كواليس‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬هدنة ‬اليمن..‭‬ قراءة‭ ‬في‭ ‬المعطيات‭ ‬ومحاولة‭ ‬لفهم‭ ‬مآل‭ ‬الأحداث

> عدن «الأيام» القدس العربي:

>
في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يشهد‭ ‬اليمن‭ ‬هدوءًا‭ ‬نسبيًا‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬المواجهات‭ ‬العسكرية‭ ‬منذ‭ ‬انفراط‭ ‬عقد‭ ‬الهدنة‭ ‬في‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬أكتوبر،‭ ‬يعيش‭ ‬حربًا‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬مختلف‭ ‬تستهدف‭ ‬الموانئ‭ ‬اليمنية‭ ‬النفطية‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬مواجهات‭ ‬محدودة‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬محادة‭ ‬لمحافظة‭ ‬لحج‭/ ‬جنوب،‭ ‬وعلى‭ ‬خطوط‭ ‬التماس‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬تعز‭/‬جنوب‭ ‬غرب‭ (…) ‬بعدما‭ ‬كانت‭ ‬المواجهات‭ ‬قبل‭ ‬الهدنة‭ ‬تشمل‭ ‬كل‭ ‬خطوط‭ ‬التماس،‭ ‬فيما‭ ‬كانت‭ ‬هجمات‭ ‬الطيران‭ ‬المسير‭ ‬الحوثي‭ ‬تستهدف‭ ‬مواقع‭ ‬في‭ ‬العمق‭ ‬السعودي‭.‬
كل‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬توقف‭ ‬هجمات‭ ‬طيران‭ ‬التحالف‭ ‬على‭ ‬مناطق‭ ‬سيطرة‭ ‬الحوثيين‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬ونيف‭ ‬منذ‭ ‬تعثر‭ ‬تجديد‭ ‬الهدنة‭… ‬ما‭ ‬يدفع‭ ‬للسؤال‭ ‬عن‭ ‬ماهية‭ ‬الفترة‭ ‬الراهنة‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬اليمن‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬الحرب‭ ‬المستعرة‭ ‬منذ‭ ‬ثماني‭ ‬سنوات؛‭ ‬هل‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬منذ‭ ‬فشل‭ ‬تجديد‭ ‬الهدنة‭ ‬هو‭ ‬استعراض‭ ‬حوثي‭ ‬للعضلات‭ (‬فقط‭) ‬بهدف‭ ‬إشعار‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬بمدى‭ ‬ضعفه،‭ ‬وبالتالي‭ ‬الضغط‭ ‬باتجاه‭ ‬تحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬اقتصادية‭ ‬ينال‭ ‬منها‭ ‬تقاسمًا‭ ‬لعائدات‭ ‬مبيعات‭ ‬النفط،‭ ‬أم‭ ‬أنها‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬ضغوط‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬للسعودية‭ ‬للتقدم‭ ‬خطوة‭ ‬للأمام‭ ‬في‭ ‬المحادثات‭ ‬التي‭ ‬تجري‭ "‬في‭ ‬الكواليس‭" ‬مع‭ ‬الحوثيين؟‭ ‬ونشرت‭ ‬صحيفة‭ ‬لبنانية‭ ‬مقربة‭ ‬من‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬تقريراً‭ ‬قالت‭ ‬فيه‭ ‬‮«‬إن‭ ‬التواصل‭ ‬المباشر‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬السعودية‭ ‬وحكومة‭ ‬‮«‬الإنقاذ‮»‬‭ ‬غير‭ ‬معترف‭ ‬بها‭] ‬لم‭ ‬ينقطع‭ ‬منذ‭ ‬لحظة‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬انتهاء‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬الهدنة‭ ‬في‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬أكتوبر ‬الفائت،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬اتّفاق‭ ‬جديد‭ ‬لتمديدها‮»‬‭. ‬
وتحدثت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الأخبار‮»‬،‭ ‬عما‭ ‬اعتبرته‭ ‬‮«‬لقاءات‭ ‬مباشرة‭ ‬عديدة‭ ‬جرت‭ ‬بين‭ ‬الطرفَين‭ ‬في‭ ‬صنعاء‭ ‬والرياض،‭ ‬آخرها‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬قليلة،‭ ‬حيث‭ ‬زار‭ ‬وفد‭ ‬سياسي‭ ‬سعودي‭ ‬رفيع‭ ‬العاصمة‭ ‬اليمنية،‭ ‬والتقى‭ ‬بقيادات‭ ‬رفيعة‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬‮«‬الإنقاذ‮»‬‭ ‬وحركة‭ ‬‮«‬أنصار‭ ‬الله‮»‬‭"‬الحوثيين‭"‬،‭ ‬وتمّ‭ ‬البحث‭ ‬في‭ ‬ملفّ‭ ‬الهدنة‭ ‬وشروط‭ ‬تمديدها‭ ‬وسقف‭ ‬التسهيلات‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬للسعودية‭ ‬أن‭ ‬تَبلغه‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬تمديد‭ ‬جديد،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتمّ‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬لاحقة‭ ‬البحث‭ ‬في‭ ‬مُدّته،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬شروط‭ ‬الحلّ‭ ‬النهائي‮»‬‭.‬
وأشارت‭ ‬الصحيفة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬سمّته‭ (‬مرونة‭) ‬سعودية‭ ‬باتجاه‭ ‬بعض‭ ‬المعوقات‭ ‬كقضية‭ ‬الرواتب‭ ‬وغيرها،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬قالت‭ ‬إن‭ ‬السعودية‭ ‬أصرت‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬تمويلها‭ ‬لحل‭ ‬هذه‭ ‬المشكلات‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬مساعدة‭ ‬الأشقاء‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬رفضه‭ ‬الحوثيون‭.‬
كما‭ ‬ذكرت‭ ‬أن‭ ‬‮«‬السعوديين‭ ‬عرضوا‭ ‬على‭ ‬مُضيفيهم‭ ‬اليمنيين‭ (‬الحوثيون‭) ‬أن‭ ‬يرسلوا‭ ‬وفداً‭ ‬رسمياً‭ ‬إلى‭ ‬الرياض‭ ‬برئاسة‭ ‬رئيس‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬السياسي‭ ‬الأعلى‮»‬‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬مهدي‭ ‬المشاط،‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التشاور‭ ‬تمهيداً‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬خلاصات‭ ‬عملية‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المفاوضات‮»‬‭. ‬ذلك‭ ‬يؤكد،‭حسب‭ ‬متابعين‭ ‬للشأن‭ ‬اليمني،‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يشهده‭ ‬البلد‭ ‬من‭ ‬هجمات‭ ‬حوثية‭ ‬على‭ ‬موانئ‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬سيطرة‭ ‬الحكومة،‭ ‬وتحركات‭ ‬إماراتية‭ ‬مكثفة‭ ‬باتجاه‭ ‬تعزيز‭ ‬سيطرتها‭ ‬على‭ ‬جزيرتي‭ ‬سقطرى‭ ‬وعبد‭ ‬الكوري‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬الهندي‭ ‬وجزيرة‭ ‬ميون‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬وبعض‭ ‬الموانئ‭ ‬اليمنية‭ ‬في‭ ‬الساحل‭ ‬الغربي،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬السعودية‭ ‬من‭ ‬تمويل‭ ‬استحداث‭ ‬قوات‭ ‬جديدة‭ ‬وتحريك‭ ‬بعض‭ ‬الميليشيات‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬الحكومة،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬زيارة‭ ‬السفير‭ ‬الأمريكي‭ ‬لحضرموت،‭ ‬وغيرها‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬ضغوط‭ ‬للدفع‭ ‬بالمشاورات‭ ‬باتجاهات‭ ‬معينة‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬المشاورات‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬المبعوث‭ ‬الأممي‭ ‬الخاص‭ ‬لليمن‭ ‬هانس‭ ‬غروندبرغ‭ ‬والمبعوث‭ ‬الأمريكي‭ ‬يتم‭ ‬ليندركينغ‭.‬
وأكدت‭ ‬مصادر‭ ‬أن‭ ‬العوامل‭ ‬الإقليمية‭ ‬ليست‭ ‬وحدها‭ ‬الفاعلة‭ ‬باتجاه‭ ‬الذهاب‭ ‬لحل‭ ‬سياسي‭ ‬في‭ ‬اليمن؛‭ ‬فثمة‭ ‬عوامل‭ ‬دولية،‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬يقول‭ ‬الحوثيون‭ ‬إنها‭ ‬تذهب‭ ‬باتجاه‭ ‬مختلف،‭ ‬واتهموها‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬عرقلة‭ ‬عملية‭ ‬السلام‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬‮«‬شن‭ ‬الحوثيون‭ ‬هجوماً‭ ‬على‭ ‬الأمريكيين‮»‬،‭ ‬وما‭ ‬سمّوها‭ ‬بالتحركات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬حضرموت‭ (‬زيارة‭ ‬السفير‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬للمكلا‭ ‬عاصمة‭ ‬المحافظة‭) ‬واعتبروا‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬عملاً‭ ‬عدوانياً‮»‬‭. ‬
وفيما‭ ‬يتحدث‭ ‬مراقبون‭ ‬عن‭ ‬خلاف‭ ‬أمريكي‭-‬سعودي‭ ‬حول‭ ‬صيغة‭ ‬الحل‭ ‬السياسي‭ ‬وموعده،‭ ‬يرى‭ ‬آخرون‭ ‬أن‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الأخير‭ ‬أدوات‭ ‬للعامل‭ ‬الدولي‭ ‬ممثلاً‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبريطانيا‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬إيران‭. ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬المستبعد‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬مستقبل‭ ‬الحل‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬مرتبطاً‭ ‬بمفاوضات‭ ‬الملف‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني،‭ ‬فأمريكا‭ ‬وإيران‭ ‬تستخدمان‭ ‬أوراقاً‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬مفاوضاتهما،‭ ‬ومن‭ ‬ضمن‭ ‬هذه‭ ‬الأوراق‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬اليمن‭.‬
وذهب‭ ‬مصدر‭ ‬إلى‭ ‬اعتبار‭ ‬المحادثات‭ ‬السعودية‭ ‬الإيرانية‭ ‬السابقة‭ ‬والمتوقع‭ ‬استئنافها‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬الأمريكي‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬إحزاز‭ ‬اتفاق‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬مفاوضات‭ ‬الملف‭ ‬النووي‭ (…) ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يستبعد‭ ‬معه‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬اعتبار‭ ‬تعثر‭ ‬تجديد‭ ‬الهدنة‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬إحراز‭ ‬تقدم‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ ‬الملف‭ ‬النووي‭. ‬
وهنا‭ ‬تؤكد‭ ‬مصادر‭ ‬أن‭ ‬جنوح‭ ‬الحوثيين‭ ‬إلى‭ ‬استهداف‭ ‬الموانئ‭ ‬اليمنية‭ ‬هو‭ ‬تحول‭ ‬جديد‭ ‬للحرب،‭ ‬ويمثل‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬الإيراني‭ ‬على‭ ‬السعودية،‭ ‬باعتبار‭ ‬استهداف‭ ‬الموانئ‭ ‬اليمنية‭ ‬مقدمة‭ ‬لاستئناف‭ ‬استهداف‭ ‬الموانئ‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬فشلت‭ ‬المفاوضات‭ ‬لوضع‭ ‬حل‭ ‬لتسوية‭ ‬سياسية‭ ‬للحرب‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬تضمن‭ ‬حصتها‭… ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬الضغط‭ ‬باتجاه‭ ‬مفاوضات‭ ‬الملف‭ ‬النووي‭.‬
المتابع‭ ‬لمواقع‭ ‬إخبارية‭ ‬إيرانية‭ ‬يجدها،‭ ‬وهي‭ ‬تغطي‭ ‬أخبار‭ ‬اليمن،‭ ‬تستمر‭ ‬في‭ ‬اتهام‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بأنها‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬عرقلة‭ ‬جهود‭ ‬تجديد‭ ‬الهدنة‭ ‬ووقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬بين‭ ‬صنعاء‭ ‬والرياض‭. ‬وحصر‭ ‬المواجهة‭ ‬بين‭ ‬صنعاء‭ ‬والرياض‭ ‬يؤشر‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تخفيه‭ ‬الأحداث‭ ‬الأخيرة‭ ‬باعتبارها‭ ‬تهديدًا‭ ‬للسعودية‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الضغط‭ ‬عليها‭.‬
واستندت‭ ‬مصادر‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬شهده‭ ‬البلد‭ ‬الشهر‭ ‬الماضي‭ ‬عقب‭ ‬انفراط‭ ‬الهدنة،‭ ‬إذ‭ ‬شهد‭ ‬نسبة‭ ‬معقولة‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭ ‬المتصارعة،‭ ‬وكأن‭ ‬ثمة‭ ‬قوى‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تحدد‭ ‬مسارات‭ ‬ومساحات‭ ‬دوائر‭ ‬تحرك‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬من‭ ‬أطراف‭ ‬الصراع‭ ‬اليمني‭.‬
هنا‭ ‬ذهب‭ ‬مصدر‭ ‬بحثي‭ ‬هندي‭ ‬إلى‭ ‬اعتبار‭ ‬عدم‭ ‬تمديد‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬مؤشرًا‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬المحادثات‭ ‬السعودية‭ ‬الإيرانية‭ ‬لم‭ ‬تحرز‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭.‬
وقال‭ ‬تحليل‭ ‬نشره،‭ ‬السبت،‭ ‬موقع‭ ‬معهد‭ ‬‮«‬مانوهار‭ ‬باريكار‮»‬‭ ‬للدراسات‭ ‬والتحليلات‭ ‬الدفاعية‭ (‬هندي‭)‬،‭ ‬إن‭ ‬المحادثات‭ ‬السعودية‭ ‬الإيرانية‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬العاصمة‭ ‬العراقية‭ ‬بغداد‭ ‬كانت‭ ‬محركًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬للاتفاق‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬وتوقيع‭ ‬اتفاق‭ ‬الهدنة‭ ‬في‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬أبريل ‬وتجديدها‭ ‬مرتين‭ ‬مدة‭ ‬أربعة‭ ‬أشهر؛‭ ‬‮«‬لأن‭ ‬كلا‭ ‬البلدين‭ ‬لاعبان‭ ‬إقليميان‭ ‬مهمان‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬ولديهما‭ ‬مصالح‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬الصراع‮»‬،‭ ‬طبقاً‭ ‬للتحليل‭ ‬الذي‭ ‬أعده‭ ‬‮«‬براسانتا‭ ‬كومار‭ ‬برادهان‮»‬،‭ ‬ونشره‭ ‬الموقع‭ ‬الرسمي‭ ‬للمعهد،‭ ‬واطلعت‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬القدس‭ ‬العربي‮»‬‭.‬
وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬قبل‭ ‬اتفاق‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬عُقدت‭ ‬عدة‭ ‬جولات‭ ‬من‭ ‬المحادثات‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬والسعودية‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬بوساطة‭ ‬عراقية‭. ‬‮«‬وكان‭ ‬اليمن‭ ‬نقطة‭ ‬رئيسية‭ ‬للنقاش‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬إيجاد‭ ‬طريقة‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬الصراع‭ ‬الحالي‮»‬‭.‬
وقال‭ ‬برادهان‭ ‬إن‭ ‬عدم‭ ‬تمديد‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬مؤشر‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬المحادثات‭ ‬السعودية‭ ‬الإيرانية‭ ‬لم‭ ‬تحرز‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭.‬
وذهب‭ ‬إلى‭ ‬اعتبار‭ ‬‮«‬المحادثات‭ ‬السعودية‭ ‬الإيرانية‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الوسائل‭ ‬السياسية‭ ‬مصداقية‭ ‬لتحقيق‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬اليمن‮»‬‭. ‬ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬يرى‭ ‬برادهان‭ ‬أن‭ ‬‮«‬اليمن‭ ‬يواجه‭ ‬حالياً‭ ‬وضعاً‭ ‬مليئًا‭ ‬بالمخاوف‭ ‬من‭ ‬تصاعد‭ ‬العنف‮»‬‭. ‬وقال‭: ‬‮«‬هناك‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬يقين‭ ‬متزايدة‭ ‬بشأن‭ ‬الخطوات‭ ‬التالية‭ ‬للحكومة‭ ‬والحوثيين‭ ‬أثناء‭ ‬تقييمهم‭ ‬لاستراتيجياتهم‭ ‬المستقبلية‮»‬‭.‬
وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬كان‭ ‬فرصة‭ ‬ذهبية‭ ‬لليمن‭ ‬لإنهاء‭ ‬العنف‭ ‬بشكل‭ ‬دائم‭ ‬وتسريع‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭ ‬في‭ ‬البلاد‮»‬‭. ‬وأضاف‭: ‬‮«‬كما‭ ‬أثبتت‭ (‬الهدنة‭) ‬فائدتها‭ ‬للوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والإنساني‭ ‬في‭ ‬البلاد‮»‬‭.‬
وأكد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬انفراط‭ ‬عقد‭ ‬الهدنة‭ ‬وانتهاء‭ ‬اتفاق‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬تفاهم‭ ‬سياسي‭ ‬جوهري‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬والحوثيين‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬خطر‭ ‬تصعيد‭ ‬العنف‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬فترة‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬قائمة‭ ‬قبل‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‮»‬‭. ‬
وذهب‭ ‬مصدر‭ ‬يمني‭ ‬مطلع،‭ ‬طلب‭ ‬حجب‭ ‬هويته‭ ‬لأسباب‭ ‬أمنية،‭ ‬إلى‭ ‬القول‭ ‬‮«‬إن‭ ‬اليمن‭ ‬مرشح‭ ‬حالياً‭ ‬لموجة‭ ‬عنف‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬مختلفة‭ ‬وبالغة‭ ‬الخطورة‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والإنساني‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬يشكل‭ ‬أرضية‭ ‬لاستئناف‭ ‬الهدنة‭ ‬ووقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‮»‬‭.‬
وأضاف‭: ‬‮«‬ما‭ ‬يعيشه‭ ‬اليمن‭ ‬حالياً‭ ‬يؤكد‭ ‬أنها‭ ‬مجرد‭ ‬تحذيرات‭ ‬للضغط‭ ‬باتجاه‭ ‬إحراز‭ ‬اتفاقات‭ ‬توفق‭ ‬من‭ ‬مطالب‭ ‬الأطراف‮»‬،‭ ‬معتبراً‭ ‬الاختلاف‭ ‬‮«‬هو‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬نسب‭ ‬اعتراف‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬بالآخر‭ ‬سياسياً؛‭ ‬وهو‭ ‬الاعتراف‭ ‬الذي‭ ‬يمهد‭ ‬للدخول‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تسوية‭ ‬شاملة‮»‬‭.‬
وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬طرف‭ ‬الحكومة،‭ ‬المدعومة‭ ‬من‭ ‬السعودية،‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالحوثيين،‭ ‬المدعومين‭ ‬من‭ ‬إيران،‭ ‬أو‭ ‬بأي‭ ‬وضع‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬البلد،‭ ‬ومن‭ ‬جانبهم‭ ‬يصر‭ ‬الحوثيون‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬التنازل‭ ‬بأي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬الأشكال‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬مكاسب‭ ‬تحققت‭ ‬لهم‭.‬
ويراهن‭ ‬الحوثيون‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يرونه‭ ‬حضوراً‭ ‬ودعماً‭ ‬شعبياً‭ ‬تحقق‭ ‬لهم،‭ ‬ولا‭ ‬يريدون‭ ‬التخلي‭ ‬عنه‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يعتبرونه‭ ‬تقدماً‭ ‬عسكرياً‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬باتت‭ ‬يمتلكونه‭ ‬من‭ ‬أسلحة‭ ‬كالصواريخ‭ ‬والطائرات‭ ‬المسيرة،‭ ‬التي‭ ‬أتاحت‭ ‬لهم‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬داخل‭ ‬البلد‭ ‬وفي‭ ‬جواره‭ ‬الإقليمي‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬منهم‭ ‬تهديداً،‭ ‬وبالتالي‭ ‬عزز‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬قوتهم‭ ‬في‭ ‬المفاوضات‭.‬
‭ ‬واجتاحت‭ ‬قوات‭ ‬جماعة‭ ‬‮«‬أنصار‭ ‬الله‮»‬‭ (‬الحوثيين‭) ‬صنعاء‭ ‬عام‭ ‬2014م،‭ ‬وخرجت‭ ‬الحكومة‭ ‬منها،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تشكيل‭ ‬تحالف‭ ‬بقيادة‭ ‬السعودية‭ ‬الذي‭ ‬ينفذ‭ ‬عمليات‭ ‬عسكرية‭ ‬منذ‭ ‬مارس ‬2015م،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يحقق‭ ‬أهدافه‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬الحكومة‭ ‬إلى‭ ‬صنعاء‭ ‬واستعادة‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬سيطرت‭ ‬عليها‭ ‬قوات‭ ‬الحوثيين،‭ ‬بعد‭ ‬ثماني‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬تسببت‭ ‬معاركها‭ ‬وتداعياتها‭ ‬في‭ ‬إزهاق‭ ‬أرواح‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬اليمنيين‭ ‬وتدمير‭ ‬معظم‭ ‬مرافق‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬وخسائر‭ ‬اقتصادية‭ ‬تتجاوز‭ ‬126‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬أزمة‭ ‬إنسانية‭ ‬هي‭ ‬الأسوأ‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬البشر‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث،‭ ‬حسب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى