العرب: ردّ حوثي على استهداف الجنود البحرينيين لا يعكس روح تفاهم الرياض

> «الأيام» العرب:

> أتْبَعت جماعة الحوثي هجومها الدامي على تجمع للقوات البحرينية في جنوب المملكة العربية السعودية، بموقف سياسي صيغ بلغة متحدّية خالفت بشكل جذري روح التهدئة التي أرستها زيارة وفدها الأخيرة إلى الرياض في إطار المساعي الجارية لوضع حدّ للصراع في اليمن.

وفي رسالة مفادها أنّ النديّة هي أساس التعامل مع السعودية، قالت الجماعة على لسان متحدّثها محمّد عبدالسلام إنّ خروقات قوات التحالف الذي تقوده المملكة، للهدنة لم تتوقف وإنّ اثني عشر جنديا يمنيا (من قوات الحوثي) قتلوا خلال شهر واحد على الحدود معها.

وعَكَس هذا الردّ على سيل الإدانات، التي أعقبت هجوما حوثيا نُفذ الإثنين بطائرات مسيرة على قوات التحالف بالقرب من الحدود السعودية مع اليمن وأودى بحياة جنديين بحرينيين، المنظور العام الذي تنخرط وفقه الجماعة الموالية لإيران في المسار السلمي الذي لاحت مؤشرات على إمكانية تقدّمه.

ويقوم ذلك المنظور على اعتبار السعودية هي الطرف الساعي للسلام والباحث عن أقصر الطرق للخروج من الصراع اليمني بعد أن تبيّن عدم إمكانية حسمه عسكريا أو حتى تحقيق أي عوائد سياسية أو أمنية من وراء خوضه.

وسجّل مراقبون نبرة الانتصار التي غلبت على خطاب الحوثيين بالتوازي مع انفتاح قنوات التواصل المباشر مع السعودية بوساطة عمانية.

وعمدوا خلال الأيام الماضية إلى ترجمة ذلك الخطاب على أرض الواقع بتنظيم عرض عسكري ضخم في صنعاء عكس تطوّر ترسانتهم الحربية، في خطوة اعتبرها المراقبون رسالة إلى السعودية تفيد بأنّهم جاهزون لخيار مواصلة الحرب في حال لم يحصلوا على مطالبهم كاملة من المملكة، وبأنّهم أصبحوا بشكل نهائي يمثلون الدولة اليمنية ويتعيّن التعامل معهم على هذا الأساس في مرحلة الخروج من الحرب وما بعد الحرب.

وقال عبدالسلام لوكالة رويترز إن انتهاكات الهدنة “أمر مؤسف”، مضيفا “نشدد على أهمية الدخول في مرحلة السلام الجاد ‏وصولا إلى تثبيت الوضع العسكري بالكامل بحيث تتوقف الخروقات من جميع الأطراف وتتحقق متطلبات السلام الشامل والعادل”.

وقال جيش البحرين في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية في المملكة “جرى ذلك العمل الإرهابي الغادر بقيام الحوثيين بإرسال طائرات مسيرة هجومية على مواقع قوة الواجب البحرينية المرابطة بالحد الجنوبي على أرض المملكة العربية السعودية الشقيقة رغم وجود توقف للعمليات العسكرية بين أطراف الحرب في اليمن”.

ويخوض الحوثيون قتالا ضد التحالف العسكري الذي تقوده السعودية منذ عام 2015، في صراع أودى بحياة مئات الآلاف وجعل 80 في المئة من أهل اليمن يعتمدون على المساعدات الإنسانية.

ولم ترد أنباء عن قيام السعودية برد عسكري على الهجوم الحوثي، لكنّ الرياض أدانت بشدّة “الهجوم الغادر الذي تعرضت له قوة دفاع مملكة البحرين المرابطة على الحدود الجنوبية للمملكة، والذي أسفر عنه استشهاد عدد من جنودها البواسل وإصابة آخرين”.

ودعت في بيان صدر عن وزارة الخارجية إلى “وقف استمرار تدفق الأسلحة لميليشيا الحوثي الإرهابية ومنع تصديرها للداخل اليمني، وضمان عدم انتهاكها لقرارات الأمم المتحدة”.

ومن جهته أدان التحالف الذي تقوده السعودية الهجوم الحوثي وكشف أنّه جاء في أعقاب هجمات أخرى للجماعة على محطة توزيع للطاقة الكهربائية ومركز للشرطة قرب الحدود.

وقال العميد الركن تركي المالكي المتحدث باسم قوات التحالف إنّ “مثل هذه الأعمال العدائية والاستفزازية المتكررة لا تنسجم مع الجهود الإيجابية التي يتم بذلها سعيا لإنهاء الأزمة والوصول إلى حل سياسي شامل، وتؤكد قيادة القوات المشتركة للتحالف رفضها للاستفزازات المتكررة واحتفاظها بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين”.

وكسر الهجوم المذكور وتيرة التهدئة التي سادت اليمن طيلة سنة بعد اتفاق بين السعودية والحوثيين لم يتم تجديده ومع ذلك صمدت التهدئة في ظل اكتساب المفاوضات بين الطرفين زخما جديدا.

وفي وقت سابق من هذا الشهر اجتمع المسؤولون السعوديون والحوثيون لخمسة أيام في الرياض، ومن المقرر أن يجتمعوا مرة أخرى.

وتركز محادثات السلام إلى حدّ الآن على إعادة الفتح الكامل للموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون ومطار صنعاء ودفع رواتب الموظفين الحكوميين وجهود إعادة البناء ووضع جدول زمني لمغادرة القوات الأجنبية.

ومن شأن الهجوم الحوثي أن يمثل أصعب اختبار لمدى رغبة السعودية في الحفاظ على مسار السلام الذي بدأته وقطعت فيه بعض الخطوات، مدفوعة برغبة أعم في تبريد جميع الصراعات التي تشارك فيها بطرق مختلفة بما في ذلك صراعها ضدّ إيران.

ويستبعد مراقبون أن تمضي المملكة في ردّها العسكري على الحوثيين حدّ تقويض ما تم تحقيقه إلى حدّ الآن. ويرجّحون أن تستدعي الوساطة العمانية مجدّدا لإقناع الحوثيين الذين تربطهم علاقات جيدة مع مسقط بالكف عن الاستفزازات والحفاظ على التهدئة القائمة.

ويرى متابعون لتطورات الملف اليمني أنّ خطاب الحوثيين وتحرّكاتهم على الأرض يهدفان إلى تسليط الضغوط على السعودية بُغية تحقيق أقصى قدر ممكن من المكاسب خلال مفاوضات السلام التي تقول بعض المصادر إنها دخلت مرحلة متقدّمة وبدأت تتطرّق إلى بعض التفاصيل العملية بشأن وقف الحرب بشكل كامل.

ويعتبرون أنّ الجماعة التي نجحت في ممارسة سياسة طول النفس على مدار سنوات الحرب لا تنطلق في توجهها من فراغ بقدر ما تستثمر في ما أظهرته السعودية من رغبة في طي الملف اليمني تجلّت في مرونتها غير المعهودة مع الحوثيين الذين كان خطابها يصب في اتّجاه عدم إمكانية التعايش معهم باعتبارهم مجرّد وكلاء لغريمتها اللدود إيران.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى