بائعات القات.. نساء يحققن الاستقلال المادي ومتطلبات المعيشة

> مرام السروري

> تجلس جليلة، 40 عامًا، في سوق قات بصنعاء، ما يقارب خمس ساعات كل يوم، لبيع نبتة القات للعشرات من الزبائن. تبدو شجاعة عندما تتحدث مع المشترين من الرجال، وتتفاوض معهم بِشأن أسعار أكياس القات بكل ثقة.

لم يعد بيع القات حكرًا على الرجال في اليمن، بل ظهرت العديد من النساء في الأسواق بصنعاء وغيرها من المحافظات الشمالية في اليمن، وتقول بائعات القات إن هذه المهنة حققت لهن دخلًا مستقرًا، واستطعن من خلالها توفير متطلبات الحياة لهن ولأطفالهن.

تشير بعض الدراسات إلى أن قرابة 90 ٪ من الرجال اليمنيين، و73 % من النساء، و20 % من الأطفال دون سن 12 عامًا، يمضغون القات يوميًا. وتعمل في زراعة القات وبيعه الآلاف من الأسر، لا سيما في مناطق شمالي اليمن، وتعتمد عليه لتحقيق عائد مادي طوال العام.

تقول جليلة: "بيع القات مهنة مربحة. أنا أمتلك سيارة صغيرة ومنزلًا. وهذه الممتلكات حصلت عليها من العمل في بيع القات. لا ننكر أن العمل في بيع القات يعطينا مكاسب مادية، ولولا ذلك لما أتينا لبيعه".

تضيف أن بيع القات يكون مربحًا في أشهر محددة من السنة، وعندما يكون هناك زيادة في العرض وتراجع الطلب، تقل الأرباح المادية، وقد لا تربح جليلة شيئًا، بخاصة في بعض أيام فصل الصيف.

بحسب دراسة حكومية سابقة، فإنّ الإنفاق على شراء القات يأتي في المرتبة الثانية بعد الإنفاق على الحبوب في المناطق الريفية، ويصل عدد المحافظات التي يُزرع فيها القات إلى 18 محافظة من إجمالي 21 محافظة يمنية.

نساء يقمن بدور الرجال

تشير تقارير دولية إلى ارتفاع مستوى البطالة في اليمن إلى نحو 60 %، وهي النسبة الأعلى في المنطقة العربية. في ظل فقدان الرجال آلاف الوظائف، أو تعرضهم للموت بسبب الحرب التي نشبت عام 2015، تتحمل المرأة عناء البحث عن عمل.

زينب، 30 عامًا، ربة منزل في صنعاء، تقول إن العديد من الرجال لا يشعرون بالمسؤولية تجاه أسرهم، وهذا الأمر يدفع النساء إلى التوجه إلى البحث عن عمل لكسب لقمة العيش.

تضيف:"بعض الرجال ينامون في البيوت وقت الصباح، ويقضون معظم الساعات بعد الظهر مع الأصدقاء، يمضغون القات، والمرأة هي التي تتعب في البيت والزراعة والسوق. فالرجال عندما يتجاهلون مسؤولياتهم أو عندما لا يجدون أعمالًا، يعتقدون أن المرأة قادرة على فعل كل شيء، وبهذا يتسببون بمعاناة قاسية للنساء".

حنين، بائعة قات في صنعاء، تقول إنها اضطرت إلى الدخول في بيع القات بعد أن توفي زوجها قبل سنوات، وهي اليوم المسؤول الأول عن أطفالها. وتضيف حنين : "زوجي متوفى ولي أبناء وبنات ملتحقون بالمدارس، وأختي مطلقة ولها أبناء صغار من زوجها السابق، وأبي كبير في السن، وأنا أقوم بالإنفاق عليهم".

تشرح طبيعة عملها، وتقول: "نشتري القات من أهل القرية، ونذهب إلى المدينة لبيعه، وعندما يكون لدي قات في أرضي، أقوم بقطفه، ونقله إلى المدينة، وأبيعه هناك".

توضح حنين أنها غالبًا تكسب مبالغ جيدة من عملها في بيع القات، وتتعرض للخسارة نادرًا. وترى أن مهنة بيع القات مناسبة لها، ولن تتركها، لأن هذا العمل يعطيها الشعور بالاستقلالية المادية والاعتماد على النفس.

لا يُعد بيع القات مهنة يسيرة، بحسب حنين، إذ تقول: "نواجه متاعب عدة في هذا العمل. نقطف القات ليلًا، ونسهر إلى الفجر لنسافر إلى المدينة لبيعه، وبعد أن نعود إلى البيت أو القرية، ونحن متعبون، نواصل عملنا رغم هذا التعب". تستغرب حنين من بعض أفراد المجتمع الذين يحاولون الإساءة إلى بائعات القات أو مضايقتهن، وتؤكد أن العمل يجعلها تشعر بالفخر والاعتزاز.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى