الإمارات تكشف عن إستراتيجية شاملة للعلاقة مع إثيوبيا

> أديس أبابا/القاهرة "الأيام" العرب:

> ​أشاع التدخل الشخصي للرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بموضوع سد النهضة أجواء من الارتياح في مصر بالتوصل إلى حل، في ظل العلاقات القوية اقتصاديا ودبلوماسيا بين الإمارات وإثيوبيا بما يسمح لأبوظبي بالتوصل إلى اتفاق إستراتيجي شامل يضمن للمصريين حقوقهم.

وكشفت زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى أديس أبابا، والحفاوة الكبيرة التي قوبل بها هناك، عن إستراتيجية شاملة للعلاقة بين الإمارات وإثيوبيا، وهو ما عبّرت عنه الاتفاقيات التي تم التوصل إليها وشملت مختلف المجالات.

وتأتي زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى إثيوبيا ضمن مقاربة إماراتية تراهن على بناء علاقات إستراتيجية في منطقة القرن الأفريقي ذات الأهمية الكبرى عالميا، والتي لها تأثيرها على أمن الشرق الأوسط وخاصة أمن الخليج.

وقال الشيخ محمد بن زايد خلال لقائه برئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إن إثيوبيا تحظى بأهمية خاصة لدى دولة الإمارات في إطار توجهها الإستراتيجي لتعزيز العلاقات مع أفريقيا في المجالات التنموية خاصة أنها تستضيف مقر منظمة الوحدة الأفريقية، ولها ثقل كبير في القارة. كما أن لها دورا مهما وأساسيا في معادلة الأمن الإقليمي في شرق أفريقيا والقرن الأفريقي.

لكن الحرب في إثيوبيا ومخلفات أزمة الجائحة قد عطلا المراهنة الإماراتية الكبيرة على إثيوبيا كشريك إستراتيجي خلال السنوات الماضية، قبل أن تأتي الزيارة الجديدة للشيخ محمد بن زايد لتحيي تلك الشراكة ضمن إستراتيجية شاملة اقتصاديا وأمنيا.

وكانت إثيوبيا قد أعلنت في 2018 عن التزام الإمارات بضخ 3 مليارات دولار في الاقتصاد المحلي، حيث ستوجه مليار دولار كوديعة في البنك المركزي، وملياري دولار كاستثمارات مباشرة تتركز في مجالات الزراعة.

وتستبق مجالات الإساءة للسمعة من الأطراف المتضررة من علاقة إستراتيجية شاملة مع حليف إثيوبي قوي سيكون الحليف الأفريقي الأول للإمارات، بمذكرة تفاهم بشأن معيار الإمارات للتسليم الجيد للذهب الذي سبق وأن استخدم للإيحاء بوجود نشاطات سرية. لكن الاتفاقيات المتعددة والمتنوعة تأتي لتكذيب هذه الإساءات.

ووقع الطرفان مذكرة تفاهم في المجال الأمني تعنى بمكافحة الإرهاب، ووقّعها من الجانب الإماراتي علي بن حماد الشامسي الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن الوطني، ومن الجانب الإثيوبي تمسغن ترونه مدير عام جهاز الأمن والمخابرات الوطني.

كما شملت مجالات التعاون في مجال الصناعة والبنوك والتكنولوجيا المتقدمة وإعلان مشترك بين دولة الإمارات وإثيوبيا للتعاون في مجال العمل المناخي.

وكان لافتا أن الشيخ محمد بن زايد حضر انطلاق فعاليات “معرض المياه والطاقة” في العاصمة أديس أبابا، وذلك لما يحمله هذا الحضور من دلالة رمزية على اهتمام الإمارات بموضوع سد النهضة، وسعي الشيخ محمد بن زايد الشخصي إلى توقيع اتفاق إستراتيجي شامل يفضي إلى حل نهائي للخلاف بين مصر وإثيوبيا.

ومن شأن التوصل إلى اتفاق بهذا الحجم أن يكون عنصرا داعما للشراكة الإستراتيجية بأبعادها المختلفة بين الإمارات وإثيوبيا. وهذه الشراكة، مثلما تحتاج إلى الاستثمارات والاتفاقيات المتنوعة، فهي تحتاج إلى الاستقرار الإقليمي الذي يمكنها من أن تكون نموذجا لشراكات أوسع.

وأشاع حديث الشيخ محمد بن زايد عن ملف سد النهضة أجواء من الارتياح في القاهرة، لأن دخوله على خط الأزمة يعني أن لديه حلولا توفيقية منتجة تحافظ على حقوق مصر المائية، ولا تضر بمصالح إثيوبيا التنموية.

وقالت مصادر مصرية إن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لديه ثقة كبيرة بالنتائج التي سيفضي إليها تدخل الشيخ محمد بن زايد الشخصي في ملف السد، خاصة أن الإمارات تحولت إلى لاعب مؤثر في مختلف الملفات الإقليمية والدولية، وإن أيّ دور تقوم به يكون مسنودا بوزنها الدبلوماسي والاقتصادي والمالي، وهو الوزن الذي سينجح في ترجيح توصلها إلى اتفاق شامل وتحقيق ما فشل فيه غيرها، خاصة أن علاقات اقتصادية واستثمارية كبيرة تجمعها مع أديس أبابا.

ويراهن المصريون أن يفضي تدخل الشيخ محمد بن زايد في التوصل إلى اتفاق شامل مع إثيوبيا ينهي النزاع بلا عودة إلى لعبة مناقشة التفاصيل الصغيرة والكبيرة وترك الخلاف إلى وسائل الإعلام الرسمية لتصب فيه الزيت على النار باستمرار. ولأجل ذلك من الضروري حل الإشكال بصيغة تكفلها الإمارات على مستوى العلاقة بين الزعماء وضمن إطار الاتفاقات الدولية، بما يجعلها مرجعا ملزما في تقييم الخطوات التي يلجأ إليها أيّ طرف.

وقال نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية السفير صلاح حليمة إن الإمارات بما تملكه من استثمارات مهمة في مجالات الزراعة والصناعة والثروة الحيوانية في إثيوبيا تملك قدرة على إحداث حلحلة إيجابية في ملف سد النهضة، وتجاوز حالة الجمود التي تسيطر على المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا.

وأوضح حليمة في تصريح لـ”العرب” أن دولة الإمارات استضافت محادثات غير مباشرة بين الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان) وحققت نجاحات متفاوتة، وهي قادرة الآن على أن تواصل جهود الوساطة التي لن تنتهي إلا بالتوصل إلى اتفاق واضح.

ويعرف المصريون أن الحرص الإماراتي على الاستثمار في إثيوبيا لن يصطدم يوما بالموقف المصري في ملف السدّ، ذلك أن الإمارات وقفت وما تزال إلى جانب مصر من الباب الكبير، ولا يمكن أن يكون دورها إلا ضمن هذا الالتزام التاريخي منذ عهد الشيخ زايد.

وأشار أستاذ الموارد المائية بكلية الدراسات الأفريقية في جامعة القاهرة عباس شراقي إلى أن مصر تنتظر دورا مهما للإمارات في ملف سد النهضة، بما يدفع التفاهمات المتفق عليها بين الرئيس المصري ورئيس وزراء إثيوبيا في القاهرة منذ حوالي شهر بشأن التوصل إلى اتفاق في غضون أربعة أشهر للانعقاد دون تأخير.

وما يعطي دفعا قويا للوساطة الإماراتية بين إثيوبيا ومصر أن أبوظبي سبق أن توسّطت في ملف أكثر تعقيدا، ونجحت في التوصل إلى اتفاق للمصالحة بين إثيوبيا وإريتريا في 2019 في قمة بالعاصمة الإماراتية.

وقال الشيخ محمد بن زايد وقتها إن الإمارات “تدعم كل جهد أو تحرّك يستهدف تحقيق السلام والأمن والاستقرار في أيّ بقعة بالعالم من منطلق إيمانها بأن تحقيق السلام والأمن هو المدخل الأساسي لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة لجميع شعوب العالم”.


> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى