والمصكوكات والنقوش والمخطوطات والمنسوجات والمصنوعات مهما كانت مادتها والغرض من صنعها ووجوه استعمالها، فالممتلكات الثقافية المنقولة ذات الأهمية الثقافية بما في ذلك الموجود منها أو الذي عُثر عليه ضمن الممتلكات غير المنقولة والممتلكات المدفونة في باطن الأرض، والتي يمكن اكتشافها في الأماكن الأثرية أو التاريخية أو غيرها.

(الحُّجة الثامنة): إنَّ خطر الاتجار بالآثار لا يَرِد إلا على المنقول منها، وكذا حيازة الآثار غير المشروعة في الآثار المنقولة فقط، فجريمة سرقة الآثار وجريمة الإتجار بالآثار وجريمة تهريب الآثار وجريمة تزوير الآثار لا تتحقق إلا في نطاق الآثار المنقولة، وبالمقابل فإن جريمة التجاوز على المواقع المعلنة على إنها أراضي آثارية، وجريمة قلع الأثر دون ترخيص وكذا هدم الآثار هي جرائم تقع فقط على الآثار غير المنقولة.

(الحُّجة التاسعة): الآثار من حيث مصدرها، فإنها تشمل صُنع الإنسان (النتاج البشري)، والرفاة البشرية، والبقايا النباتية والحيوانية، لذلك نقول بأنه: ( يجوز للهيئة أن تعتبر من الآثار أيضًا أية مادة منقولة ثابتة لا يقل عمرها عن (50) سنة ميلادية إذا رؤي أن المصلحة العامة تقتضي المحافظة عليها بسبب قيمتها التاريخية أو الفنية ... إلخ. وعلى ضوء ذلك، فقد أعطت النصوص السابقة للسلطة الآثارية تحويل الشيء أو الموقع التراثي إلى منزلة الآثار، وهي نصوص عامة سواء فيما يخص التراث العقاري أم المنقول.

(الحُّجة العاشرة): أنَّ الأصل العام هو ملكية الدولة لجميع الآثار الثابتة والمنقولة والمناطق الأثرية ويستثنى من الآثار التي لا يجوز لغير الدولة اقتناؤها طبقًا لأحكام القانون، وللسلطة الأثرية حق امتلاك أي مبنى تاريخي أو أية منطقة أثرية أو أية آثار منقولة (مسجلّة) مما يمتلكه الغير، ولا يجوز للأفراد أو الهيئات تملُّك الآثار الثابتة بالتقادم.

(قانون الآثار العربي الموّحد)

ويترتب على ذلك، أنَّ كافة الممتلكات الثقافية تُعد من الأموال العامة التي تملكها الدولة ممثلة بالهيئة العامة للآثار، وبالتالي لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم، كما يترتب على هذا الأمر في هذا الاتجاه -جنائيا- حظر حيازة الآثار والمتاجرة بها أو تصديرها للخارج عدا مايتم استثناؤه وفقًا لأحكام القوانين الخاصة بحماية الآثار.

(الحُّجة الحادية عشرة) : وكون الآثار تعتبر في الأصل من الأموال العامة، فكل من يعثر مصادفة، ولو في ملكه الخاص على أثر منقول أو ثابت، على سطح الأرض أم في باطنها ، يجب عليه أن يُبلغ عنه في الحال، وأن يسلمه للهيئة عند طلبها، وإلا أُعتبر مستوليًا على أثر بدون ترخيص، وتقع عليه العقوبة المقررة لذلك، إلا إذا قررت الهيئة ترك الأثر في حيازة المكتشف وفقا للقانون، فإن عليه تسجيلها لدى الهيئة، وتتمثل تلك الموافقة بشكل كتابي وفقًا للإجراءات والقواعد التي يصدر بها قرار الموافقة، شريطة ألا يترتب على التصرّف (إخراج الآثار خارج البلاد بطريقة غير مشروعة منها التحايل  وبقصد جنائي تتوجه فيه إرادة الجاني وبعلمه لارتكاب ذلك الفعل المخالف للقانون.

أخيرًا، من خلال استقراء (مدوّنة جوستنيان) في القانون الروماني، التي أصدرها الإمبراطور (فلافيوس جوستنيان) في عام (544) بعد الميلاد، حيث جاء فيها: ( الأشياء الآتية مشتركة بحسب القانون الطبيعي، وهي الهواء ومجاري المياه العذبة، والبحار ويتبعها شواطئها، فلكل الآدميين الاتصال بهذه الشواطئ على شرطين ألا يمسوا ما يكون بها من الدور والآثار والآثار القديمة والعمائر، لأن هذه الأشياء ليست كالبحر يجري عليها حكم قانون الأمم).

*المستشار القانوني بديوان الهيئة العامة للآثار والمتاحف

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى