في عدن البيض سلعة من ذهب..البيض بين المقاطعة عمدًا والحرمان منه لأشهر

> عدن «الأيام» أحمد زكي:

> قديمًا قال عرب الجزيرة العربية "أعز من بيض الأنوق" والأنوق طائر من الجوارح بفصيلة النسريات.


فماذا عسانا أن نقول اليوم عن غلاء سعر البيض في العاصمة عدن؟

في ظل هذا الارتفاع المهول للحبة البيض والتي بلغ سعرها (200) ريال هل يستطع المواطن أن يشتري طبق بيض ويمشي به بالشارع دون أن يصب جام اهتمامه عليه من السرقة مثلًا لأن (مارك توين) قال مقولته الشهيرة "ضع كل بيضك في سلة واحدة واحرس السلة" فربما كان يقصد على هذا الزمن في عدن.

بينما المثل الصيني كان أكثر حرصًا على البيض عندما قال "لا تضع كل البيض في سلة واحدة" وذلك مخافة السرقة.

إنه من غير المألوف لدى المواطن أن تبلغ سعر البيضة الـ200 الريال في البقالات وحتى المراكز التجارية التي توهم الزبائن بالتخفيضات، حيث إن البيض يعتبر الوجبة الرئيسة لمعظم الناس عند الإفطار والعشاء.

"الأيام" نزلت إلى مواقع البيع بـ (التجزئة) و (الجملة) والتقت بالبائعين والمواطنين لمعرفة أسباب صعود سعر البيض.

أحد التجار أخذ يعدد الأسباب قائلًا "إن أبرزها هو:

- ارتفاع سعر العلف الذي يأكله الدجاج المنتج للبيض.

- صعود تكاليف التصنيع.

- فارق التحويل بالعملة بين المناطق المحررة والمناطق الخاضعة تحت سيطرة الحوثي.

- تكلفة الشحن إلى العاصمة عدن تؤدي إلى زيادة سعره أكثر من الضعف".

مضيفًا نشتري البيض من محافظة إب وهي المحافظة التي تقوم بتوريد البيض إلى جميع محافظات البلاد، وكما هو معروف أن العملة هناك أكبر من العملة في عدن وبالتالي فإن فارق التحويل يتسبب بدفع مبالغ كبيرة جدًا يؤثر على سعر البيض، موضحًا أنه لطالما لا يوجد هناك اتفاق تجاري بين الحكومة في عدن والحوثيين في صنعاء بشأن العملة وفتح طرقات السفر فإنه وللأسف الشديد لن يتم حل هذه المشكلة وستظل قائمة، بل على العكس من ذلك نخشى أن يزداد الارتفاع، خصوصًا بعد ارتفاع سعر العملة الأجنبية هنا في العاصمة عدن وباقي المناطق المحررة.

وأشار بائع البيض أنه يشتري الكرتون المكون من (12) طبق بـ (150) ريالا سعوديا، وهو ما يقارب الـ (45) ألف ريال يمني في المناطق المحررة.


مواطنون لا يستطيعون شراء بيض الدجاج لارتفاع ثمنه

تاجر آخر يبيع البيض للبقالات امتعض من صراخ وشتائم المواطنين معبرًا عن استيائه من الوضع الحالي قائلًا "إننا نتكبد كل يوم تسديد أسعار مصاريف الشحن والتخزين وتوابعهما، حيث تصل تكلفة الكرتون البيض إلينا نحو (49000) ريال، ونحن نبيعه للمشتريين بـ (52000) ريال ويحتوي الكرتون على ما يُـقارب الـ (360) بيضة، وبالتالي فإن الطبق البيض الواحد يشتريه منا مُـلاك البقالات بـ(4340) ريالا أي أن سعر البيضة الواحدة (144) ريالا ولكن للأسف الشديد يتعرض المواطنون لجشع البائعين في البقالات الذين يبيعون البيضة الواحدة بـ200 ريال ليحصلوا على فائدة كبيرة جدًا بعد كل بيضة واحدة وهي ما تقارب الـ56 ريالا، مطالبًا بإجراء حل سريع لأكبر مشكلة وهي إغلاق الطرقات بين المحافظات المحررة والخاضعة للحوثي.

تاجر تجزئة في بقالة أكد لنا أنه وبمعية عدد من مالكي البقالات في مديرية الشيخ عثمان قاموا بمقاطعة منتج البيض لفترة طويلة جراء انعدام المكسب منه بسبب تذبذب سعره كل يوم، ففي إحدى المرات اشترى الكرتون البيض قبل أسبوع فكان سعره بـ51000 ريال، ثم جاء بعد 7 أيام وإذا بسعر الكرتون قد ارتفع إلى الـ56000 ريال، متسائلًا كم ستكون يا ترى فائدته النقدية من المواطن إن هو اشترى بهذا السعر من تاجر الجملة؟

ويضيف قائلًا وأنه بعد إلحاح المواطنين عليه قام مجددًا بشراء البيض ولكن بالسعر المرتفع.

المواطنون كان صوتهم قويًا لأنهم الحلقة الأقوى في هذه المعمعة كونهم الخاسر الأكبر في هذه المشكلة.

يقول (محمد عبدالسلام) "إنه لا استطيع شراء البيض بسبب سعره المرتفع، والذي لم أشهد على ارتفاعه مثل ذلك من قبل، مشيرًا إلى أنه لديه (4) أولاد وعندما يريد إطعامهم البيض لا يستطيع حيث يحتاج على الأقل من 6 إلى 8 بيضات من أجل تحضير وجبة إفطار أو عشاء بمعنى أنه سيتعين عليه دفع مبلغ من 1200 إلى 1600 ريال للبيض فقط لوجبة واحدة فقط وهذا مبلغ كبير مقارنة بحاله الفقير".

تعيش (أم أحمد) في ألم وحسرة وهي تتذكر المثل الدانمركي القائل "ينبغي أن تكسر البيض لتصنع الحلوى".

وتابعت حديثها "نعيش في زمن لا نستطيع أن نأتي بأقل الأشياء ألا وهي البيض، نأسف على ما وصل به الحال، إنني لا استطيع شراء البيض لأبنائي، بينما كنت قبل 6 أشهر اشتريه من أجل الرفاهية وعمل قوالب الـ(جاتوه) وجميع أنواع الحلويات، وكما هو معروف لا يمكن أن نقوم بإعداد قوالب الحلويات أو المعجنات إلا بالبيض.

تضيف أم أحمد كنا في وقت مضى نفكر بارتفاع أسعار الأرز والزيت والدقيق، أما في وقتنا الحاضر أصبحنا نتحدث عن ارتفاع أسعار البيض وانعدامه في بعض البقالات بسبب مقاطعتهم له، وأخشى أن تأتي علينا فترة ونتكلم عن ارتفاع ثمن الملح.

وزادت إنها تدعم وبقوة مقاطعة البيض والاكتفاء بالبقوليات من أجل وجبة الإفطار أو العشاء حتى يتم تخفيض سعره.

وتمنت ألا تطول فترة ارتفاع أسعار البيض لأن العودة إلى المدارس باتت على الأبواب ومعظم الأسر تعتمد على وجبة البيض لأبنائها في الصباح قبل ذهابهم إلى المدارس، راجية من الجهات الحكومية المعنية النظر إلى معناة هذا الشعب المسكين الذي يطالب بالأساسيات وليس بالكماليات أو الرفاهيات.

التربوي أحمد شكيب أبدى ندمه على ما وصل إليه حال البلاد والذي يرثى له، مشيرًا إلى أن راتبه يبلغ نحو (90000) الف ريال وبهذا الراتب الزهيد لا يستطيع أن يشتري البيض أبدًا بسبب سعره المرتفع، مؤكدًا أن له فترة طويلة لم يتذوق البيض، مناشدًا المسؤولين أن يرحموا رعيتهم فهم مسؤولون عنهم في الدنيا ومحاسبون يوم القيامة.


لماذا ارتفعت أسعار البيض رغم أن الكميات متوفرة بكثرة؟

أما الناشط الميداني في إحدى المبادرات (إبراهيم العدني) لفت إلى أن الحل لمشكلة ارتفاع أسعار البيض يكاد يكون سهلًا ويقع على عاتق الناس قبل الحكومة ونجاح الحل مرتبط بتفاعل المواطنين وهي إقامة حملة لمقاطعة البيض لمدة شهر واحد فقط، مؤكدًا أنها كفيلة على هبوط سعر البيض من (200) إلى (50) ريالا، منبهًا إلى أن البيض لا يمكث في المخازن لأكثر من أسبوعين، وبهذا الوقت القصير قد يفسد جميع البيض في مستودعات التجار، وبالتأكيد إذا وقع هذا الأمر فإنه بلا شك سيتم بيع البيض بأي سعر والخضوع إلى مطالب الناس بتخفيض السعر، وستؤدي إلى الكف عن الطمع من قِـبَـل مستغلي الأزمات، وتابع أن يستطيع البقاء بدون أن ينال البيض لعدة أشهر وليش لشهر واحد فقط وأن هناك البدائل الكثيرة عن البيض وهي متاحة للمواطنين في الأسواق.

واستشهد بما ما قامت به دولة البرازيل في العام 1999م تجاه تجار البيض عندما رفع التجار سعرها، مع رفض الشعب، ومقاطعته، مما اضطر بالتجار إلى الاعتذار للناس، وقاموا بتخفيض سعره إلى أقل من سعره المنخفض قبل أن يرتفع، وبهذه الطريقة تدار الأزمات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى