الوديعة وصلت

>
هكذا انتشر خبر وصول الوديعة السعودية للبنك المركزي عدن، بعد طول انتظار وترقب، معيار وصولها يستشفه الناس من قدرتها على إحداث تغيير في سوق صرف العملات، ناهيك عن تطلعات أخرى واسعة ترتبط بها، إلا أن موشراتها الأولية بدت مخيبة للآمال، فهي لم تحدث بعد أي تبدل في سعر الصرف ولو نسبيا، كما كان الحال مع الودائع السابقة. ربما لأنها أتت متاخرة جدا، في ظل واقع اقتصادي شديد التردي، وأحوال معيشية غاية في السوء. وضع بهذا القدر من المعاناة لعدد من السكان يزيد على ثلاثين مليون، ترتبط احتياجاتهم الحياتية بمتطلبات شتى، ناهيك عن الالتزمات التراكمية الغائبة للمرتبات وغياب معالجات ملفات خدمية كثيرة، بحاجة لمبالغ مالية كبيرة، إذا ما أُريد لها المعالجة. حجم الوديعة وفق كافة المعطيات لا يمكنها تلبية ذلك في ظل مشكلة الفساد والإهدار الذي  اعتدنا أن يذهب بجزء كبير من المبلغ المرصود، الذي جا ء في واقع ظروف لم يتغير منها شيء، بل في ظل تهديدات حوثية للموارد التي في مقدمتها النفط.

كل ما سلف معالجات يمكنها أن تكون مثل سابقاتها من حيث التاثير، أعني استمرار النفخ في قربة مثقوبة، لا يمكن أن يأتي بمعطيات جديدة. بمعنى أدق غياب المعالجات السياسية للوضع اليمني، عموما، هو جوهر كل المشكلات ويبقى الحال على هذا النحو. يعني استمرار المعالجات الترقيعية التي تبتلعها دوائر الفساد الماحق، ناهيك عن مستويات التعطيل التي تلجأ إليها مليشيات الحوثي، ما يجهض جهود الأشقاء في خلق توافقات وهدن تقود إلى مستوى أفضل.

لا نقلل من حجم ما يتم تخصيص من مال، ولكن منطق الأشياء يشير إلى وضع معقد جدا مع سوء نية بعض الأطراف في التعاطي مع مثل تلك المعالجات، من منظور أن فكرة ممارسة الحرب على الشق الاقتصادي تحقق ماتم العجز عن تحقيقه عسكريا، ومن أغرب معطيات الحرب في اليمن أنك كطرف في التحالف ملتزم بتسليم احتياجات الطرف الذي أنت في مواجهته عسكريا، الحال الذي خلق نمطا من معادلات صعبة ومركبة وعجيبة, كل ما سلف لايمكن حله إلا عبر روية سياسية عميقة تشمل كافة الأطراف، وتؤسس لاستقرار يمكن البناء عليه. عقد من الحرب -لاشك- خلق واقعا أكثر تعقيدا، وكلما طال أمد الحرب زادت حدة المشكلات الحياتية وتعاظم الفساد.

فهل نحلم بأن تخلق الوديعة السعودية والإماراتية حلولا ممكنة؟ ثم ماهو مجال أولوياتها هل في إصلاح الخدمات أو شراء الضروريات الحياتية من أغذية ونحوها.
الأرض العطشى المتشققة تبتلع رشفات الغيث بسرعة فائقة ولا ترى أثرا لذلك إلا إذا جادت السماء بسخاء المزن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى