مؤتمر الحوار العربي الإيراني يدعو إلى رفض التدخلات الأجنبية في شؤون المنطقة

> الدوحة "الأيام" القدس العربي:

> ​أجمع مسؤولون وخبراء يمثلون دولاً عربية مع نظرائهم من إيران في مؤتمر عقد في العاصمة القطرية الدوحة، على ضرورة التزام الحوار بما يضمن أمن واستقرار المنطقة وتجاوز مرحلة الخلافات وما نتج عنها من هدر للإمكانيات واصطفاف سمّم العلاقات بين شعوب المنطقة.

وأكد مشاركون في مؤتمر “الحوار العربي-الإيراني” الذي ينظمه مركز الجزيرة للدراسات، بالتعاون مع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية في إيران، على ضرورة خلق آليات بناءة للحوار وفق مبادئ وأسس الاحترام المتبادل وحسن الجوار وعدم التدخل بالشؤون الداخلية في الدول وحل النزاعات بالطرق السلمية.

وسجلت الدورة الثانية من المؤتمر مشاركة واسعة من صناع القرار والمفكرين والباحثين والخبراء في مجالات العلاقات الدولية، لمناقشة أبعاد الموضوع تحت عنوان رئيسي: “الأمن والاقتصاد والأزمات: مقاربات وحلول”.

وشارك في الجلسة الافتتاحية عدد من الوزراء والمسؤولين من قطر والخليج وإيران، وممثلي بعثات دبلوماسية، بحضور الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة الإعلامية، والدكتور مصطفى سواق مدير عام شبكة الجزيرة بالوكالة ونخبة من الخبراء والأكاديميين.

وقال الدكتور محمد بن عبد العزيز الخليفي، وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية: “إن دولة قطر مازالت تدعو إلى الدبلوماسية والحوار وسيلة مُثلى لحلحلة كافة المسائل بين الدول، وأصبحت مقصداً دولياً بفعل وساطاتها الناجحة وجهودها الحثيثة، لتقريب وجهات النظر وتوفير منصة موثوقة لكافة الأطراف الدولية”.

وأضاف وزير الدولة القطري، أن الجميع يتذكر دعوات دولة قطر المتكررة منذ ما يقارب العقد من الزمن، وعلى منصات الأمم المتحدة، إلى الحوار الشامل والهادف بين إيران ودول الخليج العربية لمعالجة كافة القضايا التي تمس أمن واستقرار المنطقة، إيماناً منها بوحدة المصير المشترك، وبما يحقق آمال وطموحات شعوب المنطقة في التنمية والازدهار.

وكشف الدكتور كمال خرازي رئيس المجلس الاستشاري للعلاقات الخارجية الإيراني ووزير الخارجية الإيراني السابق في حكومة محمد خاتمي، أن قطر وعمان لعبتا دوراً حيوياً في مفاوضات نووي إيران والمساهمة في دعم جهود الحوار بين طهران ودول غربية.

وانتقد رئيس الدبلوماسية الإيراني السابق التدخل الأمريكي في شؤون المنطقة مع ما وصفه محاولاتها “نشر التطرف الديني في العراق وسوريا”.

وأضاف كمال خرازي في كلمته في مؤتمر الجزيرة، أن قادة المنطقة أثبتوا ذكاء في انتهاج سياسة تعدد المحاور مع الصين، مع توجيه دعوة للتفكير في مستوى أعلى من التعاون، وتسوية الخلافات عبر الحوار، مستشهداً بما فرضته حرب أوكرانيا من توحد جهود الدول الأوربية وهو ما وضع النظام الدولي في عهد نظام جديد.

وأشار خرازي في كلمته بالمؤتمر أنه “لا يمكن لإيران والسعودية استبعاد أحدهما الآخر، مؤكداً أن “العالم ينتقل حالياً إلى نظام جديد”، مردفاً: “على الرغم من أنه لا يزال من غير الممكن إصدار حكم صارم حول خصائص هذا النظام الجديد، فمن المؤكد أن التكتلات الإقليمية سيكون لها مكانة خاصة في النظام العالمي الجديد، وستكون ضمن الفاعلين واللاعبين الرئيسيين في هذا النظام بناء على القوة والقدرة والوحدة ومدى الاستقلالية التي تظهرها”.

وقال خرازي الذي تبوأ منصب وزير الخارجية في حكومة الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي، ما تحتاجه المنطقة لتكون قوية، الحد من التوتر من خلال الحوار والتواصل، وتعاون إقليمي لتوفير الأمن والرفاه للمنطقة.

واقترح رئيس المجلس الاستشاري للعلاقات الخارجية الإيراني توحيد دول المنطقة جهودها لخلق آلية أمنية إقليمية من دون مشاركة الأجانب، وأسماها “خطة هرمز”، معتبراً أن ضمان الأمن في الخليج مسألة مشتركة لاستقرار المنطقة بما في ذلك أمن الخطوط الملاحية.
من جانبه اعتبر الدكتور عبد العزيز العويشق الأمين العام المساعد للشؤون السياسية والمفاوضات في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، إن إيران لديها الكثير من المعطيات والموارد والشباب الواعد والباحثين من أجل تحقيق نمو اقتصادي في المنطقة بالشراكة مع جيرانها، مما يتطلب الثقة ومعالجة العقبات”.

ولفت إلى أن الشعبين العربي والإيراني يتطلعان إلى أن يسود الأمن والاستقرار في الخليج والمنطقة العربية وأن تستعيد العلاقات العربية والإيرانية عمقها الإنساني. وأوضح المسؤول الخليجي “أن هناك العديد من القضايا المختلف عليها، ولكن في المقابل هناك مصالح مشتركة اقتصادية واستراتيجية في ضوء الأواصر التاريخية والمشتركات الثقافية لحل الخلافات وإدارة ما نختلف عليه بالطرق السياسية والدبلوماسية”. وقال: “إن أمن الخليج جزء لا يتجزأ من الأمن العربي وأمن الدول العربية كافة”.

وأكد الدكتور عادل عبد المهدي رئيس مجلس الوزراء العراقي السابق أن دول المنطقة فرضت عليها خرائط تخدم مصالح المستعمرين، وشدد على ضرورة “إفشال محاولات زرع الفرقة بين الدول العربية وإيران”.

وقال محمد المختار الخليل رئيس مركز الجزيرة للدراسات في كلمة خلال المؤتمر إن “الغاية من المؤتمر تكمن بتحقيق هدفين، يرتبطان باستماع العرب والإيرانيين إلى أنفسهم من أنفسهم بشكل مباشر، ويقومان بإدارة حوارهم من تلقاء نفسهم”.

وأعرب المختار عن أمله بأن يكون مؤتمر الجزيرة، إصلاحي وحواري توفيقي، لاسيما أن الجغرافيا السياسية تؤكد أنه “لا تستطيع اختيار جارك ولكن بالإمكان اختيار حسن العلاقة معه”، فمهما كانت الخلافات والحروب لابد أن تنتهي بالحوار”.
ويستعرض المتحدثون في جلسات المؤتمر المغلقة، أوضاع “الأمن الاقتصادي” في المنطقة وما يتعرَّض له من تهديدات بسبب الانقسام الجيوسياسي والاقتصادي المتنامي بين القوى الكبرى، والذي تصاعد بدرجات ملحوظة منذ بدء الحرب الروسية-الأوكرانية قبل عام ونيِّف. وفي هذا السياق، يبحث المشاركون سبل تعزيز التعاون الاقتصادي سبيلًا لتحقيق الأمن بين الجانبين.

ومن قضايا الأمن والاقتصاد تنتقل جلسات الحوار العربي-الإيراني إلى السياسة وملفاتها، فتفرد مساحات من النقاش للحديث عن المقاربات التي من شأنها الإسهام في إيجاد حلول للعديد من الأزمات والتحديات التي تواجه اليمن وسوريا والعراق وفلسطين، فضلًا عن الأسئلة التي يثيرها الملف النووي الإيراني، لاسيما المتعلق منها بتداعياته على أمن واستقرار الخليج والشرق الأوسط.

وتأتي الدورة الثانية من “الحوار العربي-الإيراني” بعد نحو شهرين من التقارب السعودي-الإيراني، والذي تكلل بإعلان الطرفين عن قرب عودة العلاقات الدبلوماسية بينهما، وما رافق ذلك من أجواء تفاؤل أنعشت الآمال بإمكانية انعكاس هذا التقارب على العديد من قضايا وأزمات المنطقة.

وكانت الدورة الأولى من “الحوار العربي-الإيراني” انعقدت في العاصمة القطرية، الدوحة، العام الماضي، بمشاركة نخبة من الخبراء والسياسيين من الجانبين، وتركزت نقاشاتها على استكشاف نقاط الاختلاف وأوجه الاتفاق بين الطرفين، واستماع كل طرف لما يراه الطرف الآخر تهديدًا لأمنه وزعزعة لاستقراره، ودور ومسؤولية كلٍّ منهما في ذلك، فضلًا عن استعراضها للمقاربات التي من شأنها تهدئة المخاوف وبناء الثقة بين الجانبين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى