الجنوب على مفترق طرق

> ما إن انتهت الحرب على الجنوب في أكبر عملية غزو غادرة في صيف 94م، حتى بدأت عمليات من نوع آخر تمثلت في توزيع أرضه على قادة الحرب فمنهم من حصل على القطاعات النفطية وتفرعاتها ومنهم من ملك البحر طولا وعرضا ومنهم من ذهب للاستيلاء على مكامن الذهب والموانئ والمصانع والمؤسسات الحكومية والمزارع وموانئ الاصطياد ومع كامل تجهيزاتها الفنية، وتم توزيع المساكن الشخصية للجنوبيين كغنائم حرب للقادة العسكريين والسياسيين وترك الباقي مثل نهب المؤسسات والمدارس والمستشفيات والمنازل الشخصية للرعاع يتلهوا بها وهكذا تم تشليح الجنوب كدولة وأصبحت قاعا صفصفا

لكن هناك قدرة أكبر منهم تمهل ولا تهمل قد قدرت بأن تلك القوى ستختلف يوما ما على المغانم المنهوبة من الجنوب، وتبعثرت أيادي سبأ في لحظة جنون ولكن لم تتعظ من أخطاءها الجسيمة بل قادها غرورها إلى إعادة احتلال الجنوب مرة أخرى بتحالف قوى ونهج جديد كهدف بالنسبة لهم قديم يتوارثونه جيل بعد جيل ولكن الشيء الذي لم يتوقعه أحد منهم مقاومة شعب الجنوب الذي نهض من تحت الأنقاض ويعيدهم إلى مربع الجمهورية العربية اليمنية الدولة السابقة للوحدة.

وسرعان ما انقسمت القوى الشمالية المختلفة والمتصارعة إلى شرعية وانقلابيين وهذه التوليفة إدارة حرب لمدة ثمان سنوات لم يكن بينها منتصر ومهزوم على أراضي الجمهورية العربية اليمنية وذلك عبر تفاهمات من تحت الطاولة حيث تقاسمت الأدوار بأن تخلي الشرعية أية مواقع لها على أرض الجمهورية العربية اليمنية وتبقي معها في ظل التفاهمات على بعض المواقع لإبقاء الشرعية على قيد الحياة وأن تقوم الشرعية بمهمة إعادة احتلال الجنوب عبر وجودها كشرعية يسيطر عليها حزب التجمع اليمني للإصلاح ( حزب الإخوان المسلمين ) تمتلك الدعم والاعتراف الإقليمي والدولي وهذا ما حصل بالفعل.

كشفت الوقائع بأن الحرب هدفها إعادة احتلال الجنوب وكانت هناك تفاهمات إقليمية ودولية لأخونة الجنوب من خلال سيطرة حزب الإخوان المسلمين على الشرعية وحوثنة الشمال الذي يسطر عليها الانقلابيين حيث أدارت الشرعية معارك طاحنة في الجنوب وسيرت قوات من مأرب والمنطقة العسكرية الأولى لاحتلال عدن ترافقهم طلائع القاعدة وداعش وبعدها من خلال تواجدهم في شقرة وتواجدهم في شبوة حيث سلموا ثلاث مديرات في بيحان كعربون تخادم بينهم وبين الحوثي ومن خلال تمسكهم في البقاء في وادي حضرموت والصحراء والمهرة ورفض تنفيذ الاتفاقات وأصبحت قوة معادية في خاصرة الجنوب والتحالف العربي.

بعض الدول في الإقليم تعتقد بأنها تستطيع أن تستغل اللحظة لممارسة هواية الانتقام من الجنوب بأثر رجعي ولا تدري أن نتائج هذه السياسات قصيرة النظر سترتد إليها لأن التحالفات متحولة وفقا لتحول السياسات والظروف التي ستنشئ في المستقبل والطريق الصحيح هو نهج سياسات عادلة ومتوازنة لإرساء أمن واستقرار مستدام في المنطقة وهو الضامن الوحيد لمستقبل شعوب المنطقة ودولها.

أصبح الحوثي كطائفة صغيرة في شمال اليمن يتحكم بمصير شعب يهدد أمن الملاحة الدولية ويبتز دول المنطقة ويفرض شروطه ليس بقوته الذاتية ولكنه يستمد قوته من ضعف الشرعية وتخاذل الدول وتشجيعه وإمداده بالدعم السياسي والمعنوي وإرغام الآخرين على تقديم التنازلات له وهذا الطريق لن يؤدي إلى ترسيخ الأمن والاستقرار ولكن إلى مزيد من التوتر وتعميق الأزمة وترحيلها إلى عقود قادمة لتنفجر من جديد في وجه الجميع بما في ذلك من سهل وساعد بشكل مباشر أو غير مباشر.

في الجنوب يتم تفريخ الإرهاب تحت نظر وبصر الشرعية التي أصحبت الحامية له والتي لم تألوا جهدا للوقوف ضد من يحاول اجتثاثه فهي ترى أن الإرهاب المزروع في أبين وشبوة وحضرموت شيء عادي ومهم للاستقرار وتطالب بعودة الوضع كما كان عليه في السابق في شبوة وأبين وهي تعرقل نشاط مجلس الرئاسة وتمنع أي إجراء ضد العناصر الإرهابية في أراضي الجنوب وتمنع تحويل المنطقة العسكرية الأولى إلى مأرب لتجميع القوى العسكرية لمواجهة الحوثي بل هو الحوثي من تماهت شروطه للموافقة على الهدنة بمنع نقل المنطقة العسكرية الأولى وصرح أيضا أن منابع النفط في شبوة قد انتقلت إلى أيادي قوى أجنبية وهذا بعد تحرير شبوة من العناصر المتمردة والعناصر الإرهابية، وماذا بعد نثبت لكم يا العالم والإقليم تماهي الشرعية الإخوانية مع الانقلابيين في صنعاء بعد كل الذي حصل من توافق بينهما فيما يخص الإرهاب في الجنوب وإبقاء الوضع كما كان في السابق تحت أيدي المتمردين والإرهابيين.
  • نصيحة للجنوب
إذا تريدوا النصر للجنوب فما عليكم إلا خلع عباءة الحزبية تماما ورميها بالشارع وعدم إحياءها في الجنوب من جديد فالصراع الدائر اليوم هو بين جنوب وشمال فالقوى الشمالية تريد إحياء الحزبية لتمرير أهداف احتلال الجنوب من جديد.

مصيبة الجنوب أن الحزبية هي من قررت تسليم الجنوب إلى عصابة صنعاء في لحظة فارغة من الزمن ولم تراعي مصالح شعب الجنوب، أما الأحزاب الأخرى ذات المنشأ الشمالي المؤتمر والإصلاح فقد تحالفا في غزو الجنوب وتدميره شعبا وأرضا بتحالفهم مع الجنوبيين المتحزبين معهم ومن ثم السيطرة على الجنوب خلال ثلاثين عاما وفي نهاية المطاف تم غزو الجنوب مرة أخرى بتحالف المؤتمر مع الحوثي وكان التدمير هائلا، وعبر الشرعية تمكن الإصلاح من تدمير الجنوب والتأمر عليه خلال حرب الثمان سنوات وحاول غزوه من جديد ولم يدافع عن الجنوب إلا أبناءه وحلفاءه الحقيقيين الذي قدموا الغالي والنفيس من أجل تحريره، لذا مطلوب استبعاد المحاصصة الحزبية في التسوية السياسية في الجنوب لأنهم سيعيدون الجنوب إلى خضيرة باب اليمن ولدينا شعب عظيم يتم تنظيمه وترتيب تحالفاته بين مناطقه وطبقاته الاجتماعية إلى أن يتم استعادة الدولة وبعدها لكل حادث حديث فأن جرى تشريع للحزبية فستتم على أسس وضوابط جديدة تكون بعيدة عن الأسس والضوابط السابقة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى