وديعة المليار دولار السعودية لن تخرج اليمن من أزمته الاقتصادية؟!

> د. يوسف سعيد أحمد

> لقد ذهب مؤخرا بعض الاقتصاديين إلى إطلاق تحذير من إفلاس الدولة اليمنية ممثلا بدولة الشرعية، لكن من الأحرى أن نعرف ماذا يعني إفلاس الدول؟

ليس من السهل إعلان دولة في الظروف الاقتصادية المعاصرة الإفلاس، وأبرز مثال على ذلك دولة لبنان، فعلى الرغم عجز الدولة اللبنانية من دفع ديونها الخارجية وعبء هذه الديون لم تعلن هذه الدولة الإفلاس بل سارعت لإجراء مفاوضات مع صندوق النقد الدولي رغم الصعوبات والمحددات بهدف إصلاح موازينها الاقتصادية ومؤشراتها الاقتصادية الكلية.

لكن: الإفلاس يعني ما يعنيه عدم قدرة الدولة على دفع قروضها الخارجية وعبء هذه القروض وعندما تصل الدولة إلى هذا الوضع تعلن إفلاسها أو توصف بأنها دولة مفلسة، وفي هذا السياق عملت حكومة الشرعية على دفع ديونها الخارجية بالرغم من الحرب والأزمة الاقتصادية كما عقدت اتفاقيات مع بعض الدول المقرضة لتأجيل سداد الدين مثل اليابان ودول أخرى من تلك التي وافقت دولها على تأجيل سداد ديون الدولة اليمنية وأكبر الدول والجهات الدائنة لليمن هي المملكة السعودية وروسيا والصندوق العربي والبنك الإسلامي هذا عدا إلى مؤسستي الصندوق والبنك الدوليين.

لكن من نظرة أولية فأن حجم الدين الخارجي نسبة إلى الناتج المحلي الاجمالي في اليمن هو في الحدود الطبيعية الآمنة فهو لا يزيد عن 40 % من قيمة الناتج المحلي الإجمالي وبإمكان الدولة الاستمرار في خدمة الدين الخارجي بافتراض تعافي الاقتصاد اليمني وعودة إنتاج وتصدير النفط من حقول حضرموت وشبوة وعودة الاستقرار إلى اليمن.

الجدير بالقول، إنه في ظروف الدول التي تعيش حالة حرب أهلية أو غير أهلية كسوريا واليمن لا يوجد خيط رفيع بين إفلاس الدولة وواقع الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعيشها المتولدة عن الحرب.

ولهذا طرح مسألة إفلاس الدولة في سياق مفهوم الإفلاس الاقتصادي غير وارد من الناحية الموضوعية وليس ذات أهمية من المنظور السياسي والاقتصادي لأن الدول التي تعيش أوضاع الحرب هي في حقيقة الأمر ينطبق عليها إلى حد كبير وضع الدولة الفاشلة من نواحي عديدة، كما أن الدول والمؤسسات الإقليمية والدولية الدائنة تدرك طبيعة تداعيات الحرب على أكثر من صعيد والتي تؤثر على كل المؤشرات الاقتصادية الكلية بما في ذلك حالة ميزان المعاملات الخارجية للدولة.

وديعة المليار دولار لن تخرج اليمن من أزمته الاقتصادية؟ أنا هنا أود التأكيد على تصريح محافظ البنك المركزي عشيت التوقيع على الوديعة السعودية التي طال أمد التحاور بشأنها والمقدرة بمليار دولار، وهي عمليا تنطبق عليها شروط القرض وليس المنحة، والذي قال فيه إن الوديعة أو بالأحرى القرض لن تخرج اليمن من الكارثة الاقتصادية ولكنها سوف تساعد على تعزيز الاحتياطيات الخارجية للبنك المركزي وستمكنه من الحفاظ على استقرار سعر الصرف ومواصلة تأمين حاجة اليمن للاستيراد والوفاء برواتب موظفي الدولة من خلال مواصلة عملية سحب فائض السيولة إلى حين، وهذا شيء طبيعي.

لأن مواجهة الأزمة الاقتصادية في اليمن يتطلب استئناف تصدير النفط والبدء في تصدير الغاز بعد أن يجري إعادة النظر في اتفاقية بيع الغاز المسال التي منحت شركة توتال الفرنسية وشركاؤها الغاز اليمني دون مقابل تقريبا.

وكل هذا عدا عن تحصيل الموارد السيادية الضريبية والجمركية إلى حساب الحكومة في البنك المركزي والعمل على إنجاز إصلاحات اقتصادية حقيقية لا تحتسب فقط الأثر المالي للإصلاح ولكن تؤخذ بعين الاعتبار الأثر الاقتصادي والاجتماعي وخلق مثل هذه الظروف وإنجاز مثل هذه الشروط تستلزم الدخول في هدنة طويلة تؤمن الوصول إلى اتفاقية سلام تنهي الحرب في اليمن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى