​إضراب المعلمين يعيد الأطفال إلى زمن "المعلامة" في لحج

> محيي الدين الشوتري

> يتحمّل ماهر عباس  يعمل جندياً في الجيش الوطني  أعباء الإنفاق على ولده صادق عباس في مدرسة خاصة، اضطر سكان قرية العشة شمال لحج إلى فتحها والتعاقد مع معلِّمين، لتدريس أطفالهم في ظل تواصل إضراب المعلمين في المحافظات الجنوبية، للمطالبة بتسوية أوضاعهم المعيشية.
في الخامس من سبتمبر الماضي، أعاد إضراب النقابات التعليمية المنطقة إلى زمن المعلامة، حيث تم الإعلان عن فتح معلامة لتدريس الطلاب، لإنقاذهم من التسرّب والجهل، ولم يكن من مجال أمام ماهر عباس سوى الدفع بولده (8 سنوات) - في الصف الثالث الابتدائي - وتحمّل رسوم وتكاليف الدراسة مع ما يزيد عن 50 طالبا في المعلامة.

الحفاظ على الجيل

يقول ماهر لموقع "بلقيس" - يستلم نصف راتبه بعد خصم النصف الآخر من قِبل قيادة اللواء -: "إن الأهالي اضطروا مجبرين إلى التعاقد مع ثلاثة معلّمين، لتدريس أولادهم المواد الأساسية (القرآن الكريم، واللغة العربية، والرياضيات)، وذلك للحفاظ عليهم من الانحراف، وضياع الوقت في ظل الإضراب، حتى تستمر عندهم الرغبة التعليمية، إذا ما تم رفع الإضراب لاحقا".
وأضاف ماهر أنه يسعى جاهدا لتعليم طفله، وتحمّل تكاليف دراسته، وذلك رغبة منه في عدم تكرار المعاناة، والحرمان من التعليم سابقا، جراء الظروف العسكرية، حيث إن الثلاثين ألف ريال، التي يستلمها كنصف مرتّب، دفعته إلى العمل بالأجر اليومي، لتوفير مصاريفه ومصاريف طفله في المدرسة الخاصة.


اشتراك الأهالي

تحتوي المعلامة الأهلية على ثلاث شُعب دراسية، فيها ما يزيد عن خمسين طالبا، يدفعون خمسة آلاف ريال عن كل طالب لثلاثة معلّمين، يقومون بتدريسهم طيلة أيام الأسبوع، في ديوان وغرف بعض سكان المنطقة، تم تحويلها إلى فصول دراسية.
يوضح عادل طارش - ناشط إعلامي -  لموقع "بلقيس" أن "منطقة العشة في الأساس كانت تفتقر إلى مدرسة في السابق، وكان أطفالها يقطعون المسافات وصولا إلى المدارس الأخرى، ونتيجة للإضراب، تداعى أهالي المنطقة، واتفقوا على تخصيص مبلغ مالي يقدر بخمسة آلاف ريال عن كل طالب للتعاقد مع معلّمين حتى تستأنف العملية التعليمية بعد رفع الإضراب".

وتابع: "هناك استهداف ممنهج لتدمير التعليم في اليمن، كونه الأساس، والبنية الرئيسة للتنمية، وذلك من خلال تهميش المعلمين، وتطفيشهم، وتشجيعهم على الالتحاق بالتجنيد العسكري، وترك المدارس، بسبب شحة المرتّبات التي يتقاضونها في وقت يتقاضى طلابهم في السلك العسكري أجورا أفضل منهم".
وبحسب عادل، فإن المعلامة بدأت تستقطب طلابا من قرى أخرى بعد أن شعر السكان بخطورة ما يجري من سياسة تجهيل، لاستغلال الظروف المزرية التي تمر بها اليمن، بسبب الحرب والانقسامات.

وأكد طارش أن "هناك جهودا تمارس في سبيل تشجيع المزيد من الأطفال على الانخراط في المعلامة، وفتح مراكز أخرى للغرض ذاته، وذلك للحفاظ على الجيل من التسرّب والجهل، بالرغم من الظروف المادية الصعبة للأهالي، لكن هناك توجّه كبير لديمومة التعليم، والضغط باتجاه تحقيق المطالب، ورفع الإضراب خدمةً للعملية التعليمية في البلد.

أحمد الحيراني - رئيس نقابة المعلّمين في المضاربة - يقول لموقع "بلقيس": "إن الوضع المأساوي، الذي وصلت إليه الأمور، بسبب غياب الاهتمام بالتعليم".
وأشار إلى أن ما يجري هو سياسة وتجهيل ممنهج، آخرها استهداف المعلّم في دخل أسرته ومعيشته.

وأضاف: "النقابة مع حصول الطالب على التعليم النظامي، بعيدا عن المعلامات والمراكز الأخرى، لكن معالجة الحد الأدنى من احتياجات المعلّم باتت ملحة".
وأكد أن "استئناف العملية التعليمية تحتاج قرارا سياسيا قويا، وذلك في الاستجابة لمطالب المعلّمين، ودعم استقرار أسرهم، حيث إن هذه المطالب طبيعية، ولا تقارن بالامتيازات التي تمنح للمعلمين في دول أخرى" حسب وصفه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى