​رهان غربي على النيجر في الحرب ضد المسلحين بمنطقة الساحل

> واشنطن«الأيام» وول ستريت جورنال:

> تراهن الولايات المتحدة وحلفاؤها، على دولة النيجر في منطقة الساحل، لوقف انتشار تنظيمي "القاعدة" و"داعش"، في ظل تكبد مالي وبوركينا فاسو "خسائر فادحة" بسبب "هجمات المسلحين والانقلابات العسكرية"، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".

وانتقلت خطوط المواجهة في الحرب بين الغرب والمسلحين داخل إفريقيا، من الصومال، في الطرف الشرقي من القارة، إلى منطقة الساحل في غرب إفريقيا.

وقال قائد القوات الخاصة بالنيجر، الجنرال موسى سالاو بارمو، لـ"وول ستريت جورنال": "يمكنك أن ترى النيجر جزيرة مستقرة نوعاً ما في خضم كل هذه الاضطرابات التي تموج بها منطقة الساحل".

وتعاني المنطقة من التمزق تحت وطأة ضغط تنظيم "القاعدة" و"داعش" في الصحراء الكبرى. ورغم أنهما يقاتلان بعضهما البعض في سبيل السيطرة على الأرض، ولكنهما يشنان الهجمات على القوات الحكومية.

ونفذت الجماعتان معاً 141 هجوماً في النيجر في الأشهر الـ9 الأولى من العام الجاري، في مقابل 7 في عام 2017، وفقاً للبيانات التي جمعها "مشروع بيانات مواقع الصراعات المسلحة وأحداثها" غير الربحي، وقام بتحليلها "مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية" الذي تموله وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون".

وفي المقابل، تظهر البيانات 732 هجوماً قام بها المسلحون في مالي، و1181 هجوماً في بوركينا فاسو، على مدى الأشهر التسعة الأولى من هذا العام.

ويتقدم المسلحون الذين لهم موطئ قدم في مالي وبوركينا فاسو صوب الجنوب إلى ساحل العاج وبنين وتوجو بطول ساحل خليج غينيا. وتتأهب غانا، وهي واحدة من أكثر دول المنطقة استقراراً لمواجهة هجمات المسلحين.

حائط صد

وبحسب "وول ستريت جورنال"، تبدو النيجر بمثابة "حائط صد غير محتمل"، إذ تبلغ مساحتها 3 أضعاف مساحة كاليفورنيا، وهي دولة ذات كثافة سكانية منخفضة، وغير ساحلية، وتحيطها دول غير مستقرة، من ليبيا إلى نيجيريا، وتقبع في المركز الأخير في مؤشر الأمم المتحدة العالمي لقياس الدخل ومتوسط الأعمار والتعليم وغير ذلك من مؤشرات الرفاهية.

وتنشر فرنسا الآن 1500 جندي في النيجر، ويقومون بمهام مشتركة مع الجنود المحليين. كما تقوم القوات الإيطالية والبلجيكية والكندية بتدريب وحدات القوات الخاصة النيجرية.

وقال مسؤولون أميركيون ونيجريون لـ"وول ستريت جورنال"، إن الحكومة المنتخبة مدنياً في النيجر "تحرز تقدماً بطيئاً" ضد المسلحين بمساعدة القوات الغربية.

وذكر قائد قوات العمليات الخاصة الأميركية في غرب إفريقيا، العقيد كريس كوتش، للصحيفة: "لقد استثمرنا كثيراً مع النيجر، ونجني الآن ثمار ذلك"، مضيفاً أن النيجر تبرز كـ"حجر زاوية في أمن المنطقة".

وأنشأت ألمانيا قاعدة تدريب عسكرية في صحراء النيجر. وتجري بوركينا فاسو، التي اجتاحتها موجات المسلحين، وبنين، الدولة المجاورة التي بدأت تتعرض لأولى هجماتهم، محادثات لإرسال قوات للتدرب هناك تحت إشراف القوات النيجرية.

ويقوم المئات من جنود قوات العمليات الخاصة الأميركية بتدريب القوات الصومالية على محاربة حركة "الشباب"، وهي أكبر فرع لتنظيم "القاعدة". كما تضرب المسيرات الأميركية بشكل دوري أهداف في المنطقة.

ويشن فرع "داعش" في غرب إفريقيا وجماعة "بوكو حرام"، هجمات في الكاميرون والنيجر ونيجيريا وتشاد.

انتشار محدود

وفقاً للجيش الأميركي، يستخدم مقاتلو "تنظيم القاعدة غرب النيجر" كمكان لـ"إعادة الإمداد والتعافي"، وتنصح وحدات قوات "القبعات الخضراء" الأميركية قوات النيجر، بالتركيز على تعطيل العمليات المسلحة مثل مصانع القنابل والفرق اللوجستية ومهربي الوقود والأسلحة.

وبحسب الصحيفة الأميركية، أثبتت النيجر أنها ميدان اختبار للاستراتيجية التي تنتهجها الولايات المتحدة، والخاصة بنشر أعداد صغيرة نسبياً من الجنود الأميركيين (يوجد 800 جندي الآن في البلاد)، لتدريب القوات المحلية.

وتاريخياً، أسفرت هذه الاستراتيجية عن نتائج متفاوتة، إذ أطاحت الجيوش التي دربتها الولايات المتحدة في بوركينا فاسو ومالي وغينيا بالحكومات المدنية. وبعد مغادرة القوات الأميركية أفغانستان في 2020، انهارت القوات المحلية الأفغانية تحت وطأة هجمات "طالبان"، برغم إمدادات الأسلحة الأميركية والتدريب على مدى عقدين كاملين.

ويشعر المدافعون عن حقوق الإنسان في النيجر بأن المقاربة العسكرية لن تفشل فحسب، وإنما ستفرض تكاليف لا يمكن تحملها على المدنيين العالقين في مرمى النيران.

ويعوّل الدبلوماسيون الأميركيون كثيراً على رئيس النيجر محمد بازوم، الذي رفض التدخل الروسي في إفريقيا، واتخذ جانب الغرب. ووصف النيجر في الأمم المتحدة، في سبتمبر الماضي، بأنها "لا تزال دولة قوية ومستقرة". وشدد على الحاجة إلى تطوير التعليم الذي يحصل عليه الشباب "حتى لا يجدوا أنفسهم منجذبين إلى الأيديولوجيات المتطرفة".

ويرى مدافعون عن حقوق الإنسان أن حكومة النيجر تعتمد بإفراط على الجيش، ولا تعتمد بشكل كاف على حل المشكلات الأساسية التي تجعل المنطقة عرضة لتجنيد مزيد من المسلحين، مثل الفقر والبطالة وغيرهما. وقالوا إنه "كلما طال أمد القتال، سيتفاقم عدد المدنيين المصابين"، وفقاً لما نقلته "وول ستريت جورنال".

الجنرال بارمو

ويعتمد القادة الأميركيون على الحنكة الميدانية للجنرال موسى سالاو بارمو البالغ من العمر 52 عاماً، وكتائب القوات الخاصة التابعة له. ففي سن 12 عاماً ذهب بارمو إلى مدرسة عسكرية في ساحل العاج، وانضم بعدها، على عكس رغبة والده الموظف المدني، إلى جيش النيجر.

وارتقى سريعاً في الرتب العسكرية، وحظي بمراكز مرموقة في البرامج العسكرية التدريبية في الولايات المتحدة، بما في ذلك التدريب على القفز بالمظلات.

وفي عام 2004 تولى الجنرال بارمو قيادة أول سرية قوات خاصة في النيجر، والتي حصلت على تدريباتها وتجهيزاتها من الولايات المتحدة. وأسس الجنرال، الذي يتحدث الإنجليزية بطلاقة، قيادة العمليات الخاصة في عام 2006، ودعا قوات النخبة من الولايات المتحدة وفرنسا وبلجيكا وألمانيا وإيطاليا لتدريب الكتائب الجديدة.

وفي ظل وجود مجموعة من الحلفاء الأثرياء، قاوم النيجيريون جماعة "بوكو حرام" في شرق البلاد، كما أحرزوا تقدماً في الغرب ضد تنظيمي "القاعدة" و"داعش".

وقال قائد قوات العمليات الخاصة الأميركية في إفريقيا لـ"وول ستريت جورنال": "لا أجزم أنني سأطلق عليهم منتصرين، ولكنني بالتأكيد أقول إنهم ثابتون".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى