ضحايا التهريب والعصابات.. مواجهات عرقيّة بين المهاجرين الإثيوبيّين في عدن

> علي محسن

> شهدت مدينة عدن في جنوب اليمن اشتباكات بين مهاجرين غير شرعيين من القرن الأفريقي امتدت لتشمل عددًا من مديريات عدن وبعض مناطق محافظة لحج القريبة من العاصمة، خلّفت قتلى وجرحى من الطرفين.

واستخدم المهاجرون غير الشرعيين خلال الاشتباكات الهراوات والأحجار والسكاكين، ما أدى إلى خسائر بشرية ومادية.


وتمكنت إدارة أمن عدن من فض الاشتباكات التي شكلت تهديدًا أمنيًا كبيرًا لسكان العاصمة. وفي بيان وزع على وسائل الإعلام، قالت إدارة أمن عدن إنها تمكنت من ضبط الأوضاع. وأوضحت أنها تمكنت من التدخل وفضّ الاشتباك بين مجموعات من حاملي الجنسية الإثيوبية في المديريات الشمالية من العاصمة الموقتة، "حفاظًا على الأرواح والسكينة العامة للمواطنين، وفق القواعد والإجراءات القانونية، بعدما اتخذت الاشتباكات منحى تصاعديًا وشهدت أعمال شغب تسببت بأضرار بالغة في الممتلكات الخاصة والعامة".

وأدت الاشتباكات بين قوميتي الأورومو والأمهرة الإثيوبيتين إلى مقتل ما لا يقل عن 3 أشخاص فيما جرح 7 آخرون، بحسب إحصاءات غير رسمية.

ضحايا بلدانهم

ويقول مدير إدارة حقوق الإنسان في إدارة أمن عدن العميد فضل عبد الله عبد الكريم لـ"النهار العربي"، إن هؤلاء المهاجرين هم ضحايا شبكات التهريب واستمرار الصراع في بلدانهم.

ويضيف أن "امتداد الصراع العرقي بين مهاجري إثيوبيا إلى عدن مؤشر خطير يستلزم اتخاذ عدد من الإجراءات، للحد من تكرار سيناريو المواجهة العرقية في عدن التي تحتضن آلاف النازحين الإثيوبيين".

وعن الأطراف التي يمكنها القيام بأدوار معينة للمساعدة في مواجهة هذه الأخطار، قال عبد الكريم إن "على المنظمات الدولية وإثيوبيا أيضًا مسؤولية كبيرة حيال هؤلاء النازحين، إذ يجب بناء مخيمات خاصة للإيواء وترتيب عودتهم، وخصوصًا أن اليمن يعاني حربًا مستمرة، وقد يُستخدم هؤلاء المهاجرون وقود حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل".


وأوضح أن "اليمن كان بالنسبة للاجئي القرن الأفريقي محطة عبور فقط لدول الخليج، خصوصًا إلى المملكة العربية السعودية، لكنها مع استمرار الحرب باتت تتشدد في منع أي تحرك على حدودها مع اليمن".

قضايا جنائية ومشاكل صحية

وعن الإجراءات القانونية وتداعيات هذه المعضلة يوضح عبد الكريم أن "ثمة قضايا جنائية سُجّلت ضد عدد من المهاجرين الأفارقة، إلى جانب الأمراض المنقولة من القرن الأفريقي إلى الداخل، بسبب قدوم هؤلاء من بيئة غير معروفة بالنسبة لنا، كما أنهم ليسوا خاضعين للرقابة الصحية قبل دخولهم لأنهم قدموا بطريقة غير شرعية".

ودعا إلى معالجة ظاهرة استمرار تدفق النازحين مع "وضع حلول للمهاجرين في عدن الذين باتوا ينامون على أرصفة الشوارع وبين أزقة المنازل، مشكّلين أكبر خطر يهدد المجتمع إذا عادت هذه التصفيات العرقية في ما بينهم".

وشكل صراع مهاجري القرن الأفريقي في عدن هاجسًا أمنيًا كبيرًا، يتمثل في استمرار تدفق الآلاف من المهاجرين إلى الأراضي اليمنية، وانتشارهم في شوارع المدن وأحيائها، فلا وجود لمخيمات إيواء، بسبب ضعف الإمكانات الحكومية واستمرار الأزمة الإنسانية اليمنية الأسوأ على مستوى العالم، وغياب دعم المنظمات الدولية المعنية.

وبحسب تقارير المنظمة الدولية للهجرة، فإن عدد المهاجرين الأفارقة الذين وصلوا إلى الأراضي اليمنية خلال النصف الأول من العام الجاري، تجاوز 77 ألف مهاجر، بزيادة قياسية تصل نسبتها إلى 321 % عن الفترة ذاتها من الأعوام الثلاثة الماضية.


ودعت المنظمة في بيان إلى ضمان "الحفاظ على حماية وكرامة وحقوق المهاجرين في جميع الأوقات" بصرف النظر عن كونهم مهاجرين أو جنسيتهم أو عرقهم أو جنسهم. وعزت الاحتجاجات والاشتباكات (إلى حد كبير) إلى شعور المهاجرين بالإحباط، لأنهم يعيشون في ظروف مزرية ويريدون العودة إلى بلدهم الأصلي.

أعداد هائلة وإمكانات محدودة

وتقول الناشطة المجتمعية لمياء راوح إن الصراع الذي بدأ بين عرقيتي المُهرة والأورومو في عدن يمثل تحديًا كبيرًا لأمن عدن، مع استمرار تدفق آلاف المهاجرين عن طريق البحر وسواحل اليمن الكبيرة.

تضيف راوح لـ"النهار العربي" أن ما يزيد العبء على الجهات الأمنية في اليمن عامةً وعدن على وجه الخصوص، هو أن هؤلاء المهاجرين منتشرون في جميع الأحياء، فيما المنظمات لا تقوم بواجباتها نحوهم.

وحذرت من استمرار تدفق المهاجرين العشوائي وغير المنظم، وقالت إنه يشكل كارثة إنسانية كبيرة، إذ أن أكثر من ثلثي اليمنيين يعيشون تحت خط الفقر.

وطالبت "الحكومة والمنظمات الدولية القيام بواجباتهما تجاه اللاجئين وتحمل المسؤولية، إذ أصبح المواطن يدفع ثمن تقصير الحكومة والمنظمات تجاه المهاجرين"، مشيرة إلى وجود آلاف منهم في الأحياء يفترشون الأرض.

أوسيل علي (28 عامًا) مهاجر إثيوبي من عرقية الأمهرة قال لـ"النهار العربي" إن "اليمن هو محطة عبور لنا نحو السعودية، لكنني عدت من الحدود بسبب منع سلطات المملكة عبورنا".

استغلال من المهرّبين


وأضاف: "تم استخدامنا في عمليات تهريب القات على حدود السعودية من قبل أشخاص يمنيين، وتعرضنا خلالها لإطلاق النار المباشر أكثر من مرة".

وطالب الجهات المعنية بـ"إعادتنا إلى بلادنا، إذ خاب رجاؤنا في الوصول إلى السعودية وتعرّضنا للابتزاز والتعذيب من المهربين".

ويستغرق المهاجر للوصول إلى اليمن شهرًا، بدءًا من إثيوبيا، مرورًا بميناء جيبوتي الصومالي، ومنه إلى السواحل اليمنية، في رحلة محفوفة بالمخاطر الكبرى. ثم تبدأ الرحلة الأخرى من الشريط الجنوبي للساحل اليمني الممتد من منطقة ذوباب إلى منطقة بئر علي بمحافظة شبوة، الذي يشهد يوميًا تدفق مئات المهاجرين الآتين من القرن الأفريقي لتنتظرهم رحلة عذاب أخرى تبدأ من تلك المناطق، مرورًا بعدد من المحافظات اليمنية الوعرة في سبيل الوصول إلى الحدود مع السعودية، وهي الوجهة التي يودون الاستقرار فيها بحثًا عن العمل.

"النهار العربي".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى