كيف قلب الرئيس الصومالي الموقف لصالحه ضد حركة الشباب

> مقديشو "الأيام" العرب

> ​يبدو أن حركة الشباب التابعة لتنظيم القاعدة بدأت تلفظ أنفاسها الأخيرة عقب نجاح الإستراتيجية التي يتبعها الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في تقويض الكثير من ركائزها المادية والمعنوية، في الداخل والخارج، مع توالي الضربات الموجعة التي تلقتها، وتؤكد أنها أصبحت تعاني من خلل في رؤيتها وارتباك في تحركاتها.

وأعلنت مقديشو مقتل قائد عمليات تنظيم داعش فرع الصومال أبوالبراء الأماني الذي يحمل الجنسية الإثيوبية في مواجهات مسلحة بولاية بونتلان شرقي البلاد، والذي عيّن في هذا المنصب في يوليو عام 2021، ولعب دورا كبيرا في ضم عدد من الإثيوبيين إلى التنظيم.

ويشير الوصول إلى رؤوس كبيرة في الحركة إلى تصاعد مستوى الضعف في الحلقات المختلفة داخلها ويعزز ما تردد حول نشاط الاختراقات الأمنية أخيرا، ويدعم خطة الرئيس حسن شيخ محمود التي اعتمدت على وسائل متنوعة، هدفها سد المنافذ الحيوية أمام تنظيم عمل دوما على توظيف الفوضى التي ضربت البلاد منذ سنوات.

وقامت الخطة الجديدة على محاور شاملة، تراوحت بين الفكري والأمني والاقتصادي والإعلامي والاجتماعي، والتعاون والتنسيق مع جهات في الخارج قامت بدور خطير في توفير مظلات متباينة لحركة الشباب ساعدتها على الصمود وتحقيق انتصارات على حكومات سابقة، ضمن صراع لتوازنات القوى الإقليمية والدولية نشط على أراضي الصومال الفترة الماضية، ما جعلها أسيرة لتحركات أمنية وسياسية غامضة.

ونجحت الحكومة الصومالية في الاستفادة من تجفيف المنابع الفكرية التي يعتمد عليها خطاب الشباب ومواجهته لوقف تغلغله في المجتمع، ولجأت إلى إسناد مهام كبيرة لقبائل مثلت ملاذا آمنا للحركة وانخرطت في مهمة محاربتها بدلا من إيواء عناصرها.

ومدت الحكومة حربها إلى تجميد الملايين من الدولارات في البنوك وتتبع المئات من الحسابات التي تتلقى من خلالها الحركة أموالا من جهات عديدة، فضلا عن إغلاق الكثير من الحسابات النشطة التي تعمل لصالح حركة الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك المراكز الإدارية والنوعية التي تستفيد منها، وتهديد كل من يقوم بتقديم الدعم لها.

وقالت أستاذة العلوم السياسية بمعهد الدراسات الأفريقية بالقاهرة هبة البشبيشي إن حركة الشباب والكثير من التنظيمات الإرهابية أخذت في الانحسار مؤخرا مع تراجع عناصر الإمداد والتموين التي كانت تحصل عليه في السابق من قوى مختلفة، وتأثرت سلبًا بالحرب الروسية – الأوكرانية وميل بعض الت للمشاركة فيها.

وأضافت في تصريح لـ”العرب” أن هذه الحرب امتصت جزءا مهما من فائض الأسلحة، وهو ما ظهرت تجلياته في الربع الأخير من العام الماضي في أفريقيا، حيث تراجعت معدلات العمليات الإرهابية التي نفّذتها التنظيمات الإرهابية، مثل حركة الشباب وجماعة بوكوحرام وتنظيم داعش، وتوابعها الحركية.

وتعاني حركة الشباب من مشكلات داخلية أثرت على قدرتها في التأثير مع اتساع نطاق الصراعات التي نشبت بين قادتها وتراجع عمليات القرصنة التي كانت ممولا رئيسيا لها، ولم تعد بذات الكفاءة العسكرية عندما امتلكت رادارات مراقبة السفن بمضيق باب المندب في مدخل البحر الأحمر، ما يفضي إلى انكماشها بالصومال.

وقال الرئيس حسن شيخ محمود أثناء تظاهرة شعبية مؤيدة له إن إرهابيي حركة الشباب يمرّون بمراحلهم الأخيرة في البلاد، داعيا إلى “توحيد الصفوف في الحرب ضدهم”، ومؤكدا أن الحكومة ملتزمة بإستراتيجية الحرب ضد الإرهابيين ومستمرة على ذات النهج حتى يتسنى طردهم.

وجاء اللقاء الجماهيري في وقت تواصل فيه القوات الحكومية بالتعاون مع مليشيات قبلية عمليات عسكرية ضد حركة الشباب قتلت فيها العديد من عناصر الحركة المتمردة واستعادت السيطرة على مناطق بعيدة.

ويخوض الصومال حربا ضد حركة الشباب المتطرفة التي تأسست مطلع عام 2004، وتبنّت عمليات إرهابية عدة في الصومال وبعض دول الجوار وأودت بحياة المئات.

وتحت وطأة ضربات قاسية تلقتها والتضييق العام الذي تواجهه الحركة رشحت معلومات حول تلميحات برغبتها في التفاوض سياسيا والتوصل إلى صيغة تقلل خسائرها.

وأوضح نائب وزير الدفاع الصومالي عبدالفتاح قاسم قبل أيام أن قوات الجيش حققت انتصارات كبيرة في العمليات الأخيرة واستعادت مناطق شاسعة من قبضة الشباب، مشيرا إلى أنّ الحكومة تلقت إشعاراً من الحركة أعلنت فيه استعدادها الدخول في مفاوضات معها، قائلا “الحركة تريد التفاوض، بينما الحكومة الصومالية عازمة على تصفية البلاد من الإرهابيين.. باعتقادي لا شيء نتفاوض عليه معهم”.

وأبدت الحكومة استعداداها للتعامل الإيجابي مع كل من يستسلم لقواتها من المقاتلين الصوماليين المنتمين إلى حركة الشباب، وليس أمام الأجانب سوى الخروج من البلاد.

وكان الرئيس حسن شيخ محمود تعهد بعد انتخابه في مايو الماضي بشن حرب شاملة للقضاء على حركة الشباب، وأعلن عزمه على خوض حرب حقيقية ضد من وصفهم بـ”من لا تعرف قلوبهم الرحمة والذين يناصبون سلامنا العداء”.

وذكر الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية عمرو فاروق أن الإستراتيجية التي دشنها الرئيس حسن شيخ محمود استهدفت التعامل مع حركة الشباب والقضاء عليها عبر مسارات متوازية ومتباينة، بدأت تظهر نتائجها على الأرض ما يؤدي إلى تحجيم نفوذ حركة الشباب وليس القضاء عليها بشكل كامل لأن ذلك يحتاج إلى المزيد من الوقت.

وأشار في تصريح لـ”العرب” إلى أن الرئيس الصومالي شرع في تنفيذ المواجهة عقب توليه السلطة، ونجح في هدم جانب من البنى الأساسية في الحركة، وأولى اهتماماً بتدريب خمسة آلاف عنصر من الجيش على الآليات المتطورة لمكافحة الإرهاب، ما يفهم منه أن هناك محاصرة حقيقية للحركة وذيولها.

وتوقع عمر فاروق أن تمهد المصالحة أو التفاوض المحتمل بين حركة الشباب والحكومة الصومالية لقدر من التعايش داخل المجتمع القبلي، والسماح لها بدور سياسي محدود إذا نجحت الدولة في نزع سلاحها بالكامل.

ووجه الجيش الصومالي ضربات موجعة للحركة ونجح في تحرير بعض المناطق التي كانت تسيطر عليها في الوسط والجنوب، لكن حركة الشباب لم تستلم تماما بعد، وتقوم بتنفيذ عمليات إرهابية من وقت إلى آخر لتعلن أنها لا تزال مؤثرة في المشهد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى